“الأمور تسير بشكل ممتاز مع قطر”.. بهذه العبارة وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب لقاءه الأول مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مشيدا بجهود الأمير في الحفاظ على الوحدة الخليجية، وواصفا إياه بالصديق الرائع، كما قال إنهما يعملان “معا بشكل جيد”.
للمرة الثانية منذ بدء أزمة الخليج بحصار قطر منتصف العام 2017، يلتقي الشيخ تميم الرئيس ترامب غدا الثلاثاء في واشنطن، حيث كان اللقاء الأول في أبريل/نيسان 2018.
لقاء الثلاثاء يرى أهميته كثير من المراقبين، سواء على الجانب الأميركي أو القطري، باعتباره معززا للشراكة الإستراتيجية القائمة بين الولايات المتحدة وقطر، وباحثا دعم أوجه تطوير تلك الشراكة في مختلف المجالات، ومؤكدا لما وصفها الشيخ تميم في لقائه السابق مع ترامب بالعلاقات “القوية” التي تربط بين قطر والولايات المتحدة منذ أكثر من أربعين سنة، مشيرا إلى أهمية التعاون الاقتصادي والعسكري القائم بين البلدين.
كما يرى المراقبون أن هذا اللقاء يأتي ضمن إستراتيجية قطر، بعد نشوب أزمة الخليج بالحصار المفروض عليها، في توسيع علاقاتها بقوى دولية وإقامة تحالفات مع قوى إقليمية لها وزنها مثل تركيا وإيران، إلى جانب علاقاتها المميزة مع الولايات المتحدة في الوقت نفسه، لمواجهة الحصار، مما يدل على وجود إدارة ودبلوماسية واسعة الأفق وبعيدة النظر.
إضافة إلى ما سبق، يأتي لقاء الغد ليكون فرصة لتبادل الآراء حول أبرز المستجدات في المنطقة والعالم، بحسب ما جاء في وكالة الأنباء القطرية، إذ ستتضمن الزيارة لقاءات مع كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية وأعضاء بالكونغرس، إلى جانب توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم تتعلق بالدفاع والطاقة والاستثمار والنقل الجوي.
لقاء الثلاثاء وملفات عديدة
لا شك أن الأزمة الخليجية المفتعلة منذ أكثر من عامين، سيكون لها نصيب مهم من نقاشات الشيخ تميم مع ترامب، رغم الحياد الأميركي إزاء الأزمة منذ قيامها. ومع ذلك يرى الجانب الأميركي أهمية وضع حد للتوترات القائمة في المنطقة بين أعضاء دول مجلس التعاون، وأهمية وجود مجلس تعاون موحد وقوي لأجل مواجهة ما يحيط بالمنطقة من أخطار، وحماية المصالح الخليجية الأميركية المشتركة التي تأثرت بسبب الحصار المفروض على قطر من ثلاثي خليجي يدعمه نظام عربي من خارج المنطقة متمثل في نظام الحكم القائم في مصر.
الملف الآخر الذي سيبحثه الجانبان يتعلق بدور قطر الإقليمي وخبرتها في مبادرات إحلال السلام بين أطراف متنازعة، والجهد المؤثر من طرفها في تخفيف حدة التوترات بالمنطقة وبعض الجغرافيات المحيطة، والتقدير الأميركي لهذا الدور الذي يبدو واضحا وماثلا للعيان في الاجتماعات المستمرة التي قاربت أن تؤتي أكلها، بين الجانب الأميركي وحركة طالبان، من أجل الاتفاق على إنهاء كافة المسائل الخلافية بين الطرفين، وإنهاء حالة الحرب في أفغانستان وإحلال السلام وانسحاب القوات الأجنبية منها، وعلى رأسها القوات الأميركية.
علاوة على ذلك في هذا الملف، تثق واشنطن في إمكانية وقدرة قطر على أداء دور مهم لتخفيف حدة وحساسية الأزمة الراهنة بين الولايات المتحدة وإيران، بمعية أعضاء آخرين في المنطقة مثل سلطنة عمان، والخروج بتصور معين يرضي الطرفين، ويكون في الوقت ذاته مكسبا سياسيا لكل من ترامب والنظام الحاكم في طهران، وكلاهما يبحث عن مثل هذا المكسب، بصورة أو بأخرى.
ملف ثالث لا يقل أهمية عن سابقيه يتعلق بالاستثمارات القطرية في الولايات المتحدة، وهي من الملفات التي يحرص عليها الرئيس الأميركي في مفاوضاته مع دول وقوى عديدة بالعالم، فهي من أوراقه الرابحة في كسب المؤيدين، ويأمل من ورائها كسب الانتخابات الأميركية القادمة والفوز بولاية ثانية.
فالمتوقع أن يناقش الطرفان في لقاء الثلاثاء، تعزيز ودعم الاتفاقات المشتركة الموقعة بينهما في مجالات الغاز الطبيعي، واستثمارات جهاز قطر للاستثمار في المجال العقاري والبنية التحتية المقدرة بـ45 مليار دولار خلال خمس سنوات، وتحديدا من 2015 حتى 2020، بالإضافة إلى شراكات أخرى في مجالي النقل الجوي عبر التوسع في شبكة الخطوط الجوية القطرية داخل الولايات المتحدة، ومجالات اقتصادية أخرى عديدة.
كما سيبحث الجانبان كيفية تعزيز ملف رابع غاية في الأهمية، متمثل في الملف الأمني والعسكري بين الدولتين، الذي تعتبر قاعدة العديد وجها من وجوهه، خاصة بعد توقيع اتفاق بينهما على توسعة القاعدة بإجمالي إنفاق يصل إلى نحو 200 مليون دولار.
كما يعتبر الحوار الإستراتيجي بين الولايات المتحدة وقطر وجها آخر من وجوه هذا التعاون، وقد عقدت الجولة الأولى منه في فبراير/شباط الماضي، وهو ما يسهم في تنسيق جهود محاربة الإرهاب.
وفي هذا السياق، أوضح الشيخ تميم حين التقى قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال فوتيل في مقر القيادة بقاعدة ماكديل الجوية في ولاية فلوريدا العام الفائت، أن تعميق التعاون الإستراتيجي الثنائي العسكري والأمني ضروري من أجل مكافحة الاٍرهاب وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
المصدر : الجزيرة