هيمنت مساعي ردم الهوة في الميزان التجاري بين ماليزيا وباكستان وبناء علاقات تجارية تكاملية على مؤتمرين تجاريين عقدا تباعا في كوالالمبور برعاية كل من غرفة تجارة وصناعة العاصمة الباكستانية إسلام آباد ومدينة روالبندي.
وعقد المؤتمر الأول في 26 و27 يونيو/حزيران الماضي، وعقد المؤتمر الثاني في 8 و9 يوليو/تموز الجاري.
ويقول رئيس غرفة تجارة وصناعة العاصمة الباكستانية إسلام آباد أحمد حسن مغل إن رجال الأعمال الباكستانيين يتطلعون إلى توظيف التقارب السياسي الأخير مع ماليزيا اقتصاديا، وردم الهوة في الميزان التجاري الذي يقدر بثلاثة مليارات دولار، ويميل لصالح ماليزيا بما يزيد على مليار.
أما ماليزيا فتنظر إلى باكستان -التي يبلغ عدد سكانها نحو 200 مليون نسمة- على أنها فرصة استثمارية جديرة بالاهتمام، وهو ما عبر عنه رئيس الوزراء مهاتير محمد خلال كلمته في مؤتمر لغرفة تجارة وصناعة روالبندي أقيم في كوالالمبور، وأعلن عزم شركة بروتون الماليزية لصناعة السيارات فتح مصنع تجميع لسياراتها في باكستان.
ويقول السفير الماليزي في باكستان إكرام محمد إبراهيم للجزيرة نت إن بلاده كانت ثالث أكبر مستثمر أجنبي في باكستان في عامي 2017 و2018، وإن إستراتيجية بلاده للتجارة الخارجية تقوم على أساس التنوع والبحث عن أسواق جديدة، مضيفا أن باكستان إحدى الدول التي تحظى باهتمام اقتصادي كبير في ماليزيا.
ويتربع زيت النخيل والمطاط على رأس قائمة واردات باكستان من ماليزيا، وتعرض تلبية احتياجات كوالالمبور من المنتجات الزراعية التي لا تتوافر في الأجواء الاستوائية.
تسهيلات استثمارية
يرى خبراء اقتصاديون في ماليزيا مثل شان سعيد أن الموقع الإستراتيجي لباكستان أحد الحوافز المهمة للمستثمرين الآسيويين، وهو ما اكتشفته الصين مبكرا وساهمت في إقامة ممر اقتصادي عبر ميناء غوادر على بحر العرب، يضاف ذلك إلى توافر الموارد الطبيعية ورخص الأيدي العاملة، حيث يشكل الشباب نسبة 65% من السكان.
ويعتبر سعيد -في حديثه للجزيرة نت- إن كوالالمبور بوابة باكستان لدول منظمة آسيان، والتي يقول إن رجال الأعمال الباكستانيين أغفلوها سابقا، وبرأيه فإن الرغبة السياسية بتطوير العلاقات يمكن أن تكون حجر أساس لتطوير باكستان علاقاتها في دول آسيان والاستفادة من تجاربها.
بينما يؤكد رجل الأعمال الباكستاني أمير وحيد على أن حكومة عمران خان ملتزمة بتقديم تسهيلات مغرية للمستثمرين الأجانب، مثل الإعفاء الضريبي لمدة عشر سنوات، وإدخال جميع المعدات الصناعية بدون جمارك وتحويل جميع الأرباح دون قيود.
ويضيف وحيد أن هدف الحكومة من إقامة تسع مناطق اقتصادية هو تنمية القطاع الصناعي بالدرجة الأولى، كما تميزت باكستان بصناعات ذات جودة عالية مثل المعدات الطبية والرياضية، وتعرض الاستثمار في قطاع المناجم مثل النحاس والمرمر (الرخام) وغيرهما الكثير.
أما السفير الماليزي في باكستان إكرام محمد إبراهيم فيرى أن الأولوية قد تكون في الاستثمار بقطاع الخدمات، وذلك استفادة من خبرة ماليزيا في مجالات السياحة والاتصالات والطاقة.
القطاع العسكري
ويحظى القطاع الأمني والعسكري باهتمام خاص في إطار القطاع العام كما يؤكد العقيد المتقاعد عزيز أحمد خان، ويرى أن الصناعات العسكرية الباكستانية يمكنها ردم الهوة التجارية بين البلدين.
ويضيف خان في حديثه للجزيرة نت أن رئيس الوزراء مهاتير محمد أعرب عن اهتمامه بطائرة “جي إف 17 تندر”، وهي طائرة مقاتلة متعددة الأغراض طورت بتعاون صيني باكستاني، وأثبتت جدارتها في المواجهة الأخيرة مع الطيران الهندي في كشمير.
وتعرض باكستان منظومة معدات عسكرية جوية وبرية وبحرية يقول العقيد أحمد خان إن من شأنها المساهمة في مساعدة ماليزيا على تعزيز قدراتها في تأمين المنطقة، وبناء اقتصاد تكاملي مع باكستان.
وأشار السفير الماليزي في باكستان إلى سعي بلاده لاستكمال منظومتها الأمنية والعسكرية بما يخدم الأمن والاستقرار في جنوب شرقي آسيا، واعتبر أن المعدات الأمنية والعسكرية الباكستانية يمكنها المساهمة في سد ثغرات، وهو ما يسعى إليه الطرفان بما يساهم في تطوير العلاقات على مختلف المجالات.
تخطي العوائق
يرى خبراء اقتصاديون في البلدين الحاجة إلى تجاوز العوائق البيروقراطية التي غالبا ما تؤخر التعاون التجاري، وأعرب بعضهم عن أن إجراءات الفيزا المتبادلة ما زالت أحد العوائق، ويرون إمكانية تجاوز هذه العوائق من خلال تفعيل دور القطاع الخاص.
وشدد رئيس غرفة وتجارة مدينة روالبندي شاهد سليم على الحاجة إلى وضع معايير موحدة لصناعات الحلال، والاستفادة من الخبرات الماليزية في هذا المجال، واقترح إقامة هيئة حلال مشتركة لاعتماد شهادة الحلال والمعايير المتفق عليها وتضم جميع الدول الإسلامية.
ويعترف رجال أعمال في البلدين بضعف القدرة التنافسية مع اقتصاديات كبرى في المنطقة، ولا سيما ما يتعلق بالمنتجات الصينية والهندية، ويقول رجل الأعمال طارق زبير إن كثيرا من المنتجات الباكستانية الزراعية أو الصناعية قادرة على المنافسة بجودتها.
المصدر : الجزيرة