في السابع عشر من الشهر الحالي، أعلنت مديرية الأمن في أربيل، أن هجوما مسلحا وقع بمطعم في المدينة، وأسفر عن مقتل أحد العاملين بالقنصلية التركية، ومن جهتها، أكدت وزارة الخارجية التركية صحة الحادث.
وقال بيان للخارجية التركية، “إن أحد موظفي القنصلية تعرض لهجوم مسلح غادر أثناء وجوده خارج مبنى القنصلية في أربيل، بعد الظهيرة، ما أدى إلى استشهاده” .
من جانبه، أدان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الهجوم الذي استهدف الطاقم الدبلوماسي التركي في أربيل، وشجب أردوغان -في تغريدة على تويتر، ما وصفه بالهجوم الغادر الذي استهدف الموظفين بالقنصلية التركية في أربيل، ودعا بالرحمة للموظف التركي الذي قتل في الهجوم، وأكد أن التنسيق مستمر مع السلطات العراقية والمسؤولين المحليين في أربيل، للعثور على منفذي الهجوم.
المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، بدوره قال، إن أنقرة سترد كما يجب على منفذي هذا الهجوم الذي وصفه بالغادر، وأضاف ان البحث عن منفذي الهجوم بدأ بالفعل.
ويبدو أن الرد التركي العسكري لم يتأخر، فقد أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أن تركيا أطلقت الخميس الماضي “أوسع” عملية جوية ضد حزب العمال الكردستاني في العراق، وقال أكار: “عقب الهجوم في أربيل، وجهنا ضربة قاصمة لحزب العمال الكردستاني، عبر أوسع عملية جوية بجبال قنديل”.
وخلال العملية التي انطلقت الخميس، دمر الجيش التركي ملاجئ وكهوفًا للحزب، بحسب ما أوضح أكار.
وقصفت الطائرات الحربية التركية مساء اليوم الخميس، مواقع في قرية سبيندار التابعة لناحية جمانكي في قضاء آميدي “العمادية” بمحافظة دهوك بالصواريخ، ما أسفر عن جرح عدد من المواطنين، ما دفع أهالي القرية إلى احتجاز (3) من مسلحي حزب العمال الكردستاني المختبئين في القرية.
ووفقًا لتقارير إخبارية، فقد كانت الطائرات التركية تلاحق سيارة لمسلحي العمال الكردستاني، حيث اختبأ المسلحون في قرية سبيندار، ما دفع الطيران التركي إلى قصف مواقع قريبة من اختبائهم، ما أسفر عن جرح عدد من المواطنين، وعلى إثر ذلك، قام أهالي القرية باحتجاز ثلاثة من مسلحي حزب العمال الكردستاني ممن كانوا ضمن السيارة، والذين جرى قصف القرية بسببهم.
ومن جانبها، أعربت حكومة إقليم كردستان، عن استيائها وقلقها العميقين، بسبب سقوط ضحايا مدنيين في القصف التركي على مناطق داخل أراضي الإقليم، داعية حزب العمال الكردستاني إلى الابتعاد عن القرى والمناطق السكنية.
منذ عقود تدار حربًا بين الحكومات التركية المتعاقبة وحزب العمال الكردستاني، ويبدو أن هذه الحرب مع اغتيال نائب القنصل التركي في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، بدأت تأخذ منحنى جديدًا باستهداف المسؤولين الأتراك خارج تركيا، وهذا أمر خطير جدا، فعلى حزب العمال الكردستناني، أن لا يزج إقليم كردستان بشكل خاص والعراق بشكل عام في حربه ضد تركيا، لأن المتضرر الأول من القصف التركي على القرى العراقية في إقليم كردستان العراق هو المواطن العراقي الذي يدفع “فاتورة” هذا القصف، والدليل على ذلك، فما ان بدأ القصف التركي على عناصر حزب العمال الكردستاني، لجأ هؤلاء إلى بيوت المواطنين لحماية أنفسهم من ذلك القصف.
وعلى الجانب التركي، أن لا يتخذ من اغتيال نائب القنصل التركي في أربيل ذريعة لتصفية حساباته مع حزب العمال الكردستاني على الأراضي العراقية، لأن في ذلك انتهاك صريح لسيادة الدولة العراقية، وفي المقابل، فإن الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان في أربيل، ترفضان تماما أي اعتداء على الشخصيات الدبلوماسية في العراق، لأن ذلك قد يرسل برسالة سلبية عن العراق للعالم، مفادها عدم قدرته في الحفاظ على سلامة البعثات الدبلوماسية ومنتسبيها.
ولمعالجة هذه الأزمة قبل أن تأخذ أبعادًا جديدة، يجب تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي بين العراق وحكومة إقليم كردستان وتركيا، فبتحقيق هذا الأمن سيتحقق الاستقرار، وفي ظل تشابك العلاقات المعقدة بين مختلف بلدان العالم اليوم، من الصعب فصل الأمن الداخلي لأية دولة عن الظروف الإقليمية، وعن الأمن الإقليمي للمنطقة الجغرافية المجاورة لها.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية