شهد الخلاف بين صحيفة «الغارديان» البريطانية الشهيرة ورسام الكاريكاتور ستيف بيل تصاعداً بعد أن قام الأخير بكتابة رسالة غاضبة إلى إدارة الجريدة إثر رفضها نشر رسمة الكاريكاتور الأخيرة له بدعوى أنها قلقة من إمكان تعرضها لـ«تحديات قانونية» فيما يخص «اللاسامية».
يشير بيل في الرسالة التي سربها موقع «بزفيد» البريطاني إلى «محادثة هاتفية غريبة» يبدو أنه تلقاها من مسؤول الصحيفة حول لوحة الكارتون المذكورة للقول إن محامي «الغارديان» «قلقون من اللوحة التي تصور نائب رئيس حزب العمال توم واتسون على شكل مفتش عن الساحرات يشارك في «خطبة غير مقدسة حول السامية»، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وتتعلق الرسمة بالخلاف الحاصل بين واتسون وزعيم حزب العمال جيرمي كوربين، حيث ينتقد الأول كوربين بسوء التعامل مع الاتهامات الموجهة له وللحزب بخصوص «اللاسامية».
إلى الدلالات السياسية الكثيرة التي تحفل بها، فإن رسالة الرسام تقدم تساؤلات يمكن تطبيقها لا على «الغارديان» فحسب، بل على أغلب وسائل الإعلام الغربية، بدءاً من حديثه عن «الخط التحريري الغامض الذي تم تحديده حول موضوع اللاسامية»، واعتباره التدقيق في التشبيهات التي يقوم بها «أكثر إزعاجاً من التهم المتخيلة حول اللاسامية»، وصولاً إلى تساؤله إن كانت الصحيفة لم تعد قادرة على تحمل الاختلاف مع خطها التحريري.
تظهر اللوحة نتنياهو مع لعبتين يسميهما «ترمبي ومبي» و«بوزي وزي»، وهو ما يشير عملياً إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووزير الخارجية البريطاني السابق، والمرشح الأكبر حظاً في تولي منصب رئاسة الوزراء، بوريس جونسون، فيما يظهر نائب رئيس حزب العمال توم واتسون يقول وهو يتراجع: «آسف. اعتقدت أنكما عضوان في حزب العمال».
ويثير بيل نقطة مهمة جداً بذكر حادثة سحب «الغارديان» رسالة وقعها أكثر من مئة شخصية يهودية مشهورة، مثل نعوم تشومسكي ونورمان فنكلشتاين، دعماً لكريس وليامسون، النائب العمالي في البرلمان البريطاني، الذي قام بانتقاد حملة اتهام حزب العمال البريطاني باللاسامية، معتبرين أن ما يحصل لا يتعلق باللاسامية بقدر ما يتعلق بتحطيم الخط المناصر للفلسطينيين ضمن الحزب.
تشير مواقف بيل إلى التلاعب السياسي الكبير، ليس ضمن المؤسسة السياسية البريطانية الرسمية فقط، بل كذلك ضمن مؤسسات الإعلام الكبيرة في بريطانيا، فيما يخص موضوع «اللاسامية»، والذي صار عملياً راية تخفي وراءها دعم البطش الإسرائيلي واستهداف الأصوات العالمية الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني.
تذكر الحادثة الأخيرة في «الغارديان» بما حصل مع نظيرتها الأمريكية «نيويورك تايمز» التي أعلنت الشهر الماضي وقف نشر الرسومات الكاريكاتورية بعد حصول خلاف مشابه حول «اللاسامية» إثر نشرها رسمة ظهر فيها نتنياهو على شكل كلب يقود رجلاً أعمى هو دونالد ترامب.
يبدو أن العالم كله يتحول إلى أعمى يقوده كلب حين يتعلق الأمر بحقوق الشعب الفلسطيني.
القدس العربي