أزمة الناقلات.. ما هي خيارات بريطانيا في مواجهة إيران؟

أزمة الناقلات.. ما هي خيارات بريطانيا في مواجهة إيران؟

يعكس إعلان وزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت بشأن أن بلاده ستسعى إلى إنشاء قوة بحرية بقيادة أوروبية لحماية الشحن التجاري عبر مضيق هرمز، عزما بريطانيا على مواصلة الضغط على إيران.

هانت الذي بدا مهددا وحازما حرص في الوقت نفسه على الإمساك بالعصا من المنتصف، مستدركا بأن بلاده لا تزال تتطلع لعدم تصعيد التوتر في الخليج، وأنها تسعى للحل بالطرق الدبلوماسية.

ووصف هانت إقدام إيران على احتجاز سفينة بريطانية في مضيق هرمز بأنه “عملية قرصنة دولة”، وأن التصدي لها لا يعني زيادة التوترات ولكن ببساطة “حماية حرية الملاحة، وهي مبدأ ستدافع عنه بريطانيا وحلفاؤها دائما”.

ورغم خطاب هانت الذي بدا أكثر حزما فإن خبراء بريطانيين يرون أن خيارات بلادهم محدودة في التعامل مع إيران.

خيارات محدودة
ويرى رئيس وحدة الدراسات الأمنية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة رافايالو بينتوشي أن خيارات بريطانيا في التعامل مع إيران محدودة نسبيا إذا كانت تريد ضمان بقاء المواجهة معها في مستوى يمكن التحكم فيه.

وأشار الخبير الأمني إلى أنه يتعين في هذه اللحظة على المملكة المتحدة إعادة تأكيد ثقتها بقدراتها ونفسها، في الوقت نفسه ينبغي تجنب التصعيد أو الدخول في صراع مفتوح.

وبشأن الخيارات المتاحة أمام لندن، يوضح الخبير أن بريطانيا تملك في هذه المرحلة فرض عقوبات اقتصادية، وانتهاج خط دبلوماسي أكثر قوة يستدعي تأييد الشركاء الأوروبيين خصوصا، ويرجح احتمال حدوث بعض النشاط التخريبي وراء الكواليس، على حد تعبيره.

وفي ما يتعلق بالخطوات العملية التي ينبغي أن تتخذها لندن لحماية ناقلاتها وبواخرها في مضيق هرمز، يرى بينتوشي أن تحقيق ذلك يتطلب تعاونا أوثق مع الشركاء الأوروبيين، ففي حين تتمتع المملكة المتحدة ببعض القدرات البحرية التي يمكنها نشرها لحماية السفن في المضيق فإن من الواضح أنها تحتاج إلى الدعم لتأمين جميع هذه السفن.

ويشدد على أن نجاح هذا التوجه مشروط بانتهاج بعض الدبلوماسية “شديدة العدوانية” لحشد الحلفاء لدعمها، دون الانزلاق إلى نوع الصراع يدافع عنه بعض الصقور في واشنطن، بحسب تعبيره.

وتبدو المملكة المتحدة حاليا في موقف لا تحسد عليه، فهي غير مستقرة داخليا، إذ شهدت انتخاب رئيس وزراء جديد في ظل أزمة البريكست وتعثر الطلاق الأوروبي، مما أدى لتوتر علاقاتها مع دول الاتحاد.

وفي الوقت نفسه، تشعر بريطانيا بخذلان أميركي بدا واضحا في حديث وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بشأن مسؤولية لندن وحدها عن حماية سفنها، فبعد أن اندفعت بريطانيا نحو تأييد موقف الولايات المتحدة من إيران إرضاء للرئيس دونالد ترامب، وما كشفته صحيفة غارديان عن دور جون بولتون مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي وتحريضه لندن على احتجاز الناقلة الإيرانية، تخلى بومبيو عن المملكة المتحدة في هذه الأزمة، مؤكدا أنه يتعين عليها “تحمل مسؤولية حماية سفنها بنفسها”.

وفي سياق التحليل الذي ينطلق من فرضية التورط البريطاني في فخ واشنطن، يرى الصحفي البريطاني المختص في شؤون الخليج بيل لاو أن جون بولتون هو من حرض المملكة المتحدة على احتجاز السفينة الإيرانية، مشيرا إلى أن لندن ليس لديها العديد من الخيارات.

ويرى لاو أن استيلاء بريطانيا على الناقلة الإيرانية قبالة جبل طارق تم بناء على طلب من الأميركيين، وتحديدا من بولتون الذي دافع منذ فترة طويلة عن تغيير النظام في طهران بأي وسيلة كانت، ولا يزال يشعر بالإحباط من مقاربة ترامب غير المتسقة مع رأيه تجاه طهران.

لاو: بريطانيا تحاول ربح الوقت وتأمل الوصول إلى حل (الجزيرة)
لاو: بريطانيا تحاول ربح الوقت وتأمل الوصول إلى حل (الجزيرة)

مجرد لعبة
ويضيف المحلل البريطاني أن رفع درجة الحرارة في المنطقة مجرد لعبة، وأن بولتون قد توقع الانتقام الإيراني من خلال الاستيلاء على ناقلة بريطانية، وأن هذه النقطة هي التي كان يجب على وزير الخارجية البريطاني أن يتفطن إليها.

وأشار لاو إلى أن بريطانيا تحاول كسب الوقت وتأمل الوصول إلى حل، لكن مع وجود بوريس جونسون رئيسا للوزراء فإن احتمال أن تزداد الأمور سوءا هو الأرجح.

وتبدو حالة القلق والغضب في الأوساط البريطانية واضحة من توريط واشنطن البريطانيين في التوتر المتصاعد مع إيران، خاصة بعد عملية احتجاز الناقلة الإيرانية في جبل طارق.

وكانت الحكومة البريطانية قد طالبت أمس الاثنين طهران بالإفراج “الفوري” عن ناقلة النفط البريطانية المحتجزة، بالتزامن مع ترؤس رئيسة الوزراء المستقيلة تيريزا ماي اجتماع أزمة بشأن الناقلة وبحث سبل الرد.

 الجزيرة