نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا عن الضغوط التي يمارسها النظام السوري على النخبة الإقتصادية، في وقت يحذر فيه قطاع المال ورجال الأعمال من أن ضغوطا كهذه تؤثر على الدعم للنظام.
وفي التقرير الذي أعدته كل من تشولي كورنيس وأسير خطاب قالتا فيه إن مصنع طارق الذي عاد للحياة بعد سنوات من الحرب الأهلية التي نجا من أسوأ لحظاتها ويقوم بتعيين عمال جدد لمواصلة عمله وعلى أمل الحصول على عقود من عمليات الإعمار الضخمة التي تحتاجها البلاد.
ولكن صناعته وجدت نفسها أمام معارض جديد وهي وزارة المالية التي قال إن 20 موظفا فيها داهموا مصنعه وفتشوا عن أي وثيقة يمكن العثور عليها أو أي شيء. وقال إن محاسبي الحكومة بالغوا في تقدير أرباح شركته لزيادة فاتورة الضريبة، مضيفا “ليسوا مهنيين بل مثل المافيا”.
ويحاول نظام بشار الأسد الذي استعاد مناطق واسعة من البلاد تزويد خزانته الفارغة بأموال جديدة. ولكن الصناعيين السوريين يقولون إنهم تحولوا لفريسة للدولة ومؤسساتها التي تحاول الحصول على أموال.
ويحذر المحللون من انتزاع المال بالقوة من المؤسسات الصناعية المتبقية في البلاد وأثره على تعافي البلاد بعد سنوات من الحرب التي دمرت معظم القطاعات. وقالوا إن سياسات كهذه تمنع من وصول الإستثمارات التي تحتاجها البلاد لإعادة الإعمار وربما قوضت دعم القطاع التجاري للنظام. ونقلت الصحيفة عن سامي نادر، مدير البحث في معهد الشرق للدراسات الإستراتيجية قوله “نعم، سيمنع هذا إعادة الإعمار ولكني أعتقد أنه سيضع النظام في خطر”.
واعتمدت عائلة الأسد تقليديا على دعم الطائفة العلوية والتي ينتمون إليها، إلا أن بشار الذي خلف والده حافظ عام 2000 حاول زيادة جاذبيته بين الصناعيين ورجال الأعمال السنة من خلال فتح الإقتصاد للإسثتمار الخارجي.
وحالة خسر دعمهم الصريح أو التكتيكي قد يضعف من قاعدة سلطته في البلاد. وعلق نادر أن “الأسد لا يزال بحاجة للسنة والنخبة ولا أرى أنهم يحصلون على حوافز مقابل هذا”.
وأدت الحرب الأهلية لمقتل حوالي نصف مليون شخصا ودمرت البنية التحتية للبلاد. وفي الوقت الذي شجع فيه النظام على الإستثمار في مجال إعادة الإعمار خاصة حلفاءه العسكريين، الروس وإيران واستقبل وفودا تجارية من حليفته السياسية، الصين، لكن لا توجد إشارات عن استثمار أجنبي في مجال الإعمار.
ويواجه النظام ضغوطا مالية بسبب العقوبات الشديدة التي فرضتها أمريكا على إيران مما عرقل القروض ووصول النفط. ويقول المسؤولون إن القروض سمحت لسوريا باستيراد وقود وبضائع أخرى بقيمة 5 مليارات دولار من إيران منذ عام 2013.
ويواجه النظام ضغوطا مالية بسبب العقوبات الشديدة التي فرضتها أمريكا على إيران مما عرقل القروض ووصول النفط
واحتجزت البحرية البريطانية ناقلة نفط إيرانية عملاقة في جبل طارق قالت لندن إنها كانت متجهة إلى سوريا، وردت إيران باحتجاز ناقلة نفط تحمل العلم البريطاني انتقاما.
واعتمد الأسد طوال على الأثرياء الموالين له لدعم جهوده الحربية، خاصة شركات الحديد ورجال الأعمال الذي يساعدون في تجارة النفط والغاز مع سوريا، إلا أن عددا منهم وضعوا على قوائم العقوبات للإتحاد الأوروبي والامريكية لدعمهم النظام السوري. ونقصت الميزانية الحكومية إلى النصف منذ بداية الحرب من 18 مليار دولار عام 2011 إلى 9 مليارات عام 2018.
ويرى الخبراء أن حجم الإنفاق ربما كان أقل وأن نصف متطلبات الميزانية لا يتم تنفيذه. وهناك فساد مستشر بين موظفي الدولة الذين يحاولون زيادة رواتبهم القليلة. واستهدفت الحكومة التي تحاول الحصول على المال أصحاب الصناعات وتجار الجملة.
وقال رجل أعمال آخر “إنه نظام ممنهج وتحاول الحكومة ملاحقة كل قرش”. وقال رجل الأعمال هذا إن صديقا طلب منه دفع غرامة فرضت على والده الميت قبل 15 عاما. وعلى هذه الخلفية واستمرار الحرب ونقص رأس المال فلن يفكر والحالة هذه أي شخص بثقل اقتصادي في الإستثمار. وقال رجل أعمال سوري “تحاول الدولة الحصول على المال لنفسها” مشيرا إلى أن مصلحة الجمارك تستهدفهم طوال الوقت.
وقال عبد الناصر شيخ، رئيس غرفة تجارة حمص إن الإعمال تتعافى ببطء بسبب تحسن الظروف الأمنية لكنه دعا الحكومة لعمل المزيد. وأضاف “نحن بحاجة لحزمة من القوانين الشجاعة التي تجذب الإستثمارات وتساعد على نمو التجارة.
وتلاشت الأمال من الموارد المالية التي ستدر على الخزينة السورية بعد فتح المعبر الحدودي بين سوريا والأردن نهاية العام الماضي.
وقال أحد الموردين السوريين إن الضريبة المفروضة على الشاحنات التي تمر من معبر نصيب ارتفعت من 100 دولارا إلى 800 دولارا.
القدس العربي