انطلقت في القاهرة الاجتماعات التحضيرية لمنتدى غاز شرق المتوسط في إطار الإعداد للاجتماع على مستوى الوزارات في دول البحر الأبيض المتوسط المزمع عقده الخميس، بحضور وزراء وممثلين لدول قبرص واليونان والأردن وإسرائيل وفلسطين وإيطاليا، إلى جانب الولايات المتحدة التي يمثلها وزير الطاقة ريك بيري، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي ممثلا في المفوضية الأوروبية لشؤون الطاقة والمناخ، ويعد هذا الاجتماع الثاني على المستوى الوزاري منذ بدء الإعلان عن تدشين منتدى غاز المتوسط.
أجندة عمل
وتناقش الاجتماعات التحضيرية بمشاركة ممثلي الدول السبع الأعضاء بالمنتدى جدول أعمال الاجتماع الوزاري، والموضوعات المقرر عرضها على الوزراء في اجتماعهم من جانب مجموعة العمل، للانتهاء من إجراءات تأسيس المنتدى، التي عكفت على ذلك خلال الأشهر الماضية.
وقال وزير البترول المصري طارق الملا “إن استضافة مصر لاجتماعات منتدى غاز شرق المتوسط تأتي تأكيدا على دورها الفاعل كلاعب رئيسي في صناعة الغاز الطبيعي في منطقة حوض البحر المتوسط، والدعوة لتأسيس هذا التجمع الإقليمي المهم”، وأشار إلى “أن المنتدى عقد اجتماعه الوزاري الأول بالقاهرة في منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي، والذي صدر عنه إعلان القاهرة لتأسيس المنتدى”.
وأضاف، في بيان صحافي، “أن المنتدى يمثل آلية مهمة لتعاون إقليمي واسع النطاق بين الدول المنتجة للغاز الطبيعي في منطقة شرق المتوسط وإقامة شراكة مع الاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة، بما يحقق مصالح جميع الدول المشاركة في المنتدى من خلال الاستغلال الاقتصادي الأمثل لما تضمه منطقة شرق المتوسط من اكتشافات للغاز، واحتياطيات كبيرة وبنية تحتية متميزة لتجارة، وتداول الغاز وتصديره الأمر الذي يعطي قوة دافعة لمشروع مصر القومي كمركز إقليمي لتداول وتجارة الطاقة”.
إيني تبدأ الإنتاج من الصحراء الغربية
ويأتي اجتماع الخميس لمناقشة إجراءات تأسيس منتدى غاز المتوسط تزامنا مع إعلان شركة إيني الإيطالية بدء الإنتاج من حقل نفط جنوب غربي مليحة في الصحراء الغربية المصرية، الذي يقع على بعد نحو 130 كم شمال واحة سيوة.
وكانت الشركة أعلنت، في بيان صحافي، “أن الإنتاج الحالي لبئرين منتجين للنفط في الصحراء الغربية، يبلغ نحو 5 آلاف برميل يوميا، ومن المتوقع أن يصل إلى 7 آلاف برميل في سبتمبر (أيلول) المقبل”.
وذكرت الشركة “أنه جرى نقل النفط ومعالجته في منشآت مصنع مليحة التي تديرها AGIBA، وهي شركة عقد بالتساوي من قبل شركة النفط الوطنية المصرية والشركة المصرية العامة للبترول (EGPC)، وتم اكتشاف نفط جنوب غربي المليحة في عام 2018، بينما من المخطط الآن حفر آبار استكشافية أخرى على الآفاق القريبة داخل منطقة الاستكشاف”.
وتملك إيني، من خلال شركتها الفرعية IEOC حصة بنسبة 50٪ في جنوب غربي مليحة، بينما تملك شركة مصروفات السيارات (EGPC) النسبة المتبقية البالغة 50%، وكانت الحكومة المصرية أعلنت خلال الشهر الحالي انخفاض مستحقات الشركات والشركاء الأجانب في مجال البترول إلى 900 مليون دولار نهاية شهر يونيو (حزيران) الماضي، وتستهدف وزارة البترول المصرية الانتهاء من سداد جميع مستحقات الشركاء الأجانب بنهاية العام الحالي.
2.jpg
وزارة البترول المصرية تسعى لاستقطاب شركات أجنبية للتنقيب على الغاز والبترول والتوسع في أنشطتها وزيادة استثماراتها (رويترز)
وبلغت مستحقات الشركاء الأجانب مديونية غير مسبوقة خلال عام 2013، إذ اقتربت قيمة المديونية من نحو 6.3 مليار دولار مع بداية هذا العام، ولكن قبل نهايته سددت الحكومة المصرية مليار دولار لتصل قيمة المديونية 5.4 مليار دولار وفي العام التالي سددت مصر ملياري دولار لتنخفض المستحقات إلى 3.5 مليار دولار.
وفي العام المالي 2015-2016 انخفضت المديونية عن العام السابق لها لتصبح 3.4 مليار دولار، وفي عام 2017 سددت القاهرة لشركائها مليار دولار أخرى لتهبط مديونيتها إلى 2.3 مليار دولار حتى شهر يونيو (حزيران) 2017، وفي العام الماضي انخفضت المستحقات إلى 1.2 مليار دولار بواقع مليار دولار تقريبا عن العام السابق إلى أن استطاعت الحكومة المصرية الهبوط بمديونيتها للشركات الأجنبية إلى أقل من مليار دولار حتى نهاية يونيو (حزيران) من هذا العام.
كشف غاز جديد بدلتا النيل
اكتشافات الغاز في مصر لا تزال مستمرة، وأعلنت شركة بترول بلاعيم “بتروبل”، المملوكة للحكومة المصرية تمكنها من تحقيق كشف للغاز الطبيعي بمنطقة امتياز القرعة بدلتا النيل، ويجرى حالياً العمل على وضعه على الإنتاج بمعدلات تصل إلى 20 مليون قدم مكعبة غاز يومياً.
وأكد رئيس الشركة عاطف حسن، “أن عملية حفر البئر الاستكشافية القرعة (شمال شرق1)، أسفرت عن اكتشاف الطبقات الحاملة للغاز الطبيعي خلال عمليات حفر البئر التي بدأت أعمالها في مايو (أيار) الماضي، وتم إنجازها بأقل تكلفة اقتصادية ممكنة”.
وأشار إلى “أن الاختبارات التي أجريت للبئر المكتشفة، أسفرت عن معدلات إنتاج مبدئية 17 مليون قدم مكعبة يومياً من الغاز من خلال ربط البئر بتسهيلات الإنتاج القائمة بالمنطقة، ومحطة معالجة الغاز بحقول أبو ماضي، في إطار الاستغلال الأمثل للبنية التحتية والتسهيلات المتاحة لزيادة الجدوى الاقتصادية، تمهيداً لنقل الغاز ودفعه عبر الشبكة القومية للغاز الطبيعي”.
“غاز المتوسط”… توترات وصراعات لا تنتهي
ومع استمرار اكتشافات الغاز وعقد منتدى غاز المتوسط بالقاهرة لا تزال وزارة البترول المصرية تستقطب شركات أجنبية للتنقيب على الغاز والبترول حيث تسعى شركة “وينترشال ديا” العالمية للتوسع في أنشطتها وزيادة استثماراتها في مصر خلال الفترة المقبلة.
وأكدت رئيس شركة “ونترشال ديا” ماريا هانسن، أثناء لقائها وزير البترول طارق الملا، “أن خطوات الحكومة المصرية في الفترة الأخيرة شجعت الشركة على التوسع في أنشطتها، وزيادة استثماراتها في جميع المناطق المختلفة في ظل الاحتمالات البترولية الواعدة والنتائج المتميزة”.
وأشارت ماريا، بحسب بيان صحافي صادر عن وزارة البترول المصرية، إلى “أن شركتها تسعى لزيادة إنتاجها لتسهم في تأمين إمدادات أوروبا من الطاقة واستعانت بأحد بيوت الخبرة العالمية في مجالات البيئة والسلامة والصحة المهنية”.
وكانت شركتا “ديا ” و”وينترشال” الألمانيتين أعلنتا إجراءات اندماجهما لتنبثق عنهما شركة “ونترشال ديا” وتصبح إحدى أكبر الشركات العاملة في مجال البترول والغاز، ووقعت شركة “وينترشال ديا” قبل الاندماج اتفاقية مع هيئة البترول المصرية في مارس (آذار) الماضي للتنقيب بمنطقتي رأس بدران وخليج الزيت بخليج السويس إلى جانب فوز “ديا” أخيراً بالقطاع رقم 10 بمنطقة دمنهور الأرضية ضمن المزايدة العالمية الأخيرة لشركة إيغاس.
مشاركة أميركية في “منتدى شرق المتوسط”
من جانبه، قال عابد عز الرجال، الرئيس التنفيذي لهيئة البترول المصرية، “إن وزير البترول المصري استقبل وفدا رسميا أميركيا ضم ريك بيري وزير الطاقة الأميركي في الزيارة الأولى له بالقاهرة، وفرانسيس فانون مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الطاقة توماس جولدبرجر القائم بأعمال السفير الأميركي بالقاهرة”.
وكشف عز الرجال لـ”إندبندنت عربية”، “أن اللقاء تناول الترتيبات المتعلقة بانعقاد المؤتمر الوزاري لمنتدى غاز شرق المتوسط الذي تستضيفه القاهرة بالإضافة إلى بحث سبل دعم وتعزيز التعاون بين القاهرة وواشنطن”.
وأوضح عز الرجال، “أن مشاركة الوزير الأميركي في اجتماعات المنتدى تأتي بصفته مراقبا”، مؤكدا “أن ذلك يمثل دلالة واضحة ومهمة على دعم واشنطن وإعطاء دفعات للمساهمة في تحقيق الأهداف المنوط بالمنتدى إنجازها”.
ولفت عز الرجال “أن مصر تشهد حالة إيجابية في قطاعي الغاز والبترول، مما دفع العديد من الشركات العالمية الكبرى للعمل والاستثمار للمرة الأولى في أنشطة البحث والاستكشاف بمصر، وحصلت شركة إكسون موبيل على مناطق امتياز وتسعى للتوسع في هذا النشاط”.
أهداف منتدى غاز شرق المتوسط
وبشأن أهمية منتدى غاز شرق المتوسط قال حمدي عبد العزيز، المتحدث باسم وزارة البترول المصرية “إن منطقة حوض المتوسط تعد ثاني أكبر احتياطي من الغاز على مستوى العالم، ويقدر الاحتياطي في هذه المنطقة بـ300 تريليون قدم مكعب من الغاز، وتملك الدول أعضاء المنتدى احتياطيات تبلغ 162 تريليون قدم مكعب”.
وأضاف عبد العزيز “تأتي في مقدمة الأهداف إنشاء سوق غاز إقليمية لخدمة مصالح الدول الأعضاء من خلال تأمين العرض والطلب، وتنمية الموارد على الوجه الأمثل وترشيد تكلفة البنية التحتية، وتقديم أسعار تنافسية، وتحسين العلاقات التجارية بين الدول المشاركة، وتعزيز التعاون من خلال خلق حوار منهجي منظم وصياغة سياسات إقليمية مشتركة بشأن الغاز الطبيعي بما في ذلك سياسات الغاز الإقليمية”.
وذكر عبد العزيز “أن المنتدى سيساعد الدول المستهلكة في تأمين احتياجاتها، وإتاحة مشاركتها مع دول العبور في وضع سياسات الغاز في المنطقة، مما يتيح إقامة شراكة مستدامة بين الأطراف الفاعلة في مراحل صناعة الغاز كافة”.
اندبندت العربي