أدى رئيس البرلمان التونسي محمد الناصر مساء أمس الخميس اليمين الدستورية رئيسا مؤقتا للبلاد، وذلك بعد اجتماع لمكتب البرلمان.
وأعلن إقرار الشغور النهائي في منصب رئيس الجمهورية بعد وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي، مشيرا إلى أن ذلك تم وفقا لإجراءات الدستورية.
وسيتولى الناصر المتخصص في القانون الاجتماعي الحكم لفترة أدناها 45 يوما وأقصاها 90 يوما إلى حين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
ولا يختلف الثمانيني الناصر عن سلفه السبسي، فقد كان مقربا منه، وسيشكل ترؤسه لأعلى هرم في الدولة التونسية استمرارا لنهجه.
وولد الناصر -الذي تعهد بالعمل وفق أحكام الدستور، والالتزام بالحفاظ على استقلال تونس وسلامة ترابها واحترام دستورها وتشريعاتها- في 21 مارس/آذار 1935 بمدينة الجم في ولاية المهدية الساحلية.
تخرج الناصر عام 1959 في معهد الدراسات العليا بتونس متخصصا بالقانون، ثم نال درجة الدكتوراه في مجال “القانون الاجتماعي” عام 1976 من جامعة باريس بفرنسا.
مسيرة سياسية
بدأت مسيرته السياسية بتعيينه في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة “مندوبا عاما” (مديرا) لديوان التونسيين بالخارج (هيئة المغتربين) خلال 1973-1974، ثم وزيرا للعمل والشؤون الاجتماعية في حكومة الهادي نويرة (1974-1977)، وأسندت إليه نفس الحقيبة الوزارية في حكومة محمد مزالي (1979-1985).
وبعد تولي زين العابدين بن علي الحكم بعد إطاحة بورقيبة في 1987، انسحب الناصر من الحياة السياسية، لكنه تولى رئاسة البعثة الدائمة لتونس لدى الأمم المتحدة والهيئات الدولية المختصة في جنيف خلال 1991-1996.
ومنذ عام 2005 أصبح منسقا للميثاق العالمي للأمم المتحدة في تونس ومدققا اجتماعيا، كما أنه عمل مستشارا دوليا منذ عام 2000، وأسس أيضا مجلة متخصصة في القانون الاجتماعي.
وفضلا عن هذه المسؤوليات والمهام، فقد شغل الناصر منصب رئيس معهد الاستشارات الاجتماعية، وعضوية المعهد الدولي للتدقيق الاجتماعي في باريس.
كما أنه كان مستشارا في مركز الدراسات الاستشرافية والإستراتيجية بباريس، وعضوا في عدد من الهيئات الإقليمية والدولية المتخصصة في حقوق الإنسان.
مناصب ومهام
وعقب الثورة التي أطاحت ببن علي في 14 يناير/كانون الثاني 2011 عاد الناصر إلى الساحة السياسية من بابها الكبير، فتولى وزارة الشؤون الاجتماعية في حكومة الباجي قايد السبسي التي قادت تونس من نهاية فبراير/شباط 2011 وحتى ديسمبر/كانون الأول 2011.
وفي فبراير/شباط 2014 انضم الناصر إلى حزب نداء تونس بزعامة قايد السبسي، وانتخب عضوا في مجلس نواب الشعب (البرلمان) إثر اقتراع في أكتوبر/تشرين الأول فاز به حزبه.
وكان فوزه هذا برئاسة أول برلمان منتخب بعد الثورة التونسية سهلا لأنه كان المرشح الوحيد للمنصب، فحصل على 176 صوتا من 214 هي مجمل أصوات البرلمان الذي منحه دستور تونس الجديد صلاحيات واسعة.
ويعد الناصر من أبرز ممثلي الإرث البورقيبي في حزب نداء تونس الذي ضم وجوها من اليسار والنقابات وممثلين للوسط ومسؤولين سابقين في نظام بن علي.
وخلال فترة تسلمه مهام رئاسة الجمهورية مؤقتا، تعهد الناصر بأن يثمن ما قام به الرئيس (السبسي) في بناء دولة الاستقلال وفي رئاسة الجمهورية في السنوات الخمس الماضية.
فرصة وثناء
ولم يفوت الناصر الفرصة للثناء على السبسي، قائلا “إنه وهب حياته لخدمة الشعب والوطن والدولة، وإنه أحد كبار بناة الدولة الوطنية، وأحد أبرز رجال تونس المستقلة قبل ثورة يناير 2011 وبعدها”.
وخلال ترحمه على روح الرئيس الراحل وتوجهه بالتعزية إلى أفراد عائلة الفقيد وعموم التونسيين، قال “إن قايد السبسي سيبقى قدوة للأجيال الحاضرة والقادمة”.
يذكر أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس قد أعلنت أمس الخميس عن تقديم موعد الانتخابات الرئاسية إلى يوم 15 سبتمبر/أيلول المقبل بدلا من يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني.
وسيفتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية يوم 2 أغسطس/آب المقبل، في حين تبدأ الحملة الانتخابية يوم 2 سبتمبر/أيلول المقبل، وإلى غاية إجراء الانتخابات سيتولى محمد الناصر منصب الرئاسة في تونس.
المصدر : الجزيرة + وكالات