توسع الخلاف بين قطبي التيار المحافظ في إيران: الرئيس السابق للسلطة القضائية صادق لاريجاني ورئيس رابطة مدرسي الحوزة العملية بمدينة قم محمد يزدي، حول التعاطي مع قضايا الدولة ومكافحة الفساد، ليثير ردود فعل واسعة رسميا وشعبيا.
ونشر لاريجاني الأحد رسالة مفتوحة للرد على يزدي، واتهمه بالإدلاء بـ “تصريحات مشينة، تكرار الأكاذيب” وذلك بعد يوم من اتهام الأخير للاريجاني بالتغطية على فساد رئيس مكتبه بعد اعتقاله.
وقال يزدي “اعتقل رئيس مكتب كان يدير مجموعة مهمة، لكنه يعترض على اعتقاله” وهو ما نفاه لاريجاني وقال إن رئيس مكتبه السابق لم يعتقل، كما أنه لم يعترض على اعتقال أكبر طبري المساعد التنفيذي لرئاسة السلطة القضائية الذي كان يعمل في مجموعة تحت إشراف رئيس مكتبه، حسب صحيفة آرمان ملي.
وكان النائب والمرشح الرئاسي الأسبق علي رضا زاكاني أثار لأول مرة قضية طبري وطالب رئيس السلطة القضائية سيد إبراهيم رئيسي بالبت في ملفه بتهمة التواطؤ مع شخصيات أمنية للحيلولة دون إتمام محاكمة شخصيات بتهمة الإخلال بالاقتصاد.
وشنت السلطة القضائية خلال الأشهر الأخيرة حملة لمكافحة الفساد الإداري والاقتصادي، خاصة في ظل العقوبات الأميركية التي أدت لتراجع قيمة العملة الوطنية وتفشي الغلاء.
اتهامات متبادلة
وقال يزدي خلال خطاب تطرق فيه إلى العلاقة مع لاريجاني “فلان يقول إنه سيهاجر إلى النجف الأشرف إذا لم تفعلوا كذا وكذا! حسنا اذهب. وهل ستختل شؤون قم بذهابك؟ لم يكن هناك أثر يذكر لك خلال حضورك في قم، فما بالك لو ذهبت إلى النجف”.
ووفقا للإعلام الإيراني، فإن موقف يزدي أعلاه يشير إلى ما نقل عن تهديد لاريجاني بالهجرة إلى النجف الأشرف في حال عدم الإفراج عن رئيس مكتبه السابق.
ورصدت الجزيرة نت خلال الفترة الماضية موجة انتقادات واتهامات على لسان ضيوف وخبراء تبث للمرة الأولى من التلفزيون الإيراني ضد مسؤول ما زال يحتفظ برئاسة مجمع تشخيص مصلحة النظام الذي يتم تنصيبه مباشرة من قبل المرشد الأعلى علي خامنئي.
وكشف لاريجاني في رسالته ليزدي التي لم يبدأها بالتحية المعتادة عن “مسرحية” تستهدفه بناء على “سناريو معد مسبقا” مما جعله يرد بقوة بعدما وجد عدم جدوى “الصمت على الاتهامات التي كالها آية الله يزدي ضده خلال اجتماع لمجلس صيانة الدستور”.
وسخر رئيس السلطة القضائية السابق من أسلوب يزدي -الذي تولی سابقا بدوره رئاسة هذه السلطة- في توجيه الاتهامات والانتقادات، وتساءل عن سابقة انخفاض مستوى مثل هذه الأدبيات في الحوزات العملية.
وكان يزدي انتقد لاريجاني حول الفساد المستشري بمكتبه إبان رئاسة السلطة القضائية، وخاطبه لقد “بنيت قصرا باسم الحوزة العلمية… من أين أتيت بالأموال لبنائه؟ هل من ميراث والدك؟” وفقا لصحيفة إيران الرسمية.
وجاء في رسالة لاريجاني “لقد شرحت لك مرة في بيتك، لكن يبدو أنك تصر على المضي قدما في الموضوعات العارية عن الصحة”.
ردود الفعل
واعتبرت أوساط إيرانية عدم رد يزدي على رسالة لاريجاني إثباتا لصحة التصريحات التي نقلت عنه، ولعدم رغبته بخفض التصعيد، خاصة أنه تطرق للموضوع مجددا خلال حفل تسليم منصب رئاسة محكمة العدل بمدينة قم بالقول “ينبغي أخذ صلاحية الأفراد بعين الاعتبار في اختيارهم وتنصيبهم في المسؤوليات المهمة”.
وأثار الخلاف بين قطبي التيار المحافظ ردود فعل منقطعة النظير لدى الأوساط السياسية ومنصات التواصل الاجتماعي، فهناك من وصفها بمناكفات صبيانية وآخرون وصفوها بالشرخ بين رجالات النظام الإسلامي. في حين اعتبرها البعض دليلا على الديمقراطية وحساسية البعض تجاه الفساد.
وعلق المرجع الديني ناصر مكارم شيرازي بالقول “لقد أثبتت التجربة أن مثل هذه الخلافات لن تثمر سوى إذكاء الفتنة والخلاف بين الناس” داعيا إياهما إلى وضع الخلافات جانبا.
كما وجه كل من علي أكبر مسعودي خميني وسيد جعفر كريمي انتقادات إلى يزدي لإثارته النعرات بين أبناء البيت الواحد، وشددا على ضرورة حل الخلافات عن طريق الحوار المباشر.
أما المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور عباس كدخدائي فاعتبر الخلاف “طبيعيا” وأضاف في تغريدة “على الأعداء ألا يطمعوا! أعضاء مجلس صيانة الدستور إخوة رغم اختلاف وجهات النظر. وصية المرشد الأعلى جديرة بالاهتمام: لا ينبغي الخلط عن طريق الخطأ بين العدو الرئيسي والأصدقاء الذين نختلف معهم في الرأي”.
المصدر : الصحافة الإيرانية