عدن – تطالب أوساط يمنية متعددة بأن يكون عنوان لقاء جدة الأول هو إعادة هيكلة مؤسسات الشرعية اليمنية، وخاصة تغيير نائب الرئيس، علي محسن صالح الأحمر، الذي يثار حوله الكثير من الجدل بسبب فشله عسكريا في إدارة المعركة مع الحوثيين، وظهور القوات الموالية للحكومة بشكل مذلّ في أحداث عدن الأخيرة، فضلا عن اتهامات واسعة له باستغلال منصبه لإغراق مؤسسات الشرعية بالمحسوبين على حزب الإصلاح الإخواني.
وقالت ثلاثة مصادر يمنية إن رفض المجلس الانتقالي الجنوبي التخلي عن السيطرة على ميناء عدن أدى إلى إرجاء اجتماع مزمع لبحث إعادة تشكيل الحكومة اليمنية كأحد المخارج الضرورية لتطويق تداعيات مواجهات عدن الأخيرة.
وكانت السعودية قد دعت إلى عقد الاجتماع بعد أن سيطرت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في العاشر من أغسطس على معسكرات ومؤسسات أخرى تابعة للحكومة في المدينة الساحلية الجنوبية التي تمثل العاصمة المؤقتة.
وقال مسؤول يمني طلب عدم نشر اسمه “طُرح اقتراح تشكيل حكومة جديدة يؤيده التحالف، لكن ضم المجلس الانتقالي الجنوبي مرتبط بانسحابه الكامل أولا”. وأضاف أن هادي قد يتم تحييده إذا ما اختير نائب جديد له.
وتشهد العاصمة السعودية الرياض تحركات اللحظات الأخيرة قبل حوار جدة، في ظل اشتراطات تضعها الأطراف المدعوة للحوار، ممثلة في الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي.
وأشارت المصادر إلى وجود تباينات كبيرة بين الطرفين حول ترتيبات ما قبل الحوار، حيث تشترط الحكومة اليمنية إخلاء كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في عدن من القوات التابعة للمجلس الانتقالي قبل البدء في أي حوار، بينما يطالب الانتقالي بإرجاء تسليم بعض المرافق ذات الوضع الخاص وترحيل الاتفاق عليها إلى الحوار الذي دعت إليه الحكومة السعودية في جدة.
ولفتت مصادر سياسية إلى مساع حثيثة يقوم بها التحالف العربي بقيادة السعودية لجمع الأطراف على طاولة الحوار والتوصل إلى حل وسط يحفظ للشرعية مكانتها كواجهة سياسية للمعسكر المناوئ للانقلاب، ويلبي في ذات الوقت مطالب ومخاوف المجلس الانتقالي وقاعدته الشعبية.
وبحسب مصادر قريبة من كواليس المشاورات التي يجريها التحالف، تتضمن مسودة جدول أعمال حوار جدة، التوافق حول إصلاحات واسعة في مؤسسة الرئاسة اليمنية، بما في ذلك اختيار نائب توافقي للرئيس بصلاحيات تنفيذية كبيرة للتغطية على غياب الرئيس عبدربه منصور هادي الذي لم يعد قادرا بسبب وضعه الحالي على مسايرة أداء مختلف المؤسسات، فضلا عن تشابكات الملف العسكري والأمني.
وأضاف المسؤول اليمني أن “هادي عاجز عن إدارة اليمن بسبب سنه وحالته الصحية. وهو لا يثق بأحد وهذا يجعل الأمور صعبة في وقت حرج”.
وقال المسؤول ومصدر يمني آخر إن أحد الخيارات التي يجري بحثها يتمثل في نقل صلاحيات رئاسية إلى نائب جديد للرئيس ليصبح هادي البالغ من العمر 73 عاما ويقيم في الرياض شخصية رمزية.
وأشار مسؤول خليجي كبير إلى أنه “سيكون من المفيد وجود نائب للرئيس يتمتع بالمسؤولية ويحظى بالتوافق”. وأضاف أنه من الضروري بقاء هادي للحفاظ على الحكومة المعترف بها دوليا.
وتتضمن المسودة تشكيل حكومة توافقية تضم كافة المكونات والقوى المناهضة للانقلاب الحوثي وفي مقدمتها المجلس الانتقالي الجنوبي وتيار ديسمبر في حزب المؤتمر الشعبي العام، ووضع معايير جديدة لإصلاح مؤسستي الجيش والأمن وتحييدهما عن الصراع السياسي.
كما تشتمل أجندة الحوار المزمع على قائمة بالمعايير المنظمة للإعلام الرسمي وغير الرسمي والتوافق على خطاب إعلامي يتمحور حول مواجهة المشروع الحوثي.
وقالت المصادر إن المجلس الانتقالي وافق على تأجيل مطالبه المتعلقة بحق تقرير المصير والانفصال عن الشمال، إلى ما بعد الحرب، شريطة أن يكون له دور أمني وسياسي بارز في إدارة المناطق المحررة جنوب اليمن.
وشهدت الشرعية اليمنية حراكا غير مسبوق لمواجهة التحولات القادمة في المشهد، تضمن إرسال رسائل سياسية مزدوجة للتحالف والانتقالي بهدف تحسين شروط الحوار القادم، وفي هذا السياق عقد الرئيس اليمني، الاثنين، اجتماعا استثنائيا ضم قيادات الدولة.
ووفقا لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية، حضر الاجتماع نائب الرئيس علي محسن الأحمر ورئيس مجلس النواب سلطان البركاني ورئيس مجلس الوزراء معين عبدالملك، ونائب رئيس الوزراء وزير الداخلية أحمد الميسري ووزير الدفاع محمد المقدشي.
وثمّن الاجتماع الموقف السعودي، وحث الحكومة على “إفشال كل ما من شأنه حرف البوصلة عن مواجهة التهديد الأساسي الإيراني المتمثل بميليشيات الحوثي، والعمل على مضاعفة الجهود للتخفيف من معاناة أبناء شعبنا اليمني في كل المناطق اليمنية”.
وأعلن المجلس الانتقالي الجنوبي أن قواته ستحتفظ بالسيطرة في عدن إلى حين إبعاد حزب الإصلاح الإخواني، الذي يتهم بإثارة الأزمات وتوظيف مؤسسات الشرعية في خدمة أجنداته الداخلية والخارجية.
والأحد، قال نزار هيثم، المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، للأناضول، إن قواته لم تنسحب من المعسكرات والمواقع الحيوية في عدن، وإنما انسحبت فقط من بعض المرافق الخدمية، ضمن تفاهمات مع التحالف العربي
العرب