تقود سلسلة التطورات الأخيرة في ملف العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، إلى طرح أسئلة تتعلق بإمكان اندلاع مواجهة مباشرة أو شبه مباشرة بين البلدين، سيكون العراق مرشحاً فوق العادة لاستضافتها، بالنظر إلى تشابك علاقاته بالطرفين.
الحرس والحشد مصير واحد
إذا كانت العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران، وما تلاها من إلغاء لإعفاءات استيراد النفط الإيراني دولياً، تزعزع أركان النظام الإسلامي في قلب طهران، فإن قرار واشنطن تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، قد يكون شأناً عراقياً بامتياز.
ويرتبط معظم زعماء الفصائل الرئيسة في قوات الحشد الشعبي العراقي، بعلاقات وثيقة مع قادة الحرس الثوري الإيراني، وفي مقدمهم الجنرال قاسم سليماني.
ويعتقد كثيرون في العراق بصعوبة الفصل بين مصالح قادة الحرس الثوري الإيراني والزعماء العراقيين لفصائل الحشد الشعبي.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن الحرس الثوري استثمر بمعية قيادات في الحشد الشعبي، أموالاً طائلة في مشاريع تجارية داخل العراق، تبدأ من سلاسل الفنادق في محافظتي كربلاء والنجف المقدستين لدى الشيعة، ولا تنتهي بمستشفيات ومدن للترفيه ومجمعات تجارية ضخمة في العاصمة بغداد.
قادة الحشد يحتفلون بإيران
خلال احتفال بعنوان “دمنا واحد”، أقيم في العراق خصيصاً لتكريم المقاتلين الإيرانيين الذين أسهموا في الحرب على تنظيم داعش، قال رئيس هيئة الحشد فالح الفياض، إن “إيران كانت الدعم والسند الأولين للعراق في التصدي للهجمة الشرسة الكبرى”.
وقال أبو مهدي المهندس من جهته، الذي يشغل منصب نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، وهو مطلوب دولي لصلته بهجمات ضد مصالح أجنبية في الشرق الأوسط، إن “إيران قدمت للعراق على طبق من ذهب كل ما تستطيع تقديمه”، خلال مرحلة الحرب على داعش.
وقال المهندس “الأخ قاسم سليماني والقادة الإيرانيون الآخرون فتحوا مخازن الأسلحة أمام العراقيين وزودونا بكل ما كنا نحتاج إليه”، مشيراً إلى أن “إيران قدمت 5 طائرات سوخوي بعد شهر من المعارك مع تنظيم داعش الإرهابي”.
وتتنافى هذه التصريحات مع ما أكده رئيس الوزراء العراقي السابق، حيدر العبادي، الذي كان يدير ملف التسليح خلال مرحلة الحرب على تنظيم داعش بين 2014 و2017، إذ يؤكد أن بغداد دفعت لطهران قيمة جميع الأسلحة التي استوردتها منها في تلك المرحلة، وفقاً للأسعار الدولية المعروفة.
وكان مسؤولون بارزون في حكومة العبادي، أكدوا أن إيران تقاضت ثمن جميع الأسلحة التي صدرتها إلى العراق خلال حقبة الحرب على تنظيم داعش، بما في ذلك ذخيرة الأسلحة الخفيفة.
ولم يصدر تصريح من أي مسؤول إيراني يؤكد منح السلاح للعراق مجاناً في تلك الحقبة، على الرغم من تأكيد قيادات في الحشد الشعبي هذا الأمر.
وفي هذا السياق، يقول المهندس إن “السلاح كان يصل إلى العراق خلال ساعات قليلة”، لافتاً إلى أن “إيران قدمت الدعم لجميع طوائف الشعب العراقي خلال حقبة داعش”.
وأثنى المهندس على دور “حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني في تحقيق النصر العظيم في العراق”.
ولم يتردد صديق الإيرانيين الوثيق، هادي العامري الذي يتزعم تحالف الفتح، أحد أكبر الكتل النيابية في البرلمان العراقي، في استغلال مؤتمر “دمنا واحد”، للإشادة بـ”الجمهورية الإسلامية”، التي قال إنها “فتحت مخازن الأسلحة وقدمت ما لديها للدفاع عن العراق ومقدساته”، في وقت كان الكل يتفرج على دخول داعش إلى العراق”، مشدداً على “دور حزب الله بمساندة القوات الأمنية العراقية خلال الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي”.
الحشد في مواجهة الولايات المتحدة
بسبب هذه العلاقة الوثيقة بين القوتين، ربما يجد الحشد الشعبي العراقي نفسه معنياً مباشرة بالقرار الأميركي ضد الحرس الثوري الإيراني، وسط مخاوف من إنزلاقه إلى “مواجهة بالنيابة” مع الولايات المتحدة، على أرض العراق.
وجاءت أولى الإشارات “الحشدية” إلى إمكان اندلاع هذه المواجهة، على شكل تصريحات صدرت عن قيادي في حركة النجباء العراقية، المصنفة ضمن الحركات الإرهابية على قوائم الولايات المتحدة، بالرغم من أنها جزء من قوات الحشد الشعبي العراقية.
وقال هاشم الموسوي إن الحشد الشعبي العراقي مستعد “للتصدي العسكري للولايات المتحدة”.
تابع الموسوي، الذي كان يستعرض سلسلة “استفزازات” قامت بها القوات الأميركية أخيراً ضد الحشد الشعبي في العراق، إن “هذه الخطوات تحاول توريط الحشد الشعبي في صدام مع الجيش الأميركي”.
واستعاد الموسوي تصريحات لقادة في الحشد الشعبي مقربين من إيران عن استخدام الولايات المتحدة طائرات بلا طيار للتجسس على مواقع فصائلهم قرب الحدود العراقية السورية.
وتعد الحدود العراقية السورية، منطقة مرشحة للاحتكاكات بين الولايات المتحدة والحشد الشعبي، بالنظر إلى أن الطرفين يحتفظان بقوات ضاربة فيها أو بالقرب منها.
ويقول الموسوي إن “القوات الأميركية تخطط للاستيلاء على منفذ البو كمال الحدودي مع سوريا لإدخال الجماعات الإرهابية وخلق نوع من الفوضى الأمنية لتحقيق بقائها القتالي في البلاد”.
اندبندت العربي