عدن – قالت مصادر سياسية قريبة من حوار جدة بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي إن الحوار غير المباشر لا يزال يدور حول الإطار العام، وإن الوسطاء السعوديين الذين ينقلون المقترحات بين الوفدين سيعملون خلال الأيام القليلة القادمة على بلورة مسودة تفاهمات أولية سيتم عرضها على الطرفين من واقع النقاشات والرؤى التي تم تقديمها.
وكشفت المصادر في تصريح خاص لـ”العرب” أن المجلس الانتقالي أحبط مناورات حزب الإصلاح، الذراع السياسية لإخوان اليمن، برفضه محاولات وضع الجنوب تحت سيطرة الحكومة التي يسيطرون عليها، تحت عنوان إعادة بناء الشرعية.
ويتمسك المجلس الانتقالي برفض إدماج قوات الحزام الأمني التي حققت نجاحات كبيرة على أكثر من جبهة، وكان آخرها أحداث عدن. كما يرفض أن تتولى الحكومة التي يتحكم بها حزب الإصلاح تعيين محافظي المحافظات الجنوبية، وأن يتم ذلك باقتراح من المجلس وليس من أي جهة أخرى.
ولفتت المصادر ذاتها إلى أن مسؤولين سعوديين عملوا خلال الأيام الماضية على تلقي المقترحات والتنقل بين مقري إقامة الوفدين في جدة للتوصل إلى إطار عام للحوار سيكون منطلقا لحوار مباشر في حال التوافق عليه بصور كاملة.
وأشارت مصادر “العرب” إلى أن المسودة التي سيقدمها الجانب السعودي ستتضمن أجندة الحوار المباشر ومرجعياته، فيما سيتم ترحيل الحديث حول التفاصيل إلى مرحلة تالية سيتم تحديد موعدها بناء على مخرجات الجولة الأولى من الحوار غير المباشر بين الشرعية والانتقالي.
وأكدت المصادر مشاركة سفراء ودبلوماسيين من الدول الـ18 الراعية للسلام في اليمن في أجواء وكواليس الحوار لتقريب وجهات النظر والضغط على الطرفين لتقديم تنازلات تصب في اتجاه الجلوس إلى طاولة الحوار بشكل جاد وفعال.
ووفقا لمصادر “العرب” يتواجد وفد المجلس الانتقالي في فندق مجاور للفندق الذي يقيم فيه وفد الحكومة الشرعية في جدة، فيما يتنقل ثلاثة مسؤولين سعوديين على الأقل بين الوفدين لنقل المقترحات والردود وبلورة المواقف.
ومن المتوقع أن يحرز حوار جدة تقدما في التقريب بين الأطراف اليمنية المتحاورة، غير أن مراقبين حذروا من أعمال التصعيد الممنهج التي لا تزال تقوم بها أجنحة داخل الحكومة الشرعية لا تزال تجاهر علنا برفضها لحوار جدة، واستمرارها في التصعيد السياسي والإعلامي وحتى العسكري.
وطالب خبراء بضرورة تحجيم مصادر التوتير داخل الشرعية التي ترى في أي اتفاق تهديدا لمصالحها في مؤسسات الشرعية وما تعتبره استحقاقات لا يمكن التراجع عنها.
وتأتي تلك التحذيرات في ظل تقارير إعلامية وميدانية تتحدث عن استمرار أطراف في الحكومة الشرعية بحشد قواتها إلى محافظتي شبوة وأبين استعدادا لتفجير الأوضاع ونسف الحوار الذي ترعاه الحكومة السعودية في جدة.
وذكر مراقبون في هذا الصدد بالتاريخ الطويل للحروب في اليمن التي أتت في أعقاب اتفاقات سياسية، تم إجهاضها من قبل مراكز قوى تعتبر مخرجات هذه الحوارات تهديدا لمصالحها.
وشهد اليمن حربا دامية في صيف العام 1994 بعد فترة وجيزة من توقيع الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح اتفاقا مع نائبه علي سالم البيض في العاصمة الأردنية عمان مطلع العام 1994، كما انقلب الحوثيون على الدولة في سبتمبر 2014 بعد أقل من عام من اختتام فعاليات مؤتمر الحوار الوطني وعشية التوقيع على اتفاق السلم والشراكة برعاية الأمم المتحدة.
ويعارض قطاع كبير ومؤثر داخل الشرعية أي حوار مع المجلس الانتقالي على اعتبار أن ذلك انتقاص من الشرعية وبمثابة اعتراف بالانتقالي كمكون فاعل وأساسي، وينظر إخوان اليمن إلى مطالب الانتقالي الخاصة بإعادة التوازن إلى مؤسسات الشرعية ووقف تغول حزب الإصلاح باعتبارها تهديدا للمكاسب الكبيرة التي حققها من خلال سيطرته على مفاصل الشرعية وهيمنته على الجيش الوطني وأجهزة الأمن في المناطق المحررة.
ويسعى هذا التيار وفقا لمصادر “العرب” إلى توتير أجواء الحوار عبر استمرار حملة الإساءة للانتقالي، واتهام التحالف العربي بقيادة السعودية بخذلان الشرعية والتآمر عليها، في محاولة مكشوفة للابتزاز السياسي والإعلامي، وتترافق الحملات الإعلامية والتصريحات المتناقضة التي يدلي بها مسؤولون في الشرعية، مع تحركات عسكرية تتعارض مع دعوات التحالف إلى التهدئة ووقف التصعيد العسكري والميداني.
العرب