الاتفاق النووي الايراني قراءة اولية (1)

الاتفاق النووي الايراني قراءة اولية (1)

تا

أعلن في العاصمة النمساوية (فيينا) التوصل لاتفاق ما بين مجموعة (5+1) وايران عن كيفية التعامل مع البرنامج النووي الايراني. وتداعيات هذا الاتفاق على منطقة الشرق الاوسط.
ولعل ما حدث يعود بنا في الذاكرة إلى ما قاله الرئيس الامريكي باراك اوباما عند تسلمه جائزة نوبل للسلام في شهر كانون الاول/ديسمبر من عام2009 في مدينة اوسلو عاصمة النرويج، بسبب دعوته لخفض المخزون العالمي للأسلحة النووية والعمل من اجل احلال السلام في العالم، حيث اشار بكلمات كانت في حينها تحاكي المجتمع الدولي قائلا (ما زلت في بداية عملي على الساحة الدولية) ان اهمية هذا القول وما كان يعنيه أوباما في حينه جاء منسجما مع ما تقوم به ادارته في معالجتها للحد من انتشار الاسلحة النووية، وتجنب اثارها على شعوب العالم ونراه بعد (6) سنوات يحقق نجاحا دبلوماسيا كبيرا بتوقيع الاتفاق حول البرنامج النووي الايراني.
ان الرئيس الامريكي كان يدرك حينها أنه سيواجه مشاكل ومصاعب عديدة خلال عمله، حيث المشاكل الدولية والنزاعات العسكرية والصراعات السياسية على امتداد في أماكن مختلفة من العالم، وفي مناطق مهمة واستراتيجية تهم مصالح الولايات المتحدة الامريكية، وأنه سيعمل بكل ما أوتي من امكانيات سياسية وقوة عسكرية، ودوافع مصلحية الى تثبيت مفهوم ادارة الولايات المتحدة الأمريكية للعالم والنظر باستراتيجية تحاكي مشاكل العالم برؤية امريكية خالصة.
ولعل أهم ملف في سياسة الرئيس أوباما الخارجية يتمثل بالبرنامج النووي الإيراني وسعي إيران الى امتلاك السلاح النووي والقنبلة النووية واستغلال مشروعها العلمي بالحصول على التكنولوجيا العلمية والفنية والنووية وتغيير مساراتها لحماية أمنها القومي وامتداد توجهاتها وأهدافها في تنفيذ مشروعها السياسي وتعزيز نفوذها وقوتها في عدد من البلدان المجاورة لها كالعراق والبحرين أو التي تبعد عنها كسورية ولبنان وأخيرا اليمن
ان الادارة الامريكية ووفق للمفاهيم التي ذكرناها تعاملت مع الملف والبرنامج النووي الايراني وفق المعطيات التالية:
1.عمل على عدم ادخار اي جهد من أجل ايجاد توازن بين العزلة والتعاون وبين الضغوط والحوافز، وهو مبدأ سارت عليه الادارة الامريكية في حوارها مع ايران لتصل الى غايتها في تحقيق نصر سياسي كان يسعى اليه الرئيس اوباما ليضيفه لسجله الساسي بعد مغادرته للبيت الابيض
2.ركزت الادارة الامريكية وبإشراف من رئيسها اوباما على اتباع مبدأ أن العقوبات من دون اليد المدودة، والادانات من دون المناقشات محكومة بالفشل، وهذا ما تحقق بالفعل باستمرار عملية التفاوض وعقد اللقاءات والمناقشات بين ايران ومجموعة القوى الستة والتي استمرت أكثر من(22) شهرا ، تمخضت بالنهاية عن توقيع اتفاق وصف من قبل الادارة الامريكية بأنه (انجاز تاريخي)
3.اتبعت الولايات المتحدة الامريكية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة سياسة احتواء ايران، الامر الذي لم يحول دون تعاون مشترك في جبهات عدة كلما اقتضت مصالحهما. بيد ان التغيير الذي طرأ على هذه المقاربة، يكشف عن رغبة امريكية ايرانية لجهة التوصل الى اتفاق ناجع يضمن تحقيق المكاسب لكل الاطراف.
وبالإمكان ان نختم مقالنا بما قاله (ترتيا باريس) أحد الاعضاء البارزين في المجلس الوطني الامريكي _ الايراني للدراسات (بأن النصر الذي تحقق في فيينا يشكل الانجاز الأكبر لأوباما).

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية