إطلالة المدمّرة “راماج” في بيروت رسالة تربك حزب الله

إطلالة المدمّرة “راماج” في بيروت رسالة تربك حزب الله

التوتر في المنطقة يبقى سيد الموقف في ظل الرسائل المشحونة سياسيا وعسكريا، بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة وإيران وأذرعها من جهة ثانية، وما مناقشة الرئيس دونالد ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو توقيع اتفاقية دفاع مشترك إلا تحضير لمرحلة تصعيد جديدة.

بيروت – تقول دوائر دبلوماسية لبنانية إن رسوّ السفينة الحربية الأميركية “يو.إس.إس راماج” في مرفأ بيروت لا يخلو من رسائل سياسية موجهة أساسا لحزب الله الذي يشكّل الذراع الأبرز لإيران في المنطقة.

وتترافق هذه الخطوة مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن نقاش بشأن توقيع اتفاقية للدفاع المشترك مع إسرائيل، في رسالة قوية تشي بإمكانية دخول المواجهة بين الطرفين من جهة وإيران وأذرعها من جهة ثانية مرحلة جديدة، وإن كان مراقبون يربطون هذه التطورات أيضا بأغراض انتخابية تتعلق بترامب نفسه ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يواجه استحقاقا مصيريا بعد أيام قليلة.

وقال بيان للسفارة الأميركية في بيروت إن “راماج” وهي مدمرة قادرة على اعتراض صواريخ باليستية، رست السبت ليوم واحد في مرفأ بيروت “على هامش مشاركتها في الجهود المبذولة لضمان حرية الملاحة والتبادل الحرّ في البحر المتوسط”.

وأضاف البيان أن دعوة وُجّهت إلى “مسؤولين أميركيين ولبنانيين” لحضور حفل استقبال على متن السفينة. وأشارت السفارة الأميركية إلى أن وجود “راماج” هو “رسالة سياسية” تؤكد “التزام الولايات المتحدة” بأن تكون “شريكا قويا” للجيش اللبناني، “بهدف تعزيز التعاون العسكري وتثبيت الأمن والاستقرار في المنطقة”.

وذكر موقع قناة “أل.بي.سي” اللبنانية، مساء السبت، أن البارجة رست في مرفأ بيروت، وعلى متنها قائد الأسطول الخامس بالجيش الأميركي، الأدميرال جيمس مالوي، إضافة إلى عدد كبير من النواب والوزراء اللبنانيين، بينهم وزيرا الدفاع والداخلية.

واشنطن قد تجد نفسها في إحدى الفترات مضطرة إلى الانتقال نحو مرحلة متقدمة، وما توجهها نحو توقيع اتفاقية للدفاع المشترك مع إسرائيل إلا التحضير لهكذا سيناريو

وقال الأدميرال مالوي، خلال حفل استقبال، إن هذه البارجة شهدت مناورة بحرية مع الجيش اللبناني، العام الماضي، بهدف تأمين التجارة البحرية وحماية البنى التحتية. فيما لفتت السفيرة الأميركية إليزابيث ريتشارد إلى أن “الشراكة مع القوات المسلحة اللبنانية لا تقتصر على المساعدات التي تقدمها واشنطن، ووجود البارجة يترجم المدى الذي بلغته هذه العلاقة، إضافة إلى تدريب الآلاف من الضباط اللبنانيين مع الجيش الأميركي”.

وتابعت “نحن ملتزمون بمساعدة الشعب اللبناني خلال هذه الفترة الاقتصادية العصيبة، وندعم المؤسسات اللبنانية التي تدافع عن سيادة لبنان”. ومضت قائلة “أما بالنسبة إلى ملف المشتقات النفطية، الذي يخص أكثر من دولة في المنطقة، والذي نأمل أن ينضم إليه لبنان قريبا، فإن الأمن البحري سيصبح أكثر أهمية”.

وتخوض الولايات المتحدة صراعا إقليميا مع إيران وذراعها اللبناني حزب الله الذي يواجه عقوبات أميركية وتصنّفه واشنطن بشقيه العسكري والسياسي منظمة “إرهابية”.

وتتجه الولايات المتحدة لتوسيع مروحة العقوبات على حزب الله لتطال حلفاءه في الداخل “بغض النظر عن دياناتهم أو طوائفهم”، وفق ما كشف عنه مساعد وزير الخارجية ديدفيد شنكر الذي زار بيروت الأسبوع الماضي.

ويتخوّف التيار الوطني الحر وحركة أمل خصوصا من إمكانية أن تصيبهم سهام العقوبات الأميركية، ويتوقّع أن تركّز جولة رئيس التيار الحر وزير الخارجية جبران باسيل في دول أوروبية والولايات المتحدة على هذا الملف، خاصة وأنّ الأخير سيكون في مقدمة المستهدفين بالنظر إلى مواقفه التي لطالما شكّلت غطاء داعما للحزب.

ولحزب الله المُمثل في البرلمان والحكومة، مكانة مهمّة على الساحة السياسية اللبنانية. ويقاتل الحزب المدعوم من طهران في أكثر من جبهة إقليمية وفي مقدمتها سوريا، وساهم تدخّله منذ العام 2013 في حسم معارك لصالح دمشق.

وفي يوليو، فرضت الإدارة الأميركية للمرة الأولى عقوبات على نواب من حزب الله في لبنان. وفي أواخر أغسطس، فرضت أيضا عقوبات على مصرف لبناني هو “جمال ترست بنك” الذي تتهمه بتقديم خدمات مصرفية لحزب الله.

ولا يستبعد مراقبون أن تتخذ الإدارة الأميركية الحالية فعليّا إجراءات عقابية بحق حلفاء الحزب، ذلك أنّ الأخيرة مُصرّة على تحجيم الأخير وعزله داخل بيئته.

إجراءات عقابية بحق حلفاء الحزب

ويرى محللون أن الولايات المتحدة تمارس حاليا أقصى الضغوط السياسية والاقتصادية على إيران لإجبارها على الدخول في مفاوضات وفق شروطها، بيد أن واشنطن قد تجد نفسها في إحدى الفترات مضطرة إلى الانتقال نحو مرحلة متقدمة، وما توجهها نحو توقيع اتفاقية للدفاع المشترك مع إسرائيل إلا تحضيرا لهكذا سيناريو.

وسبق وأن تمّت مناقشة إمكانية انخراط الولايات المتحدة وإسرائيل في اتفاقية للدفاع المشترك في عهد الرئيس بيل كلينتون، بيد أنه كانت هناك توجسات أميركية وإسرائيلية على السواء. فالولايات المتحدة تخشى ولازالت من أن تجرّها تل أبيب نحو سيناريو عسكري لا تريده، في المقابل فإنّ المسؤولين الإسرائيليين يخشون أن تقيّد هذه المعاهدة حركتهم.

وأفاد مصدر عسكري، مساء السبت، أن الجيش الإسرائيلي أحبط تهريب أسلحة من الحدود اللبنانية في الشمال إلى المناطق التي تقع تحت السيطرة الإسرائيلية.

وبيّن المصدر الذي لم يكشف عن اسمه للقناة (12) الإسرائيلية الخاصة، أنه تم الاشتباه بشخص يلقي “حقيبة كبيرة” من الحدود اللبنانية إلى إسرائيل، وعند رصدها والوصول إليها وضبطها تبيّن أنها تحوي أسلحة مهرّبة.

وأشار إلى أنه تم العثور على 17 مسدسا وأسلحة أخرى (لم يحددها)، لافتا إلى أن الجيش الإسرائيلي فتح تحقيقا لمعرفة الوجهة المفترضة للأسلحة.

وخلال الأسبوعين الأخيرين، شهد جنوب لبنان توترا عسكريّا إثر استهداف الحزب لآلية عسكرية إسرائيلية بصواريخ مضادة للدروع، ردّا على مقتل عنصريْن بالحزب بغارة إسرائيلية في سوريا، وإسقاط طائرتين مسيرتين محملتين بالمتفجرات بالضاحية الجنوبية.

العرب