واشنطن- شدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمعة العقوبات على إيران لتُصبح “العقوبات الأقسى على الإطلاق” التي تُفرَض ضد دولة، في وقت أعلن البنتاغون إرسال تعزيزات عسكريّة أميركيّة إلى الخليج بعد الهجمات التي استهدفت منشأتَي نفط سعوديّتين والتي أنحت واشنطن باللوم فيها على إيران.
ومُذكّرًا بتدمير القوّات الإيرانيّة طائرةً أميركيّة بلا طيّار في يونيو بعد احتجاز إيران ناقلة نفط بريطانيّة، قال وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر الجمعة إنّ هجوم 14 سبتمبر على منشأتين نفطيّتين سعوديّتين “يُشكّل تصعيداً كبيراً للعدوان الإيراني”.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن عملية نشر القوات ستتضمن عددا متواضعا من الجنود لن يصل إلى آلاف وستكون ذات طبيعة دفاعية بصفة أساسية. وذكر البنتاغون بشكل مفصل خطط التعجيل بتسليم معدات دفاعية لكل من السعودية ودولة الإمارات.
وتدرس الولايات المتحدة أيضا الإبقاء على حاملة طائرات بالمنطقة لأجل غير مسمى. وقال وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر في إفادة صحفية “استجابة لطلب المملكة وافق الرئيس على إرسال قوات أميركية ستكون ذات طبيعية دفاعية وتركز بشكل أساسي على الدفاع الجوي والصاروخي”.
واضاف “سنعمل أيضا للتعجيل بتسليم معدات دفاعية للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية لتعزيز قدراتهما الدفاعية”. ويغلق الإعلان الذي أصدره البنتاغون في ساعة متأخرة من مساء الجمعة الباب أمام أي قرار وشيك لشن هجمات انتقامية ضد إيران عقب الهجمات التي أدت إلى توتر الأسواق العالمية والكشف عن ثغرات كبيرة في الدفاعات الجوية السعودية.
وكان ترامب جَمَع بعد ظهر الجمعة فريقه للأمن القومي مع وزير خارجيّته مايك بومبيو ووزير دفاعه للبحث في مختلف الخيارات، بما فيها الخيار العسكري، للردّ على الهجمات التي استهدفت السبت منشأتَي نفط سعوديّتَين .
وقال ترامب في تصريح في المكتب البيضوي “فرضنا للتوّ عقوبات على المصرف الوطني الإيراني. الأمر يتعلّق بنظامهم المصرفي المركزي، وهي عقوبات في أعلى مستوى”.
من جهته أفاد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الجمعة، إن العقوبات الجديدة التي أقرها الرئيس دونالد ترامب تستهدف “كيانات إيرانية تدعم إرهاب النظام والعدوان الإقليمي”، مشددًا أن مهاجمة الدول “له ثمن”.
وقال وزير الخارجية الأميركي، في بيان، إن الولايات المتحدة فرضت عقوبات على البنك المركزي الإيراني، وصندوق التنمية الوطنية، التابع له، وكذلك شركة “اعتماد تجارات بارس”، وهي شركة مقرها إيران، يقول بومبيو إنه “ثبت أنها تخفي تحويلات مالية لصالح عمليات شراء عسكرية”، بحسب شبكة “سي إن إن” الأمريكية.
واتهم بومبيو، إيران بالقيام بـ”محاولة فاشلة لتعطيل الاقتصاد العالمي، وذلك من خلال مهاجمة منشأتي النفط التابعتين لشركة أرامكو في السعودية”.
ووصف الهجوم على أرامكو، بأنه كان “عملا عدوانيًا، متطورًا في تخطيطه، وقحًا في تنفيذه”.
ولفت إلى أن “الأدلة تشير إلى إيران، إيران فقط… ونتيجة لذلك، أمر الرئيس ترامب إدارته بزيادة العقوبات التاريخية القائمة بالفعل على الدولة الرائدة في رعاية الإرهاب بالعالم”.
وشدد وزير الخارجية الأمريكي، أن “مهاجمة الدول الأخرى وتعطيل الاقتصاد العالمي له ثمن”.
وأضاف أنه يجب محاسبة النظام في طهران من خلال العزلة الدبلوماسية والضغط الاقتصادي.
وقال بومبيو، إن “حملة الضغط القصوى ستستمر لزيادة خسائر إيران حتى تتراجع عن سياساتها المُزعزعة للاستقرار في أنحاء الشرق الأوسط وحول العالم”.
بدوره، أوضح وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين أنّ الأمر يتعلّق باستهداف “آخر مصدر دخل للبنك المركزي الإيراني والصندوق الوطني للتنمية، أي صندوقهم السيادي الذي سيُقطع بذلك عن نظامنا البنكي”.
وأضاف “هذا يعني أنّه لن تعود هناك أموال تذهب إلى الحرس الثوري” الإيراني “لتمويل الإرهاب”.
من جهته، اعتبر حاكم المصرف المركزي الإيراني أنّ العقوبات الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة على البنك الجمعة تُظهر “قلّة حيلة” واشنطن، بحسب ما أوردت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء “إرنا”.
وقال الرئيس الأميركي مُحذّراً إيران “لم يحدث أن كانت دولة أكثر استعداداً” من الولايات المتحدة لشنّ ضربات عسكريّة “وسيكون ذلك الحلّ الأسهل بالنسبة إليّ”.
وأكّد ترامب أنّ “ضرب 15 موقعاً كبيراً في إيران (…) لا يحتاج أكثر من دقيقة (…) وسيُشكّل يوماً بالغ السوء لإيران”. بيد أنّه أضاف “لكن ليس هذا ما أفضّله”.
واعتبر أنّ “إبراز قوة” الولايات المتحدة يتمّ من خلال “التحلّي بشيء من ضبط النفس”، مؤكّداً أنّه “غيّرَ مواقف كثيرين” في هذا الشأن.
واستهدفت وزارة الخزانة الأميركية البنك المركزي الايراني والصندوق السيادي الايراني بداعي “تزويدهما الحرس الثوري وجيش القدس (التابع له والمكلف العمليات الخارجية) بمليارات الدولارات” وأيضا تمويل “حليفهم الارهابي حزب الله” اللبناني.
وكانت واشنطن صنّفت هذه الكيانات الثلاثة “منظّمات إرهابيّة”.
يُذكر أنّ البنك المركزي الإيراني ومعظم المؤسّسات الماليّة الإيرانيّة تخضع لعقوبات أميركيّة منذ نوفمبر 2018 بعد انسحاب واشنطن من الاتّفاق الدولي المتعلّق بالبرنامج النووي الإيراني.
وكان بعض “صقور” الإدارة الأميركيّة دعوا الى توسيع أسباب العقوبات التي اقتصرت حتى الآن على الأنشطة النووية لإيران، لتشمل تمويل الإرهاب، حتّى يُصبح التخلّي عن تلك العقوبات أشدّ صعوبة في حال انتخاب رئيس ديموقراطي في 2020. ويميل الديمقراطيون أكثر إلى الحوار مع طهران بشأن الملف النووي.
وعلّق بهنام بن طالبلو، من مؤسّسة الدّفاع عن الديموقراطيّات التي تدعو إلى ممارسة “أقصى الضغط” على إيران، بالقول إنّ “هذا يُثبت لطهران أنّ العقوبات الأميركيّة لن تتوقّف إلا إذا غيّرت إيران سلوكها”.
العرب