كر وفر بين المتظاهرين وقوات الأمن في شوارع بغداد

كر وفر بين المتظاهرين وقوات الأمن في شوارع بغداد

كربلاء (العراق) – أكدت المرجعية الدينية الشيعية العليا في العراق في مدينة كربلاء الجمعة دعمها لمطالب المتظاهرين، داعية الحكومة العراقية إلى “تدارك الأمور قبل فوات الأوان”.

وفي خطبة الجمعة، قال أحمد الصافي ممثل آية الله العظمى علي السيستاني أعلى مرجعية شيعية في العراق، إن “هناك اعتداءات مرفوضة ومدانة على المتظاهرين السلميين وعلى القوات الأمنية”، مؤكدا أنه “على الحكومة أن تغير نهجها في التعامل مع مشاكل البلد” و”تدارك الأمور قبل فوات الأوان”.

وأضاف الصافي أن “على الحكومة النهوض بواجباتها وأن تقوم بما في وسعها لتحسين الخدمات العامة وتوفير فرص العمل للعاطلين عن العمل والابتعاد عن المحسوبيات في الوظائف العامة واستكمال ملفات المتهمين بالتلاعب بالأموال العامة وسوقهم إلى العدالة”.

وتصاعدت المواجهة بين المحتجين الذين باتوا يطالبون “بإسقاط الحكومة” وشرطة مكافحة الشغب الجمعة في العراق على الرغم من نداءات رئيس الوزراء إلى التحلي بالصبر وعلى الرغم من قطع الإنترنت في اليوم الرابع من التظاهرات التي خلفت 44 قتيلاً.

وتعهد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بإصلاح غير واضح المعالم لن يهدئ العراقيين على الأرجح برغم تصريحه بأنه لا يوجد “حل سحري” متاح.

وهذه الاحتجاجات، التي أشعلها غضب شعبي بسبب تدهور أحوال المعيشة والفساد، هي أول تحد كبير يواجه عبد المهدي الذي تولى السلطة العام الماضي بدعم من الأحزاب الشيعية التي تسيطر على العراق منذ الإطاحة بصدام حسين عام 2003.

كما تأتي أيضا قبيل أربعينية الإمام الحسين إذ من المتوقع أن يقطع نحو 20 مليون شيعي رحلة لعدة أيام سيرا على الأقدام إلى مدينة كربلاء في جنوب العراق لحضور المراسم التي تقام سنويا.

وساد الهدوء غالبية أنحاء العاصمة العراقية قبيل صلاة الجمعة. وانتشر أفراد الجيش والقوات الخاصة في الميادين والشوارع الرئيسية في ظل حظر التجول الذي فرضته الحكومة وانتهكه آلاف المحتجين أمس الخميس.

ويتوقع العراقيون احتجاجات كبيرة اليوم الجمعة في ظل غياب أي رد فعل ملموس من الساسة الذين يتهمونهم بعرقلة تعافي البلاد بعد أعوام من الصراع بسبب الفساد والاهمال.

واعترف رئيس الوزراء في خطاب بثه التلفزيون أثناء الليل بوجود حالة من الغضب الشعبي لكنه أصر على أن الساسة على علم بمعاناة الشعب وأضاف “لا نسكن في بروج عاجية نتجول بينكم في شوارع بغداد وبقية مناطق العراق ببساطة”.

ودافع رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي عن أداء حكومته وإدارتها للأزمة، محذرا من أن هذه الأزمة يمكن أن “تدمر الدولة برمتها”.

وقال عبدالمهدي، في ساعة مبكرة من صباح الجمعة، إنه يجب إعادة الحياة إلى طبيعتها في جميع محافظات العراق، وخاطب المتظاهرين في البلاد قائلا إن صوتهم مسموع ومطالبهم مشروعة.

وأضاف عبدالمهدي في كلمة بثها التلفزيون العراقي الرسمي: “نحن متمسكون بالدستور وعلينا إصلاح المنظومة السياسية ونتحمل مسؤولية قيادة الدولة في هذه المرحلة الحساسة”.

وطالب رئيس الوزراء، مجلس النواب بإجراء تعديلات وزارية بعيدا عن المحاصصة السياسية، مضيفا: “يؤسفنا أن البعض نجح في إخراج المظاهرات عن مسارها السلمي”.

واعتبر أن “التصعيد بالتظاهر بات يؤدي إلى خسائر بالأرواح وتدمير الدولة”، منبها إلى وضع ضوابط صارمة لمنع العنف”.

ودعا إلى الالتزام بالهدوء وطلب دعم أعضاء البرلمان لتغيير بعض المناصب الوزارية وإبعادها عن سيطرة الأحزاب والجماعات الكبيرة.

وأفادت مصادر الشرطة بأن الحكومة فرضت في وقت سابق حظر التجول في ثلاث مدن بجنوب العراق في حين فتحت قوات مكافحة الإرهاب النار على محتجين حاولوا اقتحام مطار بغداد وانتشرت في مدينة الناصرية في الجنوب بعدما “فقدت” الشرطة “السيطرة” بعد تبادل لإطلاق النار بين محتجين وقوات الأمن.

وتجمع المحتجون في شوارع بغداد خلال الليل حول نيران أشعلوها في حطام مدرعة في الجهة المقابلة لمقر الحكومة عبر نهر دجلة.

وصاح أحد الأشخاص “إنهم يطلقون الرصاص الحي على الشعب العراقي والثوار. يمكننا عبور الجسر وطردهم من المنطقة الخضراء”.

وأضاف مخاطبا رئيس الوزراء “سيعبرون الجسر. من الأفضل أن تستقيل، الشعب يريد إسقاط النظام”.

وبعد عامين من هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية حظي العراق بالسلم وحرية التجارة لأول فترة طويلة منذ السبعينيات. وارتفع إنتاج النفط لمستويات قياسية مما وفر مكاسب كبيرة لخزينة الدولة. لكن البنية التحتية أصبحت متداعية والمدن متهالكة بعد أعوام من الحرب والعقوبات حيث لا يوجد سوى القليل من فرص العمل للسكان البالغ عددهم 40 مليونا.

ويقول المحتجون إن أموالهم تذهب إلى الأحزاب التي تسيطر على السلطة في بغداد.

واشتبكوا مع قوات الأمن في الاحتجاجات التي بدأت في بغداد يوم الثلاثاء ثم امتدت إلى مدن في الجنوب ذي الأغلبية الشيعية. وأصيب المئات بعدما فتحت قوات الأمن النيران لتفرقة الحشود ورد المحتجون في بعض المناطق بإطلاق النار.

 

العرب