بغداد – يقترب رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي من خسارة أطراف سياسية جديدة، يبدو أنها قررت القفز من سفينة الحكومة، التي توشك على الغرق بسبب موجة احتجاج غير مسبوقة، اجتاحت البلاد طولا وعرضا، وسقط فيها حتى الآن أكثر من 100 قتيل، ونحو أربعة آلاف جريح.
وقتل 5 متظاهرين، السبت، وسط بغداد برصاص قوات الأمن التي كانت تطلق النار بكثافة لتفريق المحتجين، وفق ما أفاد شهود عيان.
وشجع ضغط الاحتجاجات واتساع مداها أطرافا كانت تتردد في إعلان مواقف مناهضة للحكومة و”تأييد” المتظاهرين بعد الاستهجان وترك الحكومة والميليشيات تبطش بهم، على غرار التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، ورئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي الذي يقود ائتلاف النصر البرلماني، وتحالف المحور الوطني بزعامة السياسي السني خميس الخنجر.
وبدا لهذه الأطراف أن حكومة عبدالمهدي تنهار في مواجهة احتجاجات شعبية واسعة، بعيدة عن المحركات الحزبية والسياسية، في تطور فريد من نوعه، ما دفعها إلى الإعلان عاجلا عن موقف مناهض للسلطة التنفيذية، التي مارست كل أشكال القمع لإسكات المتظاهرين، من دون فائدة.
وتقول مصادر مطلعة على كواليس التطورات إن الصدر والعبادي ينسقان الآن موقفا واضحا للمطالبة بإقالة عبدالمهدي والدعوة إلى انتخابات مبكرة، وسط تسريبات عن الانفتاح على الجانب الكردي لضمان عدم ممانعته، بعدما جذب هذا الحراك إلى صفه كتلة سنية يتزعمها الخنجر، تحتكم على 20 مقعدا في البرلمان.
وبرغم أن هذا الحراك، لم يكن له أن يتطور إلى هذا الحد، لولا حركة الاحتجاج التي قمعتها الحكومة بدموية، إلا أنه يلقى بشكل واضح شيئا من الترحيب في أوساط المتظاهرين، مع علمهم بأنه ركوب لموجتهم.
ويقول مراقبون إن هذا التناغم بين أحزاب سياسية ومحتجين ناقمين على هذه الأطراف بالضرورة، يعكس رغبة صريحة لدى الطرفين بالتخلص من النفوذ الإيراني، الذي باتت حكومة عبدالمهدي تمثله بوضوح.
وفي حال خرجت أنباء التنسيق بين هذه الأطراف إلى العلن، فإن حكومة عبدالمهدي ستخسر معظم داعميها، باستثناء تحالف الفتح، الذي يجسد بأوضح صورة، النفوذ الإيراني في العراق.
ويقول متظاهرون إنه لم يعد مهما من هو الطرف البديل، بالرغم من أن الأحزاب الشيعية لا تختلف عن بعضها كثيرا، إلا أن نجاح التظاهرات في الإطاحة برئيس الحكومة سيمثل رسالة إلى مختلف الأطراف السياسية بأن الشارع قادر على صنع التغيير.
وفضلا عن عبدالمهدي، لم يبق من طرف عراقي يتحدث عن “بقاء النظام الحالي” سوى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، الذي ربما يشعر بالقلق من أن تطوله نقمة المحتجين، فيما يبدو رئيس الجمهورية برهم صالح، خارج دائرة الخطر المباشر في الوقت الحالي.
وكشف النائب السني في البرلمان العراقي أحمد الجبوري، محاولة رئيس البرلمان استقبال محتجين والإصغاء إلى مطالبهم وإطلاق وعود بتحقيقها، فشلت فشلا ذريعا، إذ انتهى لقاء في مجلس النواب، السبت، بمطالبة ممثلين عن المتظاهرين الحلبوسي بالتنحي فورا، برغم وقوفه بينهم.
وقال الجبوري إن ممثلي المتظاهرين اجتمعوا بالحلبوسي في مبنى البرلمان، ورفضوا طلبه علنا عندما دعاهم إلى إنهاء الاحتجاجات، بل وطالبوه بالاستقالة.
ويقول مراقبون إن نطاق حركة الاحتجاج يتسع، ما ينذر بعملية تغيير واسعة، بعد فشل الحلول الترقيعية التي حاولت الحكومة تهدئة المتظاهرين بها.
وبدت الأجواء هادئة في بغداد، صباح السبت، بعد ساعات من قرار رفع حظر التجوال عنها، الذي طبق على مدار يومين، لمنع المحتجين من التجمهر في الساحات العامة.
وقال مراسل “العرب” في بغداد إن الحركة كانت محدودة جدا في العاصمة العراقية، صباح السبت، وسط ترقب لاندلاع موجة احتجاجات جديدة بحلول المساء.
لكن الانتشار الأمني كان كثيفا، مع استمرار السلطات الأمنية في إغلاق المنطقة الخضراء، حيث يقع مبنى رئيس الحكومة، الذي يصنف الآن على أنه أحد أهم أهداف المتظاهرين.
وقالت مصادر أمنية إن عناصر في ميليشيات عراقية موالية لإيران، نشرت مسلحين قرب المباني الحيوية في المنطقة الخضراء.
وكانت عمليات بغداد أبلغت، فجر السبت، عن سقوط ضابط كبير في صفوفها، برصاص قناصين مجهولين، لدى قيادته قوة لتفريق تظاهرة في ساحة الطيران وسط العاصمة.
العرب