تفجرت حالة واسعة من الجدل في تركيا بعد تصريح لقيادي في حزب العدالة والتنمية الحاكم عن إمكانية خفض نسبة انتخاب الرئيس من 50 إلى 40 في المئة وهو ما اعتبرته المعارضة مؤشراً على تراجع شعبية الحزب الحاكم وخشيته من عدم الفوز في الانتخابات المقبلة، رغم نفي الحزب تبنيه لهذا المقترح.
فبينما نفى الرئيس رجب طيب اردوغان والناطق باسم الحزب عمر جليك وجود هذا الأمر على أجندة البرلمان في الفترة المقبلة، إلا أن المعارضة اعتبرت الأمر “بالون اختبار” لقياس رد فعل الشارع والأحزاب السياسية، متوقعة وجود مخطط للحزب الحاكم من أجل خفض النسبة لضمان الفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة عام 2023 والتي تدور شكوك حول إمكانية تقديمها إلى موعد أقرب.
هذا الجدل بدأ بعدما اقترح أحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية والوزير السابق فاروق جليك تصريحاً خفض النسبة اللازمة لانتخاب رئيس الجمهورية من 50+1 في المئة إلى +140 في المئة، وقال: “ليتم انتخاب رئيس الجمهورية من الشخص الذي يحصل على 40 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى، النظام السابق مُتعب لتركيا”.
وما زاد من حالة الجدل، أن التصريح الأول لاردوغان لم يحسم برفضه الفكرة، وإنما فهم منه أن الأمر يمكن نقاشه داخل أروقة البرلمان. حيث رد على سؤال في هذا الإطار بالقول: “هذا الأمر يحتاج إلى تعديل دستوري، ومكان نقاشه البرلمان، نحن بصفتنا الحزب الأكبر في البرلمان نجهز المقترح ويقدم للبرلمان، وبعد ذلك يحتاج إلى عمل مشترك من الحزب الحاكم والمعارضة”.
ولكن وبعد ساعات قليلة فقط على هذا التصريح، قال اردوغان إن تصريح الوزير السابق لا يمثل حزب العدالة والتنمية “هذا رأيه الخاص فقط، لا يوجد على أجندتنا مثل هذا الأمر، ولم يطرح للنقاش” كما اعتبر أن تصريحه كان خاطئاً من حيث التوقيت والمكان (افتتاح السنة الدستورية الجديدة في البلاد) ولفت إلى أن هكذا أمر “سيعود بنا إلى الخلف، ويُتعب الشعب”.
ولفتت صحف تركية إلى أن اردوغان أصدر تعليماته إلى قيادات الحزب بضرورة عدم النقاش في هذا الأمر، وأنه طلب أن يتم رفض المقترح في حال جرى طرحه من قبل أي حزب آخر، لافتاً إلى أن الشعب التركي صوت على نسبة 50 في المئة في التعديلات الدستورية الأخيرة التي شهدتها البلاد عام 2017.
المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية عمر جليك، قال: “لا يوجد على أجندة الحزب هكذا مسألة، هذا رأي شخصي لمن طرحه ولا يمثل الحزب” معتبراً أن الشعب التركي وافق على نظام 50 في المئة من الاستفتاء الأخير وأن العدالة والتنمية لا ينوي مخالفة الإرادة الشعبية والعودة لإجراء تغيير جديد في الدستور.
في السياق ذاته، اعتبر رئيس البرلمان التركي مصطفى شنطوب أنه لا داعي على الإطلاق لطرح هذا الأمر، مشدداً على أن “نظام 50 في المئة صحيح، وليس من الوارد أن يجبر على إقامة تحالفات، بكل بساطة سيحصل أي مرشح يصل إلى الجولة الثانية على 50 في المئة”.
وتعتبر أحزاب المعارضة التركية أن إثارة الحزب الحاكم لهذه القضية هو “بمثابة اعتراف أن أصوات الحزب تراجعت إلى أقل من 40 في المئة” لا سيما عقب تراجع أصوات الحزب الحاكم في الانتخابات المحلية التي شهدتها البلاد في آذار/مارس الماضي، وخسارته للبلديات الكبرى في البلاد.
حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة التركية وعلى لسان رئيس كتلته البرلمانية تساءل حول ما إن كان هذا المقترح حول بالفعل فكرا شخصيا لمن صرح به أو إنه أشبه بـ”بالون اختبار” لقياس رد فعل الشارع والأحزاب التركية وضمن خطة ممنهجة لطرح الموضوع، وقال: “لن ندعم أي تغيير دستوري حالياً باستثناء التعديل الذي سوف ينهي نظام الرجل الواحد في البلاد (النظام الرئاسي)”.
كما اعترض حزب الجيد على المقترح وهاجم الرئيس اردوغان في منشور على الصفحة الرسمية للحزب على تويتر، جاء فيه: “لا يكفيكم 40 في المئة؟ أضيفوا شروطا أخرى للتعديل منها أن يكون الرئيس المقبل ذكرا وبشارب وطوله 185 سم وله نسيب بمنصب وزير” وذلك في إشارة إلى أن التعديل المطروح يهدف إلى ضمان فوز اردوغان في الانتخابات المقبلة.
كما اعترف حزب الحركة القومية -حليف العدالة والتنمية في تحالف الجمهور-على المقترح، وقال إن “الحركة القومية لا ينظر بحرارة إلى هذا الطرح”.
القدس العربي