نشرت مجلة “نيوزويك” تقريرا قرأت فيه أسباب الاحتجاجات الجديدة في العالم العربي، خاصة العراق، الذي قتل فيه حتى الآن أكثر من 100 متظاهر وجرح حوالي أربعة آلاف في تظاهرات تطالب بالإصلاح ومكافحة الفساد.
وقال معد التقرير، توم أوكونور، إن العالم العربي يشهد موجة جديدة من التظاهرات في لبنان ومصر والعراق ومناطق أخرى من المنطقة، حيث يخرج فيها المتظاهرون احتجاجا على الظروف الاقتصادية والفساد وعوامل أخرى مثيرة للاستقرار.
ففي العراق تزداد حصيلة القتلى، فيما وصلت الأزمة الاقتصادية التي مضى عليها أكثر من عقد في لبنان درجة الغليان، أما مصر فيطالب المحتجون بالثورة الثالثة بعد أقل من عقد، بشكل دفع عددا من المراقبين للمقارنة مع الربيع العربي الذي اجتاح العالم العربي عام 2011.
وكانت انتفاضات الربيع لديها نفس الحوافز: الإحباط بين الشبان ومعدلات البطالة بين السكان وتراجع الثقة بالقادة الذين حكموا البلاد لمدة طويلة. واستطاعت تونس -التي قاد فيها حرق شاب نفسه إلى موجة احتجاجات في كل أنحاء العالم العربي- التحول إلى الديمقراطية. ولكن مصر شهدت تغيرا في السلطة مرتين أعاد البلاد إلى قبضة الحكم العسكري من جديد. وتم سحق الاحتجاجات في دول الخليج العربي، أما سوريا واليمن وليبيا فقد دخلت حالة من الحرب الأهلية مستمرة. واليوم يشهد العالم العربي حالة من التوتر، بالتأكيد تقوم الحكومات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وحول العالم بمراقبة حالة التصعيد والإضرابات الجديدة.
ففي العراق، عانى اقتصاد البلد بسبب النزاعات على مدى العقود الماضية، من الحرب العراقية – الإيرانية في الثمانينيات من القرن الماضي، إلى غزو العراق عام 1990 وحرب الخليج الأولى والعقوبات التي فرضت على النظام العراقي، ثم الغزو الأمريكي 2003 وما تبعه من دمار، وأخيرا تنظيم الدولة الإسلامية. فعندما تمت هزيمة هذه الجماعة الجهادية عام 2017 أمل الكثيرون ببداية جديدة، إلا أن إعادة إعمار البلاد كانت بطيئة ولام السكان الطبقة السياسية الحاكمة.
وربما لم تكن السلطة في بغداد متجانسة، خاصة بعد سقوط نظام صدام حسين، إلا أن السلطة ظلت تدور في يد طبقة سياسية واحدة. وعبرت منظمتا الصليب الأحمر وأمنستي إنترناشونال عن القلق من تدهور الوضع في البلاد.
وفي لبنان، عانى البلد من آثار المحاصصة الطائفية وتداعيات الحرب الأهلية التي استمرت ما بين 1975 – 1990 والتي دمرت الاقتصاد وخلفت انقساما مرا وخلافات أيديولوجية لا تزال قائمة حتى اليوم. وعانى البلد من حرب عام 2006 وآثارها المدمرة ونتائج الحرب الأهلية في سوريا التي جلبت معها أكثر من مليون لاجئ.
وعادة ما قامت أطراف السلطة اللبنانية إلى زواج المصلحة، خاصة مع أطراف خارجية قوية، ولم يتم إجراء أي إحصاء رسمي في هذا البلد الصغير على البحر المتوسط منذ عام 1932 خشية إثارة المشاكل.
وبحسب دراسة نشرت في تموز/ يوليو، فإن عدد السكان متساوٍ بين السنة والشيعة والمسيحيين الذين ينتمون لطوائف عدة. وأدى الشلل الحكومي إلى عدد من التداعيات على المجتمع المدني بما في ذلك تراكم النفايات في الشوارع، بالإضافة للعجز عن مواجهة مشكلة الدّين المتزايد بسبب نقص العملة الصعبة وتعويم الدولار. ومن هنا فقد استهدفت التظاهرات في بيروت والمدن الأخرى قادة الطوائف الثلاث التي تسيطر على القرار في البلد.
وفي مصر التي تمت الإطاحة بزعيم حكم طويلا مثل تونس عام 2011، فقد شهدت بعد أقل من عامين الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي. واستطاع قائد الجيش السابق عبد الفتاح السيسي السيطرة على البلاد منذ عام 2013 ومنح سلطات واسعة للجيش خاصة في مجال الفرص الاقتصادية. وواجهت مصر تهديدات من تنظيم الدولة في مصر فيما فشل السيسي بالوفاء بوعود الإصلاح التي جاء إلى السلطة بناء عليها.
وعندما بدأ المقاول محمد علي بوضع أشرطة فيديو عن الفساد وتبذير المال العام شعر الكثير من المصريين بالسخط وخرجوا في تظاهرات نادرة. وردت الحكومة بحملة قمع واسعة رافقها رقابة على وسائل التواصل الاجتماعي التي نظر إليها على أنها مريبة. ونظمت الدولة تظاهرات مضادة مؤيدة للسيسي.
وفي الجزائر أطاحت التظاهرات بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مع أن النظام استطاع إبعاد شبح الربيع العربي عام 2011.
وفي السودان أطاح المتظاهرون بحاكم حكم طويلا هو عمر حسن البشير. أما في فلسطين فيواصل الفلسطينيون التظاهر من أجل حق العودة إلى الأراضي التي شرد منها آباؤهم وأجدادهم. وفي داخل الخط الأخضر تجمع الفلسطينيون احتجاجا على انتشار العنف.
وفي الأردن لم تتوقف التظاهرات منذ عام 2011 ولكن المدرسين أعلنوا عن إضراب مطالبين بتحسين ظروفهم. وهناك تقارير عن احتجاجات في المغرب حيث خرجت تظاهرات احتجاجا على قوانين الإجهاض والعلاقات الجنسية خارج الزواج، واتهام صحافية بارزة بهما.
القدس العربي