رغم إعلان مكتب رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي عن الاتفاق مع تنسيقيات المعارضة عن تأجيل التظاهرات الاحتجاجية إلى حين الانتهاء من «أربعينية الحسين» في 20 من الشهر الجاري، شهدت بغداد تظاهرة، فضلاً عن حملة اعتقالات.
وحسب ما نقلت مواقع محلية عن مصدر أمني، فإن «تظاهرة خرجت في ساحة عدن غربي بغداد»، مبينا أن «القوات الأمنية قامت بملاحقة المحتجين لإنهاء التظاهرة».
كذلك، قامت القوات الأمنية، بحملة اعتقالات واسعة استهدفت شبانا في مناطق متفرقة من العاصمة بغداد.
وحسب ما ذكر العضو السابق في مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي، هيوا عثمان، في منشور على «فيسبوك»، فقد «جرى اعتقال مئات الشبان في حملة اعتقالات واسعة ومستمرة في مناطق الزعفرانية، الأمين، البلديات، المشتل، بغداد الجديدة، العبيدي».
وأعلنت قيادة عمليات بغداد، فتح عدد من الطرق الرئيسية وسط العاصمة، أغلقت على خلفية التظاهرات.
وبدأت الاحتجاجات العنيفة في العراق من بغداد، الثلاثاء الماضي، للمطالبة بتحسين الخدمات العامة وتوفير فرص العمل ومحاربة الفساد، قبل أن تمتد إلى محافظات في الجنوب ذات أكثرية شيعية.
رفع سقف المطالب
ورفع المتظاهرون سقف مطالبهم وباتوا يدعون لإقالة الحكومة التي يقودها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، إثر لجوء قوات الأمن للعنف لاحتواء الاحتجاجات.
ويحتج العراقيون منذ سنوات طويلة على سوء الخدمات العامة الأساسية من قبيل الكهرباء والصحة والماء فضلا عن البطالة والفساد، في بلد يعد من بين أكثر دول العالم فسادا، بموجب مؤشر منظمة الشفافية الدولية على مدى السنوات الماضية.
وقالت القيادة (تتبع للجيش) في بيان إن «قيادة عمليات بغداد باشرت بفتح عدد من الطرق بشكل تام وسط العاصمة».
وأضافت أن «هذه الطرق هي من تقاطع قرطبة باتجاه ساحة الطيران، وطريق شارع النضال من تقاطع ساحة الطيران باتجاه مجمع الوزارات وساحة الأندلس، إضافة إلى إعادة فتح جسر السنك ذهابا وإيابا».
وفي الديوانية، توفي متظاهر متأثرُا بإصابته بطلق ناري خلال الاحتجاجات قبل أيام، وفق مصدر طبي.
وقال المصدر، طالبًا عدم ذكر اسمه، إن الجريح لفظ أنفاسه الأخيرة بعد فشل كل محاولات إنقاذه.
وأضاف أن عددًا من الجرحى لا يزالون يتلقون العلاج، موضحا أن أغلب الإصابات بطلقات نارية.
وفي محافظة بابل، جنوبي البلاد، أعلنت الشرطة اعتقال متهم بقتل متظاهر.
وقالت قيادة الشرطة، في بيان لها، إن «عملية الاعتقال جاءت بعد فتح تحقيق فوري بالحادث لجمع المعلومات ومتابعة عدد من مقاطع الفيديو، فضلاعن الاستماع الى إفادات شهود».
ولم تكشف السلطات الأمنية هوية المعتقل أو الجهة التي ينتمي لها.
أما في مدينة الصدر، فقد أكد مصدر أمني، وصول قوة من قيادة الشرطة الاتحادية، بعد تكليفها بمهمة تأمين وحماية المدينة، بدلا من قوات الجيش العراقي.
وقال المصدر إن «اللواء الرابع التابع للفرقة الأولى – الشرطة الاتحادية إضافة إلى قوة من الفرقة الآلية، كلف بمهام تأمين مدينة الصدر، بدلا من اللواء الـ45 التابع للفرقة الحادية عشرة في الجيش العراقي».
وأضاف أن «رئيس الوزراء وجه بسحب كافة قطعات الجيش من مدينة الصدر واستبدالها بقطعات الشرطة الاتحادية وذلك نتيجة الأحداث والاشتباكات التي شهدتها المدينة ليلة الإثنين»، حيث سقط حوالي 13 قتيلاً.
وبين أن «قوات الجيش المكونة من اللواء الـ45 والتي كانت مكلفة بالملف الأمني في مدينة الصدر ستتوجه إلى أحد القواطع الأمنية في مدينة كركوك شمال بغداد».
اعتقالات وتفريق تجمع في بغداد… ووفاة محتج متأثراً بجراحه في الديوانية
واشار إلى أن «اللواء الرابع في الشرطة الاتحادية كان مكلفا بحماية قاطع أمني في مدينة كركوك، قبل أن يتسلم مهامه في مدينة الصدر».
ورجح أن «يكون اختيار اللواء الرابع في الشرطة الاتحادية لتأمين مدينة الصدر، جاء لكونه تابعا للفرقة الأولى في الشرطة الاتحادية والمكلفة بتأمين الجزء الأكبر من جانب الرصافة في بغداد، وتمهيدا لتكليف الشرطة الاتحادية في مسك الملف الأمني في العاصمة».
في الموازاة، أعلن مكتب رئيس الوزراء العراقي، الاتفاق مع تنسيقيات المتظاهرين على تعليق الاحتجاجات في البلاد إلى حين الانتهاء من «أربعينية الحسين» في 20 من الشهر الجاري.
وفي تصريح صحافي، قال مصطفى جبار، مسؤول خلية المتابعة في مكتب رئيس الوزراء، «تواصلنا مع جميع تنسيقيات التظاهرات في بغداد والمحافظات، وأعلنت (التنسيقيات) إيقاف تظاهراتها إلى ما بعد زيارة الأربعين لقدسية هذه الزيارة».
وأوضح أن التنسيقيات «قدمت لهم مطالب بسيطة جداً (لم يذكرها)، وهم (خلية المتابعة) وعدوا بتنفيذ أغلبها».
ناشط مدني قال أن قبول التنسيقيات تعليق المظاهرات جاء بموافقة جميع الأعضاء.
وأضاف الناشط، مفضلاً عدم الكشف عن هويته، أن تعليق المظاهرات جاء احتراماً وتقديراً لزيارة الأربعينية، ولتهيئة الأجواء لإقامة مراسم الزيارة من قبل ملايين المشاركين.
ويتوجه ملايين العراقيين من الشيعة سيرًا على الأقدام صوب مدينة كربلاء (جنوب)، لإحياء مناسبة «أربعينية الحسين»، التي توافق 20 أكتوبر/ تشرين أول الجاري.
الناشط موسى رحمة الله، قال لـ«القدس العربي»، إن «التظاهرات قد توقفت مؤقتاً بعد حصول اتفاق بين المتظاهرين، وعدد من شيوخ والوجهاء في مدينة الصدر».
وذكر بأن «الاتفاق صدر بايقاف التظاهرات بشكل مؤقت مقابل إطلاق سراح المتظاهرين المعتقلين لدى الحكومة العراقية، وعدم تعرضهم للتعذيب من قبل الجهات المسؤولة»، مضيفاً أن «من أسباب إيقاف التظاهرات أيضاً، هو بسبب تزامن الزيارة الأربعينية إلى كربلاء، ومن أجل الحفاظ على أرواح الزائرين تقرر إيقاف التظاهرات، وكذلك من أجل اكتمال الشفاء التام للجرحى الذين أصيبوا في التظاهرات».
وبين أن «المتظاهرين بصدد توحيد صفوفهم، واختيار قيادة موحدة تقوم بالتحرك والعمل والتنسيق مع جميع التنسيق بين المتظاهرين»، لافتاً إلى أن «هذه المظاهرات هي بداية وإنطلاقة للشعب العراقي بالتحرر والتخلص من الفساد والاستبداد الذي نخر جسد الدولة العراقية منذ 16 عاما وأثبت المتظاهرون أن خروجهم هو من أجل نيل حقوقهم التي سرقتها الطبقة الحاكمة والعيش بحرية وكرامة».
وزاد «نحن بانتظار خروج المعتقلين، حسب الاتفاق الذي جرى بينهم وبين شيوخ مدينة الصدر والمناطق الأخرى الذين بدورهم سيتواصلون مع الحكومة العراقية وتوصيل قائمة المطالب والتي بينها إخراج جميع المتظاهرين من السجون والمعتقلات».
عدم الإيفاء بالوعود
الناشط والصحافي أسامة العبدالله قال لـ«القدس العربي» إن «الحكومة غير قادرة على الإيفاء بوعودها التي قطعتها للمتظاهرين»، مبيناً أن «هذه الوعود ماهي إلا جزء قليل من المطالب، غير أن الحكومة لن تستطيع الإيفاء بها».
وأضاف: «سبق للحكومات السابقة أن قطعت وعودا بعد مظاهرات مماثلة غير أن تلك الوعود لم تطبق بل كانت من أجل إمتصاص الزخم الجماهيري»، موضحاً أن «عجلة الفساد ستستمر في الدولة».
وحذر من أن «هناك ملاحقات تطال الناشطين الذين قادوا التظاهرات وتم تهديدهم بالقتل من قبل جهات مجهولة»، وتابع أن «كثيرا من الناشطين فروا إلى أربيل حفاظا على أرواحهم بعد تلقيهم تهديدات بالقتل هم وعائلاتهم».
وبين أن «العراق لايزال وضعه الاقتصادي والسياسي غير مستقر، وهذا ما يحفز الجماهير على التظاهرات والخروج مجددا».
المتظاهر أحمد طه، كشف كذلك لـ« القدس العربي» عن تعرض المحتجين لعمليات قمع وإضطهاد مروعة من قبل القوات الأمنية والميليشيات».
وقال: «العيارات النارية كانت تطلق علينا بشكل مباشر إضافة إلى انتشار القناصة فوق اسطح المباني وقنصهم للمتظاهرين السلميين».
وأشار إلى أن «هناك تظاهرات كبيرة ستخرج لاحقاً، ما لم يتم تحقيق مطالب المتظاهرين ومحاكمة كل من قام بإطلاق النار على المتظاهرين».
في السياق، كشف مسؤول في وزارة الصحة العراقية، أمس الثلاثاء، مقتل 165 شخصا على الأقل خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة خلال أسبوع.
وأوضح المصدر للأناضول، مفضلاعدم نشر اسمه، أن «أعداد القتلى خلال الاحتجاجات تراوحت بين 165 و180 شخصاً، بينما تجاوز عدد الجرحى 5 آلاف بينهم حالات حرجة»، خلال أسبوع من التظاهرات العارمة ضد الحكومة.
وأضاف أن «أغلب الذين قتلوا أصيبوا بطلقات نارية في الصدر أو الرأس».
ووفق أرقام وزارة الداخلية المعلنة الأحد، فإن 104 أشخاص قتلوا خلال الاحتجاجات بينهم 8 من أفراد الأمن.
ولا يشمل الرقم الضحايا الذي سقطوا في مدينة الصدر شرقي بغداد مساء الأحد وعددهم 15.
القدس العربي