القاهرة – دفع الغزو التركي للأراضي السورية إلى تحرك سريع لمؤسسة الجامعة العربية، وعجل بالحديث عن اتخاذ إجراءات لعودة سوريا إلى مقعدها الشاغر منذ سبع سنوات بجامعة الدول العربية، بعد التئام جلسة طارئة لوزراء الخارجية، السبت، دعت إليها مصر.
ووصفت جامعة الدول العربية الهجوم التركي بأنه “غزو لأراضي دولة عربية وعدوان على سيادتها”.
وأكد البيان الختامي، الذي تحفظت عليه كل من قطر والصومال، “الدعوة لاستعادة سوريا لدورها في المنظومة العربية”، في إشارة قد تمهد الطريق أمام سوريا لشغل مقعدها في الجامعة العربية.
وأوضح أحمد أبوالغيط، الأمين العام للجامعة العربية، في مؤتمر صحافي السبت، أن مسألة العودة تحتاج إلى تحركات دبلوماسية وبلورة رؤية حول تفاصيل هذه المسألة، وعقد اجتماع خاص بها، لافتا إلى أنه على سوريا دور ومسؤوليات (لم يحددها) يجب أن تقوم بها حيال هذه الخطوة.
وشدد محمد الحكيم وزير خارجية العراق، في كلمته أمام الاجتماع الطارئ، على ضرورة عودة دمشق إلى مقعدها، وهو ما أيّده فيه مندوب الجزائر، وجبران باسيل وزير خارجية لبنان.
وتساءل باسيل “ألم يحن الوقت لعودة الابن المُبعد والمصالحة العربية-العربية أم علينا انتظار الأضواء الخضراء من كل حدب وصوب”، في تلميح إلى أن قرار العودة يخضع لاعتبارات إقليمية ودولية عديدة، ويحتاج إلى موافقات من قوى كبرى، الأمر الذي أدى إلى تجميد ملف سوريا بالجامعة طويلا، فلا شغلته الحكومة، ولم تتمكن المعارضة من استلامه.
وأدانت الجامعة العربية العملية العسكرية التركية في شمال شرق سوريا، واعتبرتها بمثابة “غزو لأراضي دولة عربية وعدوان على سيادتها”، وهو ما أشار إليه غالبية رؤساء وفود الدول العربية، واستنكروا حدوثه، وناشدوا المجتمع الدولي بالتحرك لكف العدوان.
وطالب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، بـ”خروج تركيا وقواتها، وكل القوات الأجنبية التي استباحت هذا البلد العربي والدفع نحو إنجاح الحل السياسي”.
وحمل البيان الختامي لوزراء الخارجية أنقرة “مسؤولية عودة التنظيمات الإرهابية.. والنظر في اتخاذ إجراءات سياسية واقتصادية وسياحية في التعاون مع تركيا”.
وقالت نورهان الشيخ، أستاذة العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، إن عدم وجود نص صريح وواضح بشأن عودة سوريا في البيان الختامي، “دليل على أن هناك فعالية عربية تقوم بشكل أكبر على التصريحات وليس الأفعال في التعامل مع الهجمات التركية على الأراضي السورية، والحماس الذي ظهر في كلمات وزراء الخارجية ما زال منقوصا وبحاجة إلى المزيد من التوافق العربي”.
وأشارت نورهان الشيخ في تصريح لـ”العرب”، إلى أن فاعلية أدوار الجامعة تتعلق برغبة الدول العربية التي تعول على تحركاتها الفردية بعيدا عن المظلة الأم، غير أن السيولة السياسية والعسكرية التي تشهدها المنطقة في الوقت الحالي تفرض زيادة حصة التنسيق العربي، الذي سوف تصل أصداؤه تلقائيا إلى الجامعة، ويرتبط الأمر بما ستؤول إليه الأوضاع الحالية، في ظل التصعيد التركي، والأطماع الإيرانية.
وأضافت أن وجود قطر في المعسكر التركي-الإيراني يؤثر على محاولات التوافق تحت سقف الجامعة العربية، لأنها تتدخل سلبا في جملة من الأزمات التي تشهدها المنطقة، سواء ما يتعلق بسوريا أو ليبيا أو اليمن.
وأثار الهجوم انتقادات دولية حادة ومخاوف من تداعياته الإنسانية، وقالت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا التي يقودها الأكراد إن ما يقرب من 200 ألف شخص نزحوا بسببه. وقدر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة عدد النازحين بأكثر من مئة ألف من مدينتي تل أبيض ورأس العين.
واعتبرت واشنطن أن التوغل التركي يلحق “ضررا بالغا” بالعلاقات مع أنقرة. وقال وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر لنظيره التركي إن على أنقرة تهدئة الموقف “قبل أن يتعذر إصلاحه” بينما حذر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك من أن الهجوم قد يؤدي إلى “كارثة إنسانية”.
العرب