أثارت العودة القوية للاحتجاجات الشعبية في العراق، المزيد من التكهنات، حول المدى الذي يمكن أن تصل إليه، والسيناريوهات التي تنتظر البلاد، في ظل إصرار المحتجين على مواصلة احتجاجاتهم، رغم تزايد عدد القتلى والجرحى في صفوفهم.
وكانت الموجة الثانية، من احتجاجات الشارع العراقي ضد الفساد الحكومي، قد تفجرت يوم الجمعة الماضي، وأودت بحياة أربعين شخصا، كما أسفرت أيضا، عن جرح ألفين آخرين، وفق المفوضية العراقية العليا لحقوق الإنسان، في وقت قالت فيه قيادة العمليات المشتركة العراقية السبت 26 تشرين الأول/أكتوبر، إنها ستتعامل مع قاتلي المتظاهرين بحزم وقوة، وفقا لقانون مكافحة الإرهاب.
ورغم سقوط هذا العدد من القتلى العراقيين، يوم الجمعة الماضي، إلا أن المحتجين عاودوا التظاهر السبت، محاولين الاعتصام في ساحة التحرير وسط بغداد، إلا أن قوات الأمن العراقية، استخدمت قناب الغاز في تفريقهم.
ويعتبر كثير من المراقبين، أن هناك حالة من فقدان الثقة تتزايد يوما بعد يوم، بين المحتجين والحكومة العراقية، ويرون أن ممارسات سلطات الأمن العراقية، خلال التصدي لاحتجاجات الجمعة، مستخدمة الذخيرة الحية، كانت مخالفة تماما لوعود الحكومة العراقية، بحسن التعامل مع المحتجين، كما أنها جاءت مخالفة لما وعد به رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، في خطابه الذي أدلى به في نفس اليوم.
وكان عبد المهدي قد اشار في خطابه الذي وجهه للمحتجين، إلى أن حكومته ستعمل على خطوات أساسية عدة، أبرزها إجراء تعديلات وزارية الأسبوع المقبل بعيداً عن المحاصصة، كما ستعمل أيضا على تعديل قانون الانتخابات، وتشكيل مفوضية انتخابات جديدة، ومنع الجماعات المسلحة من تشكيل أحزاب سياسية.
وفي سياق مواقف الأطراف السياسية العراقية كان لافتا ذلك البيان الذي أصدره الزعيم الشيعي مقتدى الصدر السبت 26 تشرين الأول/ أكتوبر ، والذي أعلن فيه رفض الاعتداء على المتظاهرين، وخاطب الحكومة قائلا “إذا أردتم من الشعب أن لا يَقتُل ولا يَحرِق فيا فاسدين كفوا أيديكم عنهم، استقيلوا قبل أن تُقالوا.. أو أصلحوا قبل أن تُزالوا.. وإلا فلات حين مناص”.
ويعتبر محللون عراقيون، أن الوضع يمضي إلى حالة من التحدي، بين الحكومة والمحتجين، بفعل عدم تغير النهج الذي تعتمده السلطات الأمنية، في مواجهة الاحتجاجات، ويرون أن استمرار قتل المحتجين، سيزيد من إصرارهم على أهدافهم، والوصول إلى إسقاط الحكومة، في وقت تطالب فيه بعض الأصوات المؤيدة للحكومة، بمنحها فرصة ثلاثة أشهر، لإثبات حسن نواياها في مجال الاصلاحات.
من جانب آخر دخل الدور الإقليمي على خط تلك الاحتجاجات، وسط دعاوى بأن الاحتجاجات تستهدف إيران بالدرجة الأولى، عبر استهداف حكومتها الحليفة في بغداد، وهو نفس ما ذكر فيما يتعلق بالاحتجاجات التي يشهدها لبنان.
وكان حسين أمير عبد اللهيان، مستشار رئيس البرلمان الإيراني، قد اتهم كلا من الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية، باستغلال المطالب الحقيقية للشعب العراقي، لتهيئة الأجواء للتدخل الأجنبي في هذا البلد.
وقال عبد اللهيان، إن “هذه البلاد تسعى إلى زعزعة أمن واستقرار العراق وإسقاط الحكومة المنتخبة وتهيئة الأجواء للتدخل الأجنبي في العراق من خلال استغلالها للمطالب الحقيقية للشعب العراقي”.
بي بي سي عربي