طلاب العراق في الصفوف الأمامية ضد السلطة الحاكمة

طلاب العراق في الصفوف الأمامية ضد السلطة الحاكمة

بغداد – شارك الآلاف من الطلبة والتلاميذ في موجة التظاهرات المتواصلة بالعراق ضد النظام السياسي الحاكم منذ 16 عاما. وخرج الطلاب من جامعات عراقية ومدارس مختلفة في أكثر من منطقة.

وتتواصل الاحتجاجات لليوم الرابع على التوالي في العراق مع ترقب جلسة لمجلس النواب تبحث مطالب المتظاهرين. وكان البرلمان قد اخفق في عقد جلسة السبت الماضي لمناقشة الاحتجاجات لعدم اكتمال النصاب.

ولا يعول العراقيون على البرلمان القائم على المحاصصة السياسية والطائفية في البلاد ويعتبرون أن هذا المجلس هو نتاج لعملية سياسية كاملة تسببت في الفساد والقتل وتردي أوضاعهم الأمنية والاجتماعية والاقتصادية.

وأعلن أربعة نواب عراقيين استقالتهم من البرلمان العراقي بينهم السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي على خلفية اتساع رقعة المظاهرات الاحتجاجية.

وقالت مصادر مواكبة إن الاضطراب الهائل في المجال التعليمي داخل العاصمة العراقية، قوبل بقلق بالغ من قبل السلطة، إذ أن نظرية المؤامرة لم تعد قابلة للصمود.

وقال الباحث العراقي حارث حسن، إن “مشاهد مشاركة الطلبة اليوم في الحركة الاحتجاجية، سواء بوقفاتهم الاحتجاجية في الجامعات او المدارس، او بذهابهم الى الساحات، اعطتني أملاً كبيراً”، مشيرا إلى أن حركة الاحتجاج الحالية تمثل “ولادة لمجتمع مدني جديد، متحرر من سطوة الجيل القديم، غير مسكون بمخاوف وعقد الماضي، ويريد أن يصنع قدره بنفسه”.

وتابع حسن أن “هؤلاء الشباب بتلقائيتهم يهزمون سردية المؤامرة، ويضعون الطبقة الكهلة – فكراً وعمراً – أمام أكبر تحدٍ لها”. وزاد، “لقد خسرت الشيعية السياسية هيمنتها الثقافية (في العراق)، ولم يعد أمامها سوى الإيغال في استخدام أدوات العنف والتخوين”.

وأضاف أنه “شيء جديد يولد، ولن يتمكنوا من تحديه بأدواتهم ولغتهم العتيقة.. كأنها مواجهة تزداد وضوحاً بين الماضي والمستقبل”. وتضاربت تقديرات المراقبين بشأن الخطوة التالية التي يمكن أن تتخذها الحكومة بين تقديم استقالتها أو التورط في المزيد من القمع.

وقتل 74 عراقيا على الأقل وأصيب المئات يومي الجمعة والسبت عندما اشتبك متظاهرون مع قوات الأمن وفصائل مسلحة في موجة ثانية من الاحتجاجات المناهضة لحكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي هذا الشهر ليرتفع بذلك العدد الإجمالي لقتلى الاحتجاجات في أكتوبر إلى 231.

ودعت وزارة الخارجية الأميركية جميع الأطراف في العراق إلى نبذ العنف، معربة عن تعازيها لأسر قتلى المظاهرات التي شهدتها البلاد في الآونة الأخيرة.

وجاء في بيان للخارجية الأميركية “إن الولايات المتحدة تشعر بقلق عميق إزاء الإغلاق الإجباري لوسائل الإعلام والضغط لفرض رقابة على الإبلاغ بشأن الاحتجاجات”.

ومن جهتها انتقدت مفوضية حقوق الإنسان في العراق استخدام القوات الأمنية الغازات المسيلة للدموع والمياه الساخنة والقنابل الصوتية والهراوات لتفريق المتظاهرين أثناء المصادمات التي حصلت بين القوات الأمنية في بغداد وعدد من المحافظات.

كما انتقدت المفوضية تقييد حرية القنوات الإعلامية والصحفيين.

ولا تزال القوات العراقية تغلق جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء فيما انتشرت خيم الاعتصام في محيط ساحة التحرير وساحات ومناطق الاعتصام في عدد من المحافظات.

ويقول شهود عيان إن “وتيرة المظاهرات تخف خلال الساعات الأولى من النهار، لكنها تشتد عصرا لتسجل حضورا كثيفا خلال الليل فيما لايزال مئات المتظاهرين داخل مخيمات الاعتصام.

وعززت القوات العراقية من انتشارها ودفعت بقوات إضافية من قوات مكافحة الإرهاب على خلفية الهجمات المتكررة على المقار الحكومية والحزبية.

وشهد الأحد احتشاد الآلاف من المتظاهرين في مدن بغداد والناصرية والحلة وكربلاء. وأشعل المحتجون النار في مدخل مبنى مجلس محافظة كربلاء في حين أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريقهم في كربلاء والحلة. وكانت الاحتجاجات في الناصرية يوم الأحد سلمية.

وقال جهاز مكافحة الإرهاب العراقي إنه نشر قوات في شوارع بغداد لحماية المنشآت السيادية من “عناصر غير منضبطة”.

وأضاف الجهاز في بيان “بتوجيه من القائد العام للقوات المسلحة وبأمر رئيس جهاز مكافحة الإرهاب قوات من جهاز مكافحة الإرهاب تنتشر في بعض مناطق بغداد لحماية المنشآت السيادية والحيوية من أن تعبث بها عناصر غير منضبطة مستغلة انشغال القوات الأمنية في حماية التظاهرات والمتظاهرين”.

وكان مصدران أمنيان أبلغا وكالة رويترز يوم السبت بأن قوات الجهاز في بغداد تلقت أمرا باستخدام كل الوسائل الضرورية لإنهاء الاحتجاجات ضد حكومة عبدالمهدي. وضربت قوات مكافحة الإرهاب واعتقلت عشرات المحتجين في مدينة الناصرية بجنوب البلاد.

وتشكل التطورات أكبر تحد لعبدالمهدي منذ توليه السلطة قبل عام. ورغم تعهد رئيس الوزراء بإصلاحات وقراره إجراء تغيير وزاري موسع، فإنه يواجه صعوبات حتى الآن في تهدئة سخط المحتجين.

وبدأت التصدعات تظهر في التحالفات السياسية الداعمة للحكومة الائتلافية الهشة مما يجعل زعامة عبدالمهدي غير مستقرة على نحو متزايد.

العرب