نشر موقع الكونغرس “ذا هيل” تقريرا كتبه نيال ستانيج قال فيه إن مقتل زعيم تنظيم الدولة لن يغير قواعد اللعبة بالنسبة للرئيس دونالد ترامب. وقال إن الرئيس أحرز يوم السبت نجاحا مهما بمقتل زعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي، إلا أن الخبراء السياسيين يعتقدون أن النجاح لن يغير من وضعه الداخلي والمشاكل التي يعانيها، في الوقت الذي يقبل فيه الجمهوريون أن موت البغدادي -الذي فجر نفسه بعد ملاحقة قوات العمليات الخاصة له في إدلب شمال سوريا- أقل أهمية من قتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، في عهد باراك أوباما. وقال إستراتيجي في الحزب الجمهوري على علاقة مع البيت الأبيض معلقا على مقتل البغدادي: “هذا أمر مختلف عن أسامة بن لادن لأن كل واحد كان يعرف هوية الإرهابي”، وبالمقابل “لم يكن يعرف الكثير من الناس من هو زعيم تنظيم الدولة”.
وقال دان جودي، الإستراتيجي الجمهوري، إنه كان من المهم الاعتراف بنهاية البغدادي ولكن النظر إليها من خلال المنظور الداخلي. وقال: “من الناحية الإستراتيجية هذا أمر عظيم وانتصار ضخم، وأعتقد أن الناس يعترفون بهذا”، و”لكن الكثير من الناس لا يعرفون البغدادي فيما احتل ابن لادن مركزا منفردا في النفسية الأمريكية”. ولو كان هؤلاء الخبراء على صواب في تحليلاتهم فسيشعر الرئيس بالخيبة. وحاول ترامب ليلة السبت إثارة مقتل البغدادي في تغريدة له ليلة السبت وقبل الإعلان رسميا عن مقتله صباح الأحد، وسط صخب في غرفة الاستقبال الدبلوماسية في البيت الأبيض.
وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” إنه كان يأمل من تحويل مقتل البغدادي إلى “لحظة مهمة في إرثه السياسي”. واستعان ترامب بلغته المتقلبة لوصف مصير البغدادي عندما وصف وفاته بأنه “مات مثل الكلب” وأنه “كان ينشج ويصرخ”. والإثنين، تحدث الرئيس في مؤتمر للشرطة بشيكاغو قال إنه كان يجب قتل البغدادي قبل سنوات “ورئيس سابق كان عليه قتله”.
وحصل أوباما على زيادة في شعبيته بعد مقتل ابن لادن في 2 أيار (مايو) 2011. ففي الأسبوع الذي سبق قتل ابن لادن كانت شعبية أوباما حسب استطلاع أنجزه معهد غالوب متدنية: 47% لم يوافق على أدائه مقابل 44% يدعم أداءه. إلا أن هذه النسبة زادت بعد أسبوع إلى 51% دعمت أداءه مقابل 40% لم توافق على أدائه. وفي العام التالي حيث كان أوباما يخوض معركة لإعادة انتخابه، لخص نائبه جوزيف بايدن الإنجازات التي قامت بها إدارته بقتل ابن لادن وإنقاذ صناعة السيارات “مات ابن لادن وعاشت جنرال موتورز”.
ولا يعتقد أن تؤدي وفاة البغدادي إلى نفس الأثر لترامب، ليس لأن زعيم تنظيم الدولة غير معروف بشكل واسع في أمريكا ولكن لأن ترامب نفسه شخصية مثيرة للانقسام. كما أن موقف ترامب مرتبط بشكل أقرب بالشؤون الداخلية مثل إجراءات محاكمته ووضع الاقتصاد. إلا أن الغارة التي قتلت البغدادي أدت لموافقة حتى أعدائه بمن فيهم آدم شيف، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب. وقال في تصريحات لمحطة إي بي سي: “شكرا لله على التخلص منه”، ووصف مقتل زعيم تنظيم الدولة “بالنصر المهم” و”يوم عظيم”، لكنه لم يمدح ترامب بل وانتقد قرار الأخير سحب القوات الأمريكية من سوريا والتخلي عن الأكراد الذين قاتلوا مع القوات الأمريكية. بل ويناقش الجمهوريون أن التخلص من البغدادي لن يؤدي لتغيير شعبية الرئيس، ولكنه قد يمنحه مساحة للتنفس من النواب الجمهوريين الذين انتقدوا قرار سحب القوات الأمريكية من سوريا.
وقال جودي: “الكثير من الجمهوريين خاصة من هم في الكابيتال هيل ليسوا راضين عن هذا” في إشارة لقرار سحب القوات. وأشار إلى أن “العملية الأخيرة قد تخفف من الضغط عليه بسبب قراره”. وقال الإستراتيجي الآخر في الحزب الجمهوري إن العملية قد تترك أثرا آخر هو “تعزيز صورة ترامب كزعيم قوي بين أنصاره”.
وبالمقارنة شعر الديمقراطيون في الكابيتال هيل بالسخط لأنهم لم يحصلوا على معلومات أولية عن الغارة ضد البغدادي. وقال السناتور الديمقراطي عن ديلوار كريستوفر كونز إن عدم إخبار الديمقراطيين البارزين في الكونغرس يعتبر “إهانة”. وقال ديمقراطيون آخرون إن استعراضات الرئيس وتبجحه يقتل كل أثر إيجابي للعملية. ففي مؤتمره الصحافي يوم الأحد تحدث عن رؤيته المتقدمة بشأن خطر ابن لادن وأخرج واحدا من كتبه ليؤكد ما يقول.
وأشار جويل روبن الذي عمل مساعدا لوزير الخارجية أثناء إدارة أوباما إلى أن ترامب سعى لتحويل عملية قتل البغدادي لنصر شخصي. وقال روبن إن أوباما وجورج دبليو بوش كانا معتدلين في تعليقاتهما عقب مقتل أسامة بن لادن وصدام حسين. وأضاف أن ترامب يشعر بالحاجة لفعل هذا والقول إنه فعله بطريقة أفضل. ويتفق الجميع من الحزبين على نقطة واحدة هي العودة للشؤون الداخلية بعد الاهتمام بمقتل البغدادي، خاصة محاكمة الرئيس.
القدس العربي