بعد سنوات من النقاش والبحث والمساعي الأرمنية للاعتراف الأميركي بـ”الإبادة التركية بحق الشعب الأرمني”، والمساعي التركية المضادة، أيد مجلس النواب الأميركي قراراً يعترف بأن عمليات القتل الجماعي التي تعرض لها نحو 1.5 مليون أرمني خلال الفترة من 1915 إلى 1923 إبادة جماعية.
وسارعت تركيا إلى التنديد بالقرار الذي يأتي في ظل تراجع العلاقات الأميركية – التركية. واستدعت أنقرة، الأربعاء، سفير الولايات المتحدة للاحتجاج على القرار، وفق مسؤولين أتراك.
وقد وافق المجلس الذي يهيمن عليه الديمقراطيون بغالبية 405 أصوات مقابل 11 صوتاً على القرار الرمزي لكنه تاريخي.
وبعد قليل من ذلك التصويت، وافق مجلس النواب بغالبية ساحقة أيضاً على قرار يطالب الرئيس دونالد ترمب بفرض عقوبات وقيود أخرى على تركيا والمسؤولين الأتراك بسبب هجوم أنقرة في شمال سوريا.
وصوت أعضاء المجلس بغالبية 403 أصوات لمصلحة القرار مقابل 16 صوتاً. ويندرج في إطار مساعي الديمقراطيين وكثير من الجمهوريين في الكونغرس لدفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحكومته إلى إنهاء الهجوم على القوات الكردية التي ساعدت القوات الأميركية في الحرب على تنظيم داعش.
ومن شأن ذلك التحرك أن يلهب العلاقات بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي.
ولم يتضح بعد مصير التشريعين في مجلس الشيوخ، إذ لم يتحدد بعد موعد لإجراء تصويت مماثل.
المسموح والممنوع
وتقول الرواية التركية أن كثيراً من الأرمن الذين كانوا يعيشون في الإمبراطورية العثمانية قتلوا في اشتباكات مع القوات العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، فيما تشكك في الأرقام وتنفي حدوث القتل على نحو ممنهج أو أنه يمثل إبادة جماعية.
وتعتبر أنقرة أن التدخل الخارجي في هذه القضية تهديد لسيادتها.
وتعثرت على مدى عقود في الكونغرس تشريعات تعترف بالإبادة الجماعية للأرمن لمخاوف من أن تعقد العلاقات مع تركيا، وبسبب الضغوط الشديدة التي مارستها حكومة أنقرة على واشنطن.
ويأتي القراران الأميركيان في أجواء صفقة شراء تركيا منظومة دفاع صاروخي روسية في تحد للعقوبات الأميركية، وتوغلها في الآونة الأخيرة في شمال سوريا لمحاربة المقاتلين الأكراد بعدما سحب ترمب فجأة القوات الأميركية من المنطقة.
تنديد تركي سريع
وسارعت تركيا إلى التنديد بكلا التشريعين، قائلة إن قرار الإبادة الجماعية “يخلو من أي أساس تاريخي أو قانوني… وباعتباره خطوة سياسية بلا معنى فإنه موجه فحسب إلى جماعات الضغط الأرمنية وتلك المناهضة لتركيا”.
وانتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء، اعتراف مجلس النواب الأميركي بـ”الابادة الأرمنية” ووصفه بأنه “لا قيمة له” و”أكبر اهانة” للشعب التركي.
وفي ما يتعلق بقرار العقوبات، قالت وزارة الخارجية التركية إن التدابير العقابية التي تستهدف كبار المسؤولين الأتراك والقوات المسلحة التركية “لا تتفق مع روح تحالفنا في حلف شمال الأطلسي” وتتعارض مع اتفاق وقف إطلاق النار في شمال سوريا الذي جرى التوصل إليه مع إدارة ترمب في 17 أكتوبر (تشرين الأول).
وحثّت الوزارة، في بيان، “الكونغرس الأميركي على عدم استغلال القضايا الثنائية في الاستهلاك السياسي المحلي وعلى العمل وفقاً لروح تحالفنا وشراكتنا”. ودعت إدارة ترمب إلى التحرك كي لا يلحق مزيد من الضرر بالعلاقات.
وتعتبر تركيا الأكراد في شمال سوريا تهديداً أمنياً. ويشعر كثيرون من أعضاء الكونغرس بغضب شديد من الهجوم على القوات الكردية، التي كانت تقاتل حتى وقت قريب إلى جانب القوات الأميركية ضد متشددي تنظيم الدولة الإسلامية.
اللوبي
وسعى الديمقراطي آدم شيف عضو مجلس النواب، الذي يوجد بدائرته كاليفورنيا عدد كبير من ذوي الأصول الأرمنية، لإقرار تشريع من هذا القبيل على مدى 19 عاماً. وحشد الدعم للقرار في خطاب مشحون بالعواطف في مجلس النواب، أشار فيه إلى الأكراد.
وقال “عندما نرى صور الأسر الكردية التي استبد بها الرعب في شمال سوريا وهي تقوم بتحميل متعلقاتها في سيارات أو عربات تجرها الدواب وتفر من ديارها إلى أي مكان بعيداً من القنابل التركية والميليشيات المغيرة فكيف يمكننا القول إن جرائم ارتكبت قبل قرن من الزمان باتت من الماضي؟”.
وأضاف “لا يمكننا قول ذلك. لا نستطيع أن ننتقي ونختار أي الجرائم ضد الإنسانية مناسبة للحديث عنها… لا يمكن أن تحملنا قوة خارجية على الصمت”.
اندبندت العربي