جاء الاتفاق النووي الايراني مع الدول الست الراعية للمفاوضات التي امتدت زهاء السنتين ليحقق مفهوما جديدا سعت اليه الادارة الامريكية وهي اعتماد الحوار المشترك والمفاوضات المباشرة مبدأ وحلا واقعيا لحل العديد من مشاكل العالم دون الرجوع او الاستناد الى استخدام القوة العسكرية المباشرة والتدخل العسكري في انهاء صراعات ونزاعات مناطق العالم ومنها مناطق الشرق الاوسط ، ولهذا فقد سوقت الادارة الامريكية دعما لمصالحها في المنطقة وتعزيزا لقدرتها في الحفاظ على علاقتها الدولية واشعارا لحلفائها التقليديين أنها حققت نصرا تاريخيا انعكست أثاره الايجابية على الجميع وهي بذلك ضمنت لهم استمراريتهم في الحفاظ على مزاياهم السياسية ومصالحهم وامكانية استمرارهم في سدة الحكم
وعلى هذا المنوال جاءت تعليقات وتصريحات الرئيس الامريكي باراك اوباما لتؤكد حقيقة واضحة وناصعة أنه سعى لتأكيد ذاته الشخصي وبناء مجدا له وتسجيل اسمه في سجل القادة التاريخيين الذين حققوا للعالم مكاسب سياسية انعكست بصورة ايجابية على حياة الشعوب بعيدا عن الصراعات العسكرية والنزاعات السياسية التي لم تجلب لشعوب العالم غير الهلاك والدمار واراقة الدماء وازهاق الارواح ، وهو بهذا انما يعبر عن حقيقة سياسية اختص بها وعمل جاهدا لتأكيدها بتوقيع الاتفاق النووي مع ايران
ولكننا لو نظرنا لحقيقة هذا الاتفاق فأننا نراه قد حفظ لإيران ما يلي:
1.استمرار أنشطة جميع المنشآت النووية الايرانية ولم يتم تعطيل أي منها، وهي نقطة جوهرية تساعد ايران على الاستمرار بتجاربها النووية والحفاظ على معداتها وأجهزتها النووية وفعالية عملها
2.استمرار برنامج التخصيب الايراني وهي حالة عملية وعلمية تساعد ايران على انتاج مواد التخصيب التي تساهم في دعم واسناد برنامج مفاعلها النووي وان كان يبدو سلميا لأنه سيقع ضمن طائلة العقوبات والمتابعات الميدانية لمفتشي الامم المتحدة الا ان هذا لا يمنع ايران من الاستمرار ببرنامجها النووي
3.الحفاظ على البنية التحتية لجميع المرافق النووية ،وهي منحة قدمت للإيرانيين بالحفاظ على جميع ما انجزته وتم بناؤه من المرافق العلمية التي تساعدهم مستقبلا على الاستمرار بنهجهم ومتابعتهم للبرنامج النووي وهي دعوة للإبقاء هذه المرافق لخدمة الجانب العلمي في ايران وجعلها في مصاف الدول المتقدمة علميا
4.عدم التخلص من اجهزة الطرد المركزي والاحتفاظ بمنشأة أراك لإنتاج الماء الثقيل وعدم تحويله الى الماء الخفيف ، وهذا يشكل ايذانا ومفتاحا للإيرانيين بالاستمرار بتجاربهم النووية وتطويرها وبموافقة دولية أطرتها عملية التوقيع على الاتفاق النووي
5.انهاء عملية تجميد المليارات من الدولارات التي كانت في أرصدة ايران بموجب الاتفاق الذي وقع مع الدول الستة والذي منح الحكومة الايرانية حرية التصرف بمبلغ (120) مليار دولار امريكي سيعاد الى خزينتها المالية وستعمل على استخدام هذا المبلغ الكبير بحل مشاكلها الاقتصادية الداخلية وتحسين أوضاعها المالية وتعزيز اقتصادها الوطني واستمرار سياستها الخارجية ودعم برنامجا التوسعي
6.رفع جميع العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة من قبل الاتحاد الاوروبي وانفتاح المساهمين والشركات الاوروبية للعمل في طهران وتشجيع الاستثمارات المالية والمشاريع الاقتصادية التي ستسهم في تحسين الاقتصاد الايراني
7.اعادة الاستثمار في مجالي حقول النفط والغاز والتنقيب عنهما والمباشرة باستخراجهما والاستفادة من تصديرهما والانتفاع من المنتوجات النفطية التي تصاحب عملية الاستثمار في مجال الطاقة وسيكون للشركات العالمية الرئيسية والاوروبية مكانا بارزا في هذه العمليات والتي تفتح لإيران مجالا واسعا ورحبا لتعزيز قدراتها المالية ودعم اقتصادها الداخلي.
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية