بغداد – قال المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني إن المحافظة على سلمية الاحتجاجات تحظى بأهمية كبيرة وإن “المسؤولية الكبرى في ذلك تقع على عاتق القوات الأمنية بأن يتجنبوا استخدام العنف”.
وحث السيستاني الحكومة في خطبة الجمعة بمدينة كربلاء على الاستجابة لمطالب المحتجين في أسرع وقت، كما حذر من وجود “أطراف وجهات داخلية وخارجية… قد تسعى اليوم لاستغلال الحركة الاحتجاجية الجارية لتحقيق بعض أهدافها”.
وقال “إن هناك أطرافا وجهات خارجية وداخلية كان لها دور في مما أصاب العراق من آذى وقمع وتنكيل وهي قد تسعى اليوم لاستغلال الحركة الجماهيرية الجارية لتنفيذ مآربها”.
وتابع أن” أمام القوى السياسية الممسكة بالسلطة فرصة جديدة للاستجابة لمطالب المتظاهرين تنفذ بمدة زمنية ولا يجوز المزيد من المماطلة والتسويف لما له من مخاطر جمة”.
وأوضح أن ” التظاهر السلمي حق لكل عراقي بالغ وكامل يعبر عن رأيه ويطالب بحقه ممن شارك أو لم يشارك وليس لأحد أن يلزم الاخر بالمشاركة بالمظاهرات”.
من جهته، دعا مجلس النواب الأميركي، الجمعة، الحكومة العراقية إلى حماية حق الشعب في الاحتجاج والتجمع السلمي ومحاسبة “كل من يستخدم القوة والعنف” ضد المتظاهرين والصحفيين.
جاء ذلك في بيان مشترك لرئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس، إليوت إنغل وهو نائب عن الحزب الديمقراطي، مع النائب عن الحزب الجمهوري مايكل ماكول.
وأكد البيان على دعوة الحكومة العراقية للعدول عن قرار قطع الإنترنت، زرفع القيود المفروضة على منصات التواصل الاجتماعي.
كما دعا الحكومة إلى ضمان أن “جميع الأحزاب السياسية والمجموعات العرقية والطوائف تعيش بسلام في عراق قوي يتمتع بالسيادة والازدهار”.
ويصر المتظاهرون بالعراق على المضي في مطالبهم برحيل الطبقة السياسية التي أدارت البلاد طوال السنوات الـ16 الماضية لفشلها في تثبيت ركائز الدولة.
وكانت مصادر أمنية عراقية أعلنت الجمعة مقتل ما لا يقل عن ستة محتجين بوسط بغداد، وأربعة آخرين أثناء فض اعتصام في مدينة البصرة بجنوب البلاد.
وأصيب عشرات في أنحاء أخرى من البلاد، فيما لم تظهر أي علامة على تراجع الاضطرابات الدامية المستمرة منذ أسابيع.
واستخدمت قوات الأمن الذخيرة الحية ضد المتظاهرين قرب جسر الشهداء بوسط بغداد. واستخدمت الذخيرة الحية أيضا ضد المتظاهرين في البصرة، المصدر الرئيسي لثروة العراق النفطية.
وفي جنوب العراق، قال مسؤولو ميناء أم قصر إن عشرات المتظاهرين المناهضين للحكومة أحرقوا الإطارات وسدوا مدخل الميناء فمنعوا الشاحنات من نقل الأغذية والواردات الحيوية بعد ساعات من استئناف العمليات.
وفشلت الحكومة العراقية في إيجاد مخرج من أكبر تحد يواجهها في سنوات. وكسرت الاضطرابات حالة الهدوء النسبي التي تلت هزيمة داعش المتشدد في 2017.
وأودت حملة تنفذها السلطات على محتجين معظمهم عزل بحياة أكثر من 260 شخصا منذ تفجر الاضطرابات في أول أكتوبر بسبب نقص الوظائف وتردي الخدمات والبنية الأساسية بفعل الصراع والعقوبات والفساد على مدى عقود.
ويلقي المحتجون، ومعظمهم شبان عاطلون، بالمسؤولية عما آلت إليه الأمور على النخبة السياسية التي تحكم العراق منذ الإطاحة بصدام حسين في غزو قادته الولايات المتحدة عام 2003 ويطالبون بإصلاح كامل للنظام السياسي.
وبدأ العراق يشعر بالأثر المالي للاضطرابات المستمرة منذ أسابيع، والتي اندلعت شرارتها في بغداد قبل أن تمتد سريعا إلى المدن الجنوبية.
من ناحية أخرى، قال مصدر بالبنك المركزي إن القطاع الخاص تضرر من قطع الإنترنت الذي فرضته الحكومة لمحاولة كبح الاضطرابات.
وأضاف المصدر أن البنوك الخاصة في العراق سجلت خسائر تبلغ حوالي 16 مليون دولار يوميا منذ أول انقطاع للإنترنت في أوائل أكتوبر.
وقال المصدر إن الخسائر المجمعة للبنوك الخاصة وشركات الهاتف المحمول وخدمات تحويل الأموال والسياحة ومكاتب حجز تذاكر الطيران تتجاوز في المتوسط 40 مليون دولار يوميا وهو ما يعادل نحو 1.5 مليار دولار خلال أكثر قليلا من شهر.
واستأنف ميناء أم قصر العمليات لفترة وجيزة في وقت مبكر من صباح الخميس بعدما أخلى معظم المتظاهرين المنطقة. لكن مسؤولي الميناء قالوا إن بضع عشرات من النشطاء وأقارب متظاهر قتل خلال العنف المستمر منذ أسابيع عادوا لإغلاق البوابة الرئيسية.
وتقول الحكومة إنها تقوم بإصلاحات دون أن تعرض شيئا من شأنه أن يرضي معظم المحتجين.
ويقول كثير من العراقيين إن تقديم رواتب للفقراء وتوفير فرص عمل أكثر للخريجين وتعهدات بمعاقبة حفنة من المسؤولين الفاسدين جاءت بعد فوات الأوان بالنسبة لمن يطالبون بإصلاح المؤسسات الحكومية وعملية انتخابية معيبة ونظام حكم يغذي الفساد المستشري.
العرب