من المؤكد أنه ستتم مناقشة الاتفاق النووي مع إيران بشكل مكثف بينما يبحث الكونغرس في الاتفاق طوال الفترة القادمة التي أمدها 60 يوماً. فهذه الصفقة معقّدة وتحتوي على أجزاء كثيرة. وبالنسبة إلى الإدارة الأمريكية، فإن الاتفاق قد أعاق الطريق الذي يوصل إيران إلى القنبلة النووية، على الأقل للسنوات الخمسة عشر المقبلة، وهذا الادعاء يستحق الثناء نظراً للقيود التي فُرضت على عدد أجهزة الطرد المركزي، والتقليص بعيد المدى لمخزون إيران من اليورانيوم منخفض التخصيب، وإزالة المكونات الأساسية لمفاعل الماء الثقيل في آراك وإعادة تصميمها، وتعهد إيران بالتخلي عن قدرات إعادة المعالجة لهذه الفترة الزمنية.
بالإضافة إلى ذلك، من المؤكد أن الرئيس أوباما على حق في إعلانه بأن الاتفاق لا يتعلق بالثقة، ذلك لأنه ستكون هناك وسائل شاملة للتحقق مما يحدث في إطار البرنامج النووي الإيراني. وفي الواقع، إن رصد سلسلة التوريد بأكملها بدءً من استخراج اليورانيوم وصولاً إلى تخصيب غاز سداسي فلوريد اليورانيوم في أجهزة الطرد المركزي سيجعل من الصعب على إيران نقل المواد إلى برنامج سري دون أن تعلم الولايات المتحدة بذلك. لذا، فقد حقق الاتفاق بعض الإنجازات الهامة جداً.
ولكن تبرز أيضاً بعض نقاط الضعف المهمة التي لا بد من معالجتها. فمعرفة أن إيران قد غشت في الاتفاق هو شيء، والتأكيد على أن هناك ثمن لكل إخلال بهذا الاتفاق، مهما كان صغيراً، هو شيء آخر. فالاتفاق ينص على “إعادة فرض العقوبات”، التي ترفع أساساً تعليق العقوبات في حال حدوث انتهاك إيراني للاتفاق النووي. ومن الواضح أنه تم تصميم خيار “إعادة فرض العقوبات” من أجل التعامل مع خرق كبير للصفقة، وخاصة لأن إيران تعلن صراحة في الاتفاق أنها ستتوقف عن تنفيذ التزاماتها النووية إذا ما تمت إعادة فرض العقوبات. فما الذي سيحدث إذا غشت إيران بشكل هامشي؟ على سبيل المثال، إذا قامت بتخصيب اليورانيوم إلى نسبة 7 في المائة، وليس بنسبة 3.67 في المائة المسموح بها؟ لن تكون إعادة فرض العقوبات منطقية كثيراً في هذا الظرف، ولكن من الواضح أنه يمكن لـ “الّلجنة المشتركة” التي تجمع كل الأطراف المتفاوضة أن تعالج مثل هذه القضية من عدم الامتثال. لكن في هذه الحالة، من المرجح أن تعلن إيران أنها ارتكبت خطأً بقولها إنها لن تكرره مرة أخرى.
أيبدو ذلك جيداً؟ ليس تماماً. فنظراً إلى سجل إيران [في المسار النووي]، من المرجح أنها ستغش بشكل هامشي لاختبار وسائل التحقق ولرؤية الكيفية التي قد تكون بموجبها قادرة على تغيير خط الأساس. وبالتالي يجب وضع عقوبة لكل فعل من أفعال عدم الامتثال من هذا القبيل، ويفضَّل أن لا توضع فقط من قبل الولايات المتحدة.
إني أقول ذلك لأن الردع سيكون حتى أكثر أهمية كنتيجة لهذه الصفقة. وفي الواقع، تكمن أكبر مشكلة منفردة بالنسبة لي في الاتفاق مع إيران في أن هذه الأخيرة على وشك أن تُترك كدولة على حافة العتبة النووية في نهاية الخمسة عشر عاماً. فالاتفاق لا يتطلب من إيران تفكيك أي من بنيتها التحتية لتخصيب اليورانيوم، وابتداءً من العام الخامس عشر للصفقة، يمكنها أن تمتلك برنامجاً نووياً كبيراً بقدر ما تشاء. فالفجوة صغيرة بين العتبة النووية وامتلاك الأسلحة ولن يستغرق الأمر وقتاً طويلاً لسدها.
وبالتالي، يتمتع الردع بأهمية خاصة. إذ يجب ألا يكون لدى إيران أي شك بأنه، إذا رأتها الولايات المتحدة تتجه نحو امتلاك سلاحاً نووياً، فإن ذلك سيدفع واشنطن إلى استخدام القوة. إن الإعلان عن ذلك هو حاجة ضرورية حتى في الوقت الحالي. فالإثبات أن كل إخلال بالاتفاق سيكون له ثمن يترتب على إيران دفعه سيبرهن على أن الولايات المتحدة تعني ما تقول. فإذا كان التحقق أمر ضروري لأن الاتفاق لم يُبنَ على الثقة، فهو الأمر بالنسبة إلى بناء مصداقية الردع الأمريكي لأن إيران ستكون دولة على حافة العتبة النووية، وعلّقت مشروعها في أن تصبح دولة تمتلك أسلحة نووية ولكنها لم تتخلَ عن هذا الخيار.
دينيس روس
معهد واشنطن