في الوقت الذي يبدو فيه مسلسل قتل المتظاهرين، في الاحتجاجات العراقية مرشحا للاستمرار، يبرز سؤال ربما ليس من السهل العثور على إجابه له وهو من المسؤول عن قتل هؤلاء المتظاهرين؟، في ظل نفي السلطات الأمنية، أن تكون هي من تقوم بذلك، وإلقاء عدة أطراف بالمسؤولية عن قتل هؤلاء المتظاهرين، على جماعات مندسة توصف دوما بأنها ملثمة.
وكان آخر القتلى من المتظاهرين في الاحتجاجات العراقية، هم سبعة سقطوا السبت، التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر، عندما بدأت القوات الأمنية في تفريق الحشود المطالبة ب”إسقاط النظام”، بالرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع، وفقا لتقرير لوكالة الأنباء الفرنسية من بغداد.
وأشارت الوكالة إلى أن سقوط هذا العدد من القتلى، في صفوف المتظاهرين، جاء عقب اتفاق بين الكتل السياسية العراقية، لإبقاء السلطة الحالية، حتى لو استدعى الأمر استخدام القوة لإنهاء الاحتجاجات، مشيرة إلى أن الأطراف السياسية، التي كانت تطالب برحيل رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، تراجعت الآن عن ذلك خصوصاً بسبب الضغوط السياسية من إيران.
وتؤكد العديد من شهادات المتظاهرين، على أن قوات الأمن العراقية التي تتصدى للاحتجاجات، هي من تطلق الرصاص الحي على المتظاهرين، وهو ما نفته السلطات العراقية مرارا منذ تفجر الاحتجاجات، التي أدت إلى سقوط عدد كبير من القتلى.
وأشار كثير من المسؤولين العراقيين في عدة مناسبات، إلى وجود مجموعات مندسة ملثمة، تطلق النار على المتظاهرين في محاولة لإشعال الاحتجاجات بصورة أكبر، وقد تحدث هؤلاء عن وجود مؤامرة، من قبل كل من الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات، وراء ما يشهده العراق حاليا، وأن عناصر موالية لهذا الثلاثي، هي من تندس وسط التظاهرات، في حين يشير البعض إلى عناصر بعثية، من أنصار الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
غير أن ناشطين في الاحتجاجات العراقية، يرفضون روايات السلطة العراقية، ويرون أنه حتى في حالة التسليم بها، فإن هذا يمثل فشلا للسلطات الأمنية العراقية، التي يتعين عليها معرفة من هؤلاء المندسين، وحماية المتظاهرين منهم.
وكانت عدة منظمات دولية، معنية بحقوق الإنسان على رأسها منظمة العفو الدولية، قد قالت استنادا لمقابلات مع نشطاء شهدوا مقتل محتجين، إن قوات الأمن العراقية، استخدمت الذخيرة الحية لتفريق المتظاهرين في حملة قمع وصفتها المنظمة بـ”المروعة”.
وفي أحدث بيان لها قبل يومين، قالت منظمة (هيومان رايتس ووتش) لحقوق الإنسان، إن قوات الأمن العراقية، أطلقت القنابل المسيلة للدموع مباشرة، على المتظاهرين في بغداد في عدة مناسبات، متسائلة عما إذا كانت القوات تعمل جنبا إلى جنب بموجب أوامر مختلفة، أو أن لديها أوامر بتفريق الحشود بأي طريقة، أو أن بعض القوات تتجاهل الأوامر الصادرة لها.
وكانت لجنة تحقيق عراقية، في مقتل المحتجين الذين خرجوا خلال الموجة الأولى من الاحتجاجات، التي انطلقت في أول تشرين الأول/أكتوبر الماضي، قد خلصت إلى تحميل مسؤولية مقتل هؤلاء، لقادة أمنيين نتيجة استخدام “القوة المفرطة وإطلاقهم الرصاص الحي”.
ويطرح كل ما سبق من تصريحات وإفادات، حقيقة مؤسفة وهي أن لا أحد قادر، على الإجابة على السؤال المطروح دائما خلال الاحتجاجات العراقية، من هو الطرف الذي يقتل المحتجين؟ في ظل نفي المسؤولين العراقيين الدائم لوجود أوامر بقتل المتظاهرين، وفي ظل اعتماد عدة أطراف لنظرية المؤامرة، وضلوع طرف مجهول أو مجموعات ملثمة غير معروفة في عمليات القتل.