علقت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية على الاحتجاجات المتواصلة في العراق منذ الـ25 من الشهر الماضي قائلة إن انتهاج الحكومة أساليب متشددة لقمع المتظاهرين قد يؤتي نتائج عكسية.
وقالت الصحيفة في تقرير لمديرة مكتبها في بغداد أليسا روبن إن قوات الأمن استعادت أول أمس السبت بعض المناطق من قبضة المتظاهرين المناهضين للحكومة في بغداد من خلال قمع المحتجين أسفرت عن العديد من القتلى والجرحى.
وحذرت من أن ارتفاع عدد الضحايا قد تكون له ردود فعل عكسية، وقد يدفع لتدفق المزيد من المحتجين إلى الشوارع بعد أن أخذت أعدادهم مؤخرا في التراجع.
ونقلت الصحيفة عن أحد نشطاء المجتمع المدني محمد جوحي قوله إن “ما أخذ بالقوة سنسترده بالقوة”، في إشارة إلى حقوق الشعب العراقي، مضيفا أنه لا يعرف السبب الذي يجعل الحكومة والمجتمع الدولي يمتنعان عن الاستجابة لمطالبهم.
ويطالب المحتجون بتغيير نظام الحكم في البلاد من برلماني إلى رئاسي، ومحاربة الفساد، وحل الأحزاب السياسية ووضع حد لتقاسم الوزارات فيما بينها.
وقد أثارت الإجراءات القمعية ضد المتظاهرين حفيظة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي بدا حريصا على ضبط تصريحاته المشجعة للمتظاهرين، وأغلبهم من مدينة الصدر الواقعة شرقي بغداد.
وتشير نيويورك تايمز إلى أن بعض أتباع الصدر أصيبوا بالإحباط من نبرة زعيمهم “المعتدلة” التي اتسمت بها رسائله الأخيرة.
وفي مدينة البصرة الجنوبية -وهي أحد معاقل الصدر- أحرقت قوات الأمن خيام المتظاهرين بالقرب من مبنى بلدية المحافظة.
ولم يتضح بعد ما إذا كان الصدر سيدعو أنصاره للتوجه إلى ساحة التحرير التي تعتبر بؤرة الاحتجاجات الشعبية في بغداد، إلا أن بياناته تتجه نحو تلك الدعوة على ما يبدو، ومن شأن ذلك إذا ما حدث أن يضيف أعدادا كبيرة وطاقة معتبرة إلى المحتجين المنتشرين في الساحات منذ أسابيع.
وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي كان على وشك الاستقالة قبل ثلاثة أسابيع، مما أثار نقاشات يومية بشأن ما قد يحدث في هذه الحالة وعمن سيقع عليه الاختيار لخلافته في المنصب.
ومؤخرا، وعد عبد المهدي في خطاب له بالتحقيق في سقوط قتلى من المتظاهرين، وبالإفراج عن المعتقلين السلميين منهم.
وقال في بيان إن الضغط الجماهيري أحد أهم العوامل لدفع القوى السياسية إلى القبول بالإصلاحات المطلوبة، مؤكدا أنه سيجري تغييرات وزارية شاملة أو جزئية للخروج من نظام المحاصصة، ودعا إلى إعادة الحياة لطبيعتها بعد أسابيع من الاضطرابات.
ومع اتساع رقعة الاحتجاجات، شرعت الأحزاب السياسية والكتل البرلمانية في البحث بجدية عن مرشحين محتملين لكي يحلوا محل عبد المهدي.
وذكرت نيويورك تايمز في تقريرها أن إيران والولايات المتحدة -اللتين ظلتا ضالعتين في العراق منذ الإطاحة بنظام الرئيس صدام حسين في 2003- ألقتا بثقليهما في الأحداث هناك.
ورغم أن الدولتين بالكاد تختلفان في سياستهما الخارجية تجاه العراق فإن كلتيهما تخشيان حدوث فراغ هناك، كما أن أيا من المرشحين الآخرين لمنصب رئيس الوزراء لا يستهويانهما كثيرا.
والأسبوع الماضي، قال السياسي العراقي عزت الشابندر أثناء اجتماع لمعظم الكتل السياسية إن كل الحاضرين تقريبا اتفقوا على دعم عبد المهدي للبقاء في منصبه خلال المستقبل القريب.
وأردف قائلا إن عبد المهدي يشعر الآن بأنه مدعوم، وهو ما يشجعه على البقاء، وتساءل “لمصلحة من يستقيل؟ ستكون هناك فوضى إذا استقال”.
وتخلص الصحيفة إلى أنه يبقى من غير الواضح ما إذا كان عبد المهدي قادرا على رسم مسار لحسم المظاهرات بطريقة بناءة، مشيرة إلى أن تصدي قوات الأمن للمتظاهرين السبت بدا كأنه يهدف إلى التضييق على تلك الاحتجاجات.
وتابعت الصحيفة أن الاحتجاجات ربما ستفاقم على الأرجح مشاعر العداء تجاه الحكومة ما لم يمنح المتظاهرون ذريعة للانسحاب.
المصدر : نيويورك تايمز