ما الذي بوسع أوباما أن يفعله للثوار السوريين الآن؟

ما الذي بوسع أوباما أن يفعله للثوار السوريين الآن؟

Syrian-Rebels-

دون أي إعلان رسمي من واشنطن، أصبحت الولايات المتحدة أكثر التزامًا عسكريًا بالحرب الأهلية في سوريا الأسبوع الماضي، حيث أفادت الأنباء بأن الموجة الأولى من عدد قليل من عشرات من الثوار السوريين الذين دربتهم الولايات المتحدة عبرت الحدود الأردنية إلى سوريا في 12 يوليو. وبحسب ما ورد، أوعز إلى هؤلاء المقاتلين بالاندماج في الوحدات الثائرة الأخرى من أجل زيادة الفعالية القتالية الشاملة للقوى المعارضة. وكتبت إليسا سميث، وهي المتحدثة باسم البنتاغون، إنه من المتوقع أن يقوم الثوار “بالتنسيق مع غيرهم من قوى المعارضة المعتدلة ببناء الثقة بين المنظمات التي تواجه داعش“.

وتعد هذه الخطوة فريدة من نوعها حيث إنها تأتي من دون تقديم إدارة أوباما لأي إجابات عن الأسئلة المهمة التي طرحها المشرفون في الكونغرس خلال الأشهر العشرة الماضية. وإذا لم تكن هناك خطة سرية تجيب عن هذه الأسئلة بشكل ملائم، فسيكون برنامج تدريب وتسليح المقاتلين السوريين هذا واحدًا من مخططات السياسة الخارجية الأكثر سوءًا في التاريخ الحديث.

وقد اجتمع المسؤولون العسكريون في منطقة الشرق الأوسط مع زعماء الثوار في المنفى منذ سبتمبر الماضي، وفرزوا المقاتلين السابقين في مخيمات اللاجئين في سبيل تجميع هذه القوة. ونظرًا لسجل الولايات المتحدة الضعيف في تطوير قوات “معتدلة” بالوكالة من شأنها ألا تؤذي المدنيين، وألا تتحول في نهاية المطاف لتقف ضد مصالح الولايات المتحدة، شملت عمليات فرز الثوار إخضاعهم للتقييمات النفسية والفحوصات البيولوجية. وفي حين أن هناك عشرات الآلاف من الثوار المستعدين لتلقي التدريب والمعدات لقتال نظام الأسد، ليس هناك في المقابل سوى قلة ممن هم على استعداد للقتال ضد الدولة الإسلامية فقط.

وقد كانت الخطط الأولية طموحة من حيث افتراضها تدريب 5400 مقاتل خلال السنة الأولى من البرنامج، وما بين 5000 و5500 مقاتل في كل سنة من الأعوام التالية، وصولاً إلى 15000 مقاتل في نهاية المطاف. ولكن أعضاء مجلس الشيوخ تلقوا مفاجأة قبل أسبوعين، عندما اعترف وزير الدفاع، آشتون كارتر، بأنه “اعتبارًا من 3 يوليو، نحن نقوم حاليًا بتدريب حوالي 60 مقاتلاً“، بتكلفة قدرت بـ 36 مليون دولار حتى الآن.

وتعد الخطط الموضوعة للثوار المدعومين من الولايات المتحدة في سوريا غير واضحة، وغير قابلة للتصديق. وقد وصف المتحدث السابق باسم وزارة الدفاع الأمريكية، الأميرال جون كيربي، الأشياء الثلاثة التي سيقوم بها الثوار المدربون أمريكيًا في سوريا، قائلاً: “واحد.. الدفاع عن مجتمعاتهم، ومواطنيهم، والعودة إلى مدنهم، والمساعدة في الدفاع عن جيرانهم، اثنان.. الهجوم في نهاية المطاف على داعش داخل سوريا، وثالثًا.. المساعدة في العمل مع زعماء المعارضة السياسية من أجل التوصل إلى حل سياسي في سوريا“. ويقول التهديد الضمني الذي يعبر عنه مسؤولو وزارة الدفاع سرًا، وعلانية على حد سواء إنه إذا فشل الثوار المدربين أمريكيًا في السير وفقًا لقائمة الأولويات هذه، سوف يفقد هؤلاء الثوار الدعم العسكري الأمريكي المقدم لهم.

وبالنظر إلى أنهم مدعومون بوضوح من قِبل الولايات المتحدة، وقد تم تحديدهم علنًا ​​من قِبل الصحفيين المحليين، فإن هؤلاء الثوار سوف يكونون هدفًا جذابًا للهجمات من قِبل الدولة الإسلامية، والجيش السوري، والقوات الثائرة الأخرى. وقد تعهد كارتر الأسبوع الماضي بأن “لدينا بعض الالتزامات تجاههم بمجرد إدخالهم إلى الميدان“. ولكن سؤال.. “ما هو بالضبط مدى الدعم الذي ستقدمه الولايات المتحدة لهؤلاء المقاتلين” لا يزال من دون إجابة.

وفي 16 سبتمبر 2014، قال وزير الدفاع الأمريكي السابق، تشاك هيغل، إن دعم الولايات المتحدة للثوار السوريين كان قيد المناقشة. وبعد خمسة أشهر، تحديدًا في 24 فبراير 2015، قال وزير الخارجية، جون كيري، الشيء نفسه: “إن التفويض للدفاع عن أولئك الذين يشاركون في القتال ضد داعش هو جزء مهم من هزيمة داعش باعتقادي. ولكن النقاش حول كيفية فعل هذا لا يزال يدور في أروقة الإدارة“. وبالمثل، لم تكن تصريحات كارتر الأخيرة مختلفة، حيث قال: “لدينا التزام .. وسيكون علينا تقرير تحت أي ظروف، وبأي طريقة، سوف نقوم باتخاذ هذا القرار التكتيكي“.

وإما أن يكون البيت الأبيض لم يقرر بعد ما هي درجة الدعم التي ستوفرها الولايات المتحدة، أو أنه لا يريد ببساطة أن يذكر خططه علنًا. وبالنظر إلى أن الولايات المتحدة قدمت هذا الالتزام العلني بهؤلاء الثوار، فينبغي أن تُعرض هذه الخطط على الكونغرس والرأي العام الأمريكي على الفور. وما هو أكثر إثارة للقلق، هو أن كارتر قد اعترف بأن الولايات المتحدة لم تبلغ حتى الثوار السوريين بعد بنوع الدعم الذي سيحصلون عليهم بمجرد دخولهم إلى سوريا.

ومن الممكن أن يتصور المرء كثيرًا من الحالات التي قد تضطر الولايات المتحدة معها لتعميق مشاركتها في الحرب الأهلية في سوريا نيابةً عن هؤلاء المقاتلين. وعلى سبيل المثال، هل ستوفر الولايات المتحدة الدعم الجوي القريب إذا هاجم الثوار القوات السورية بدلاً من الدولة الإسلامية؟ هل ستحجب الدعم الجوي القريب عندما يكون المعتدون على هؤلاء الثوار ليسوا من أعضاء الدولة الإسلامية، بل من الجيش والميليشيات التي ترعاها الحكومة السورية، أو قوات الثوار الأخرى؟ هل ستوفر أمريكا المزيد من الأسلحة المتطورة إذا ادعى الثوار أنهم يحتاجون لهذه الأسلحة من أجل الحفاظ على قوتهم؟ وأيضًا، وبالنظر إلى أن الثوار الذين تم تحديدهم من قِبل الولايات المتحدة سوف يقاتلون إلى جانب الثوار الذين لم يتم فحصهم أمريكيًا، فهل ستوفر الولايات المتحدة الأسلحة والذخائر للثوار الذين فحصتهم فقط، أم للثوار الآخرين كذلك؟ وعلاوةً على ذلك، إذا واجه هؤلاء الثوار هزيمةً أو تم أسرهم كما حدث للمنفيين الكوبيين في عام 1961، فهل سيأذن الرئيس أوباما بالقيام بعملية ذات مخاطر عالية، وإرسال قوة العمليات الخاصة المحمولة جوًا لإنقاذهم؟

وأخيرًا، ليس من المعروف حتى ما إذا كان مثل هذا الترتيب قانونيًا بموجب القانون الأمريكي. وفي شهر مارس، سأل السناتور بوب كوركر من رئيس هيئة الأركان المشتركة، مارتن ديمبسي، عما إذا كان لدى الجيش السلطة القانونية لتوفير غطاء جوي للثوار السوريين. وقد قام ديمبسي حينها بإحالة السؤال إلى من لديهم مثل هذه المعلومات. ومرة أخرى خلال الأسبوع الماضي، سُئل كارتر عن الأمر نفسه، فأجاب: “لكي أكون صادقًا تمامًا، سأقول إنني لست متأكدًا من مدى شرعيتها“. ولم يكن هناك أي بيان متابعة لتوضيح ما إذا كان هناك أساس قانوني لتقديم الولايات المتحدة الدعم الجوي لهؤلاء الثوار تحت أي من السيناريوهات المذكورة أعلاه. وللأسف، لم يعلن أحد في الكابيتول هيل عن ​​أن لديه مشكلة مع هذا الأمر.

والآن، ومع نشر هؤلاء الثوار السوريين المدعومين من الولايات المتحدة في ساحة المعركة، أصبحت الإجابة عن التساؤلات حول الدعم الذي سيوفره الجيش الأمريكي، والأساس القانوني لهذا الدعم، أمرًا بالغ الأهمية، لأن هؤلاء المقاتلين سيكونون أقل عددًا وعدة بكثير أمام كل من الجيش السوري، المكون من 178 ألف مقاتل، والدولة الإسلامية، المكونة من 20 ألف إلى 31500 مقاتل. وعلى الرغم من أن لا أحد تقريبًا في واشنطن يبدو مهتمًا بهذه المهمة الصغيرة، لا يزال يتوجب على البيت الأبيض تقديم إجابات عن هذه الأسئلة الحرجة.

التقرير