بغداد- يواصل العراقيون حراكهم الشعبي المناهض للنظام السياسي في البلاد رغم محاولات الطبقة السياسية العراقية الالتفاف على مطلب إسقاط النظام المرفوع بوضوح في الاحتجاجات العارمة عبر الدفع بحلول ترقيعية لا يبدو لها أي أثر على عزيمة المحتجّين في المضيّ قُدما رغم القمع الشديد الذي يتعرّضون له وسقوط العديد من القتلى وارتفاع أعداد المخطوفين في صفوف الناشطين.
وتجددت الاحتجاجات في بغداد وتسع محافظات عراقية أخرى الأحد بعد ليلة صاخبة شهدت أعمال عنف واضطرابات تسببت في سقوط قتلى ومصابين من المتظاهرين والقوات الأمنية.
وأفاد شهود ومصادر طبية عراقية الاحد بمقتل سبعة متظاهرين وإصابة أكثر من 300 آخرين في موجة عنف شهدتها محافظات بغداد والبصرة وذي قار وكربلاء بين القوات الأمنية والمتظاهرين منذ الليلة الماضية. واكتظت ساحات التظاهر بالآلاف الأحد رغم الإجراءات الأمنية المشددة وإغلاق الشوارع في بغداد وتسع محافظات عراقية .
وقالت المصادر إن بغداد والبصرة والناصرية وكربلاء شهدت منذ الليلة الماضية أعنف موجة اضطرابات بين المتظاهرين والقوات الأمنية، رافقها إطلاق الرصاص والغازات المسيلة للدموع ما أدى في حصيلة أولية إلى مقتل 7متظاهرين وإصابة أكثر من 300 آخرين غالبيتهم حالات اختناق.
واوضحت المصادر أن الطريق المؤدية إلى ميناء أم قصر شهدت اليوم أعنف موجة عنف، أسفرت عن ثلاثة قتلى ونحو 100مصاب بعد أن استخدمت القوات الأمنية الغازات المسيلة للدموع والرصاص لتفريق المتظاهرين. كما شوهد احتراق عجلة عسكرية. وقد وقعت اضطرابات مماثلة في منطقة الزبير .
وقالت مصادر بالشرطة العراقية ومصادر طبية إن قوات الأمن فتحت النار على محتجين في مدينة الناصرية بجنوب العراق في ساعة متأخرة الليلة الماضية مما أسفر عن مقتل شخصين على الأقل، مع اتساع تحركات العصيان المدني في إطار الاحتجاجات المطلبية المتواصلة منذ نحو شهرين.
وذكرت المصادر أن المحتجين تجمعوا عند ثلاثة جسور رئيسية في المدينة، واستخدمت قوات الأمن الذخيرة الحية وعبوات الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.
ويبدو أن الحكومة العراقية استنفدت تقريبا كل الحلول لاحتواء الشارع المتمسك بمطالب رحيل الطبقة السياسية برمتها، حيث يرى مراقبون أن سقوط المزيد من القتلى والجرحى في صفوف المحتجّين يظهر وجود قرار سياسي بمواصلة اعتماد الحلّ الأمني في مواجهة انتفاضة شعبية لا يبدو القائمون عليها والمشاركون فيها بصدد التراجع والقبول بأقّل من سقوط النظام.
وذكر شهود عيان أن “المئات من المتظاهرين شرعوا بقطع الطرق الرئيسية منذ ساعات الصباح الأولى لمنع وصول العمال والموظفين وطلبة المدارس والجامعات إلى أماكن عملهم، وأضرم متظاهرون النار في الإطارات في محافظة البصرة”.
وأضاف الشهود أن “شوارع بغداد والمحافظات التي تشهد احتجاجات شهدت انتشارا ملفتا للقوات الأمنية والعسكرية وقوات مكافحة الإرهاب والشغب وغيرها، وذلك بعدما تداول متظاهرون دعوات على شبكات التواصل الاجتماعي للخروج في مظاهرات كبيرة اليوم”.
وأوضح الشهود أن “حالات قطع الطرق والانتشار الكبير للقوات الأمنية أجبرت طلبة المدارس والجامعات والموظفين على العودة إلى منازلهم رغم محاولة القوات الأمنية تفريق المتظاهرين المنتشرين بإطلاق الغاز المسيل للدموع والهراوات”.
وبحسب الشهود فإن الاضطرابات الأمنية التي شهدتها بغداد، قرب ساحة الوثبة، ومدينتي الناصرية وكربلاء تسببت في سقوط قتلى ومصابين وإحراق عدد من المنازل والمحال التجارية.
وتأتي الاحتجاجات الأحد غداة قرار من وزارة التربية العراقية وجهت من خلاله المديريات في كل المحافظات بـ “الدوام الرسمي ليوم غد الأحد (أول أيام الأسبوع في العراق)”، ما يعني فتح المدارس بعد شهر من الاغلاق.
وفي محافظة البصرة الجنوبية الغنية بالنفط، عمد المحتجون صباح الأحد الى قطع العديد من الطرق الرئيسية، ومنها الطريق المؤدي الى ميناء أم قصر الذي يعد مرفقا حيويا لاستيراد المواد الغذائية والأدوية.
ومنذ بدء الاحتجاجات، تأثر العمل في هذا الميناء بشكل متكرر جراء قطع الطرق المؤدية إليه.
كما شهدت مدينة كربلاء الجنوبية مواجهات ليل السبت الأحد بين القوات الأمنية والمتظاهرين.
واتهمت وزارة الدفاع العراقية، السبت، ما سمته “طرفاً ثالثاً” (لم تحدده) بقتل المتظاهرين وقوات الأمن على حد سواء، فيما شددت على أنها غير مسؤولة عن استيراد قنابل الغاز “القاتلة” التي تطلق على المتظاهرين.
وأوضحت الوزارة في بيان، أن طرفا ثالثا هو “المسؤول عن القتل والاستهداف المروّع ضد المتظاهرين والقوات الأمنية بهدف خلق الفوضى والفتنة”.
وأضافت أن “قنابل الغاز التي تستخدمها قوات الأمن يبلغ وزنها ثلاثة أضعاف القنابل العادية، مما جعلها قاتلة وتهشم رؤوس المستهدفين بها”.
وبينت أن “الوزير (الدفاع) نجاح الشمري لم يوقع أي عقد شراء أو استيراد (قنابل الغاز) مع أي دولة منذ تسلمه المنصب وحتى الآن”.
وكانت مواقع محلية عراقية قد تداولت مؤخراً نقلاً عن وسائل إعلام سويدية إن وزير الدفاع العراقي نجاح الشمري يحمل الجنسية السويدية، ومسجل في بلدية استوكهولم، واتهم خلال وجوده هناك بارتكاب عدة جرائم، دون توضيح طبيعتها.
العرب