هل يمكن للعراق أن يصبح لاعبا عالميا في مجال البتروكيميائيات؟

هل يمكن للعراق أن يصبح لاعبا عالميا في مجال البتروكيميائيات؟

من الناحية النظرية لا يوجد سبب يمنع العراق من أن يصبح أحد أهم المنتجين الرئيسيين للبتروكيميائيات في العالم، وذلك بالنظر إلى احتياطياته الهائلة من النفط والغاز.

ويقول الكاتب سايمون واتكينز في تقريره الذي نشره موقع أويل برايس الأميركي إن العراق يحرز بعض التقدم في تحريك دفعاته في قطاع النفط المتوقفة منذ فترة طويلة، في حين تشهد أسعار النفط انخفاضا نسبيا بجانب تراجع صادرات البلاد من الخام في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ومطلع الأسبوع الماضي أعلنت وزارة النفط العراقية أن بغداد ستمضي قدما في تنفيذ مجموعة من المشاريع التي ستضيف حوالي 790 ألف برميل في اليوم من طاقة التكرير إلى لائحة السعة الحالية البالغة حوالي مليون برميل في اليوم على الرغم من أن قدرتها الفعلية لا تتجاوز 650 ألف برميل في اليوم.

ومن المرجح أن يأتي هذا التوسع عن طريق إضافة وحدات تكرير جديدة إلى منشأة كربلاء وإنشاء منشآت جديدة في كركوك وواسط والناصرية والبصرة والفاو.

من ناحية أخرى، لا تزال هناك بعض العقبات الرئيسية التي تعترض مساعي العراق في أن يصبح في طليعة قطاع البتروكيميائيات العالمي، وفق تقرير أويل برايس.

التقدم في سوق البتروكيميائيات
أورد الكاتب أن مثل هذه التطورات تتناقض مع المشاكل الرئيسية التي لا يزال يتعين على العراق معالجتها على مستوى البنية الأساسية للبتروكيميائيات حتى يتمكن من غزو سوق البتروكيميائيات العالمي.

وهذا من بين الأسباب التي تفسر عدم إحراز عملاق النفط والبتروكيميائيات شركة رويال داتش شل أي تقدم ملموس في مشروع البتروكيميائيات العراقي الرائد الذي يتمثل في مصنع نبراس للبتروكيميائيات في مركز البصرة النفطي الجنوبي البالغ قيمته 11 مليار دولار.

يذكر أن صفقة إنشاء هذا المصنع وقعت في يناير/كانون الثاني 2015، وفي ذلك الوقت كانت آمال كلا الجانبين كبيرة بشأن مستقبل نبراس، حيث أصدرت شركة شل بيانا تؤكد فيه موافقة مجلس الوزراء العراقي على مشروع نبراس، وأن الشركة ستعمل بالاشتراك مع وزارتي النفط والنقل لتطوير نموذج استثماري مشترك لتحطيم رقم قياسي للبتروكيميائيات على نطاق عالمي.

وبالنسبة لشركة شل فإن مشروع نبراس يقدم فرصة لتعزيز عمليات المنبع الموجودة في “مجنون” وغرب القرنة 1 لتصبح بمثابة نقطة مصب ذات كفاءة.
اعلان

وتقدم الحقول مخزونات النفط والغاز التابعة لها لتضيفها إلى إمكانات المواد الخام التي تأتي من حصة شل البالغة 44% في مشروع شركة غاز البصرة.

عموما -يقول الكاتب- إن شركة غاز البصرة صممت من أجل تجميع الغاز من الحقول في الجنوب، بما في ذلك غرب القرنة 1 والزبير والرميلة.

بالإضافة إلى ذلك، كانت خطط تصميم نبراس تتعلق بمشروع قادر على إنتاج ما لا يقل عن 1.8 مليون طن متري على الأقل سنويا من البتروكيميائيات المختلفة، الأمر الذي يجعله أول مشروع رئيسي للبتروكيميائيات في العراق منذ أوائل تسعينيات القرن العشرين، وواحد من أربعة مجمعات رئيسية فقط من مؤسسات البترول عبر كامل البلاد.

“شل” شريك مثالي للعراق
نقل موقع أويل برايس عن رئيس مشاريع البتروكيميائيات لشركة نفط عالمية كبرى أن شركة شل كانت ولا تزال شريكا مثاليا للعراق في نقل سلسلة أعمالها المتعلقة بالهيدروكربونات إلى أبعد من مجرد منبع للنفط الخام ذي القيمة المضافة المنخفضة إلى المرحلة التالية التي تشكل أهمية حاسمة بالنسبة لكل من قطاعي البتروكيميائيات والتكرير ذي القيمة المضافة.

وأضاف أن شركة شل قامت بعمل جيد بالفعل حتى الآن مع شركة غاز البصرة، لكن لا تزال البلاد بحاجة إلى تنفيذ خططها لتطوير مركز غاز ثانٍ بعيد عن البصرة والذي من شأنه أن يساعد في زيادة حجم الغاز إلى مليار قدم مكعب معياري لكل يوم حتى يصبح استخراج الإيثان على أساس مستدام وموثوق به ممكنا.

وأكد المصدر ذاته ضرورة اعتبار الإيثان مادة أولية للمصانع القليلة الأولى في العراق، ومن شأن ذلك أن يقلل رأس المال المطلوب لأشغال البناء ومن تعقيد المتطلبات اللوجستية التي تمثل عوامل مهمة في المراحل الأولى من تجربة العراق في صناعة البتروكيميائيات، ومع نمو الصناعة والبنية التحتية المقابلة لها يمكن أن تستخدم مصادر مواد خام أثقل، مثل البروبان والبوتان ومادة النفتا.

فساد
شدد المصدر ذاته على أن بناء جميع الأجزاء اللازمة لإنشاء قطاع عام للبتروكيميائيات في العراق على مستوى عالمي سيتطلب ما بين 40 و50 مليار دولار، لكن بالنظر إلى التزام اللاعبين العالميين الرئيسيين في العراق فلا يعتبر ذلك مشكلة.

ووفقا لمصدر عراقي يعمل مع وزارة النفط العراقية، فإن المشكلة في هذه المعادلة والسبب الحقيقي وراء تردد شركة “شل” بشأن المضي قدما في مشروع نبراس يتمثل في الفساد.

وبحسب الكاتب، فإن الفساد في العراق متفشٍ وعميق، لكن بالنسبة لشركة شل وجميع شركات النفط العالمية الغربية فإن هذا السبب كان ولا يزال السبب الرئيسي وراء استمرار هذه الشركة في عملية تقييم صلاحية مجمع نبراس للبتروكيميائيات.

ويمثل الفساد أيضا السبب الرئيسي وراء تأخير شركة “إكسون موبيل” العملاقة الأميركية لفترة طويلة مشاركتها في مشروع إمدادات مياه البحر المشترك.

الجزيرة