تركيا والقضايا السياسة.. بمنظور أمريكيّ

تركيا والقضايا السياسة.. بمنظور أمريكيّ

تركيا والقضايا السياسة.... بمنظور أمريكي

تستمر اتصالاتنا ونشاطاتنا في مدينة نيويورك الأمريكية. وكما وعدت سابقا، فأنا مستمر بنقل انطباعاتي، قبل الانتخابات الأمريكية، المحطة الثانية نيوهامبشاير، يتّسم حماس الانتخابات في الولايات المتحدة بالتصاعد. ففي الأسبوع الماضي، تفوّقت هيلاري كلينتون من الديموقراطيين، على ساندرز بفارق ضئيل. أما الجمهوريون فكانت المفاجئة بتفوق كروز أمام ترامب في آيوا بفارق. البارحة أيضا في نيوهامبشاير تصدَّر كروز المشهد بفارق مواجها ساندرز وكلينتون.

أما فيما بين الجمهوريين، وعلى عكس الديموقراطيين، استمرت الانتخابات بين أكثر من مرشّحين. هذه المرة بعد اكتساب ترامب ضعفي أصوات أقرب منافسيه، جون كاسيتش، أصبح ترامب يتصدر المرتبة الأولى.

إن صح التعبير، فإن التنسيق في مجلس الانتخابات بين كلينتون ومندوب الحزب الديموقراطي مراد غوزيل، لا يزال يعمل بشكل فعال وأنها لم تنفصل عنه خلال الفترة الانتخابية. مراد غوزيل ليس مشهورا فقط بين الأتراك في الولايات المتحدة، بل هو معروف أيضا بين العرب، البوسنيين، المسخيتيون والقرميون. ونظرا لتواجده في الحزب الديموقراطي فهو يكسب الدعم من تلك الدوائر بوصفه ممثلا عنها. رأيت الكثيرين ممن يصوتون لأول مرة، يعطون أصواتهم للحزب الديموقراطي، لأجله هو فقط. كما رأيت الكثيرين في هذا المكان، ممن لم يصوتوا للحزب الديموقراطي من قبل، يعطون أصواتهم بسبب مراد غوزيل فقط.

قابلته قبل انتخابات نيوهامبشر، قال إنه لا ينتظر فوز كلينتون، إنما الهدف من ذلك هو تقليص الفوارق. هذه المنطقة بأغلبية بيضاء أمريكية، وهي بعيدة تماما عن القاعدة الفكرية للديموقراطيين. لذلك لا يُنتظر أن تكون النتائج هنا حاسمة.

لقاءات جيهاننوما
بالنسبة لنا، في واشنطن دي سي، بعد اجتماعات المجلس الإسلامي في أمريكا، اجتمعنا مع أعضاء البرلمان أورهان مير أوغلو وجمال أوزترك. وبدأنا رحلة مؤتمرات ولقاءات لمدة خمسة أيام نظّمتها جيهاننوما أمريكا. خلال هذه المدة شاركنا بعدد لا يحصى من الاجتماعات والأحداث. من الأمريكيين الجيريسيين إلى القرميين، من الخرسيين إلى آشوريي ماردين، من الطلاب الترك إلى مهجّري البوسنة، سوريون، يمنيون، فلسطينيون ومصريو أمريكا. الكثير من الأصناف كانوا في مكان واحد، أصغينا إلى مشاكلهم ونقلنا لهم جدول أعمال تركيا.

وصلت الكثافة إلى ذلك الحد، يعلّق مير أوغلو قائلا لممثل جيهاننوما أمريكا ليفينت “علي يلدز”: “الكثافة التي عشناها في الخمسة شهور التي قضيناها معا وخلال حملتين انتخابيتين نحن نعيشها من جديد”. وقد تعلّمنا أشياء جديدة من كل اجتماع شاركنا فيه، سمعنا الناس بقدر ما تحدثنا.

ليس معروفا هل أنه بسبب الانتخابات الأخيرة، فإن التجمعات التركية في أمريكا تتابع جدول الأعمال السياسية والاقتصادية لتركيا بشكل مكثف عن قرب وبانحيازية محسوسة.

وفيما يخص إمكانية التصويت من الخارج، الناس القاطنون هنا يلفتون النظر لكونهم يعيشون عملية تسيس أقوى من تلك التي في تركيا. لذلك مقارنة بالماضي، فإنه صار جليّا الزيادة الملحوظة في نسبة مشاركة الناس في السياسة الأمريكية.

مسلمو أمريكا.. ينتظرون تركيا
الأتراك أو غيرهم من المسلمين، ينتظرون الكثير من تركيا. خصوصا فيما يتعلّق بتنشئة الأطفال الأتراك، هناك دعوة إلى اهتمام مؤسسات الدولة أكثر بهذه الفئة. المواطنون الأمريكيون الذين لديهم جذور تركية، يشعرون بانتماء أكبر لتركيا بسبب رجب طيب أردوغان. تركيا بالنسبة لهم ذات معنى كبير، أكبر من الذي قد تتصوره تركيا. يعتبرون تركيا فرصة لهم، وتركيا أيضا تقول ذلك بشكل صريح.

في لقاءاتنا، كانت المواضيع متنوعة جدا: الجامعات، تعليم الشباب، أسعار البندق، الضغط السياسي، الانتخابات الأمريكية والعلاقات التركية الأمريكية.. لكن أكثر المواضيع طرحا هي حل مشكلة الإرهاب، الأزمة السورية واللاجئين، الدستور المدني الجديد ومناقشات الوزارات.

ضمن برنامج جيهاننوما، في حديثنا الأول وبعد نهاية حديثنا في نادي الصحافة الوطني وضمن الأسئلة الموجّهة، كانت النية والأسلوب، وبعدها في أماكن أخرى كانت شيئا متكرّرا بشكل كثيف.

تركيا الإنسانية
كان مما طُرح علينا وخصوصا على مير أوغلو، موضوع الحلول الممكنة لأزمة الأكراد وسياسة الحكومة.. “هل هي مع برلمان تركيا أم مع برلمان سويسرا”. فبسبب العمليات الأخيرة، اضطر مائتا ألف شخص للهجرة والبقاء في الأزقة بلا مأوى، الشيء الذي أثار التساؤلات حول قدرتنا على تجاهل كل ذلك.

أجاب مير أوغلو ببيان تام على هذا السؤال. “بالتأكيد لم نأت من برلمان سويدي، أتينا من برلمان المنطقة التي تجري فيها العمليات وحاليا لا يوجد شخص واحد في الأزقة. في حين أنه من الغريب أن تخرج دعاية لا أصل لها، لتنقل بسهولة في دولة مثل أمريكا، أن هذه الأزمات بسبب العمليات في تركيا. في حين أننا دولة استضافت ما يقارب ثلاثة ملايين سوري وعراقي، والأهم من ذلك هم يعيشون فيها بظروف جيدة وفي تضامن إنساني”.

للأسف، هناك الكثير من الإشاعات الذي يتم نشرها بشكل لا يعكس الواقع. بسهولة يقومون بالبحث في الأمور السطحية الخاصة بتركيا، وبطريقة أسهل يتم تداول الموضوع.

هذه اللقاءات وضّحت لنا الكثير من الأمور، أهمها أن سياسة تركيا الإنسانية الاستثنائية والإشاعات لا يحقّقان نفس النجاح أبدا. كذلك المجالات التي أهملتها تركيا سابقا، تم التفطن إليها عن طريق أطراف ‘الشر’.

ياسين اقطاي

تركيا بوست