دم الناشطين ضحايا الاغتيالات وقود إضافي لتصعيد الاحتجاجات في العراق

دم الناشطين ضحايا الاغتيالات وقود إضافي لتصعيد الاحتجاجات في العراق

بغداد – أخذت الاغتيالات وعمليات الاختطاف مكانها ضمن الأساليب المعتمدة في العراق لضرب الحراك الاحتجاجي وترهيب قادته والمشاركين فيه، دون أن تكون لذلك نتائج تذكر على الأرض، حيث لم تزد تلك الجرائم بحقّ النشطاء والمحتجّين، الشارع إلاّ غضبا وإصرارا على مواصلة حراكه.

واغتيل الناشط البارز فاهم الطائي البالغ من العمر ثلاثة وخمسين عاما برصاص مجهولين في وقت متأخر الأحد، في مدينة كربلاء المقدسة لدى الشيعة، بينما كان في طريق العودة إلى منزله بعد مشاركته في التظاهرات حسب ما ذكره شهود عيان لوكالة فرانس برس، ووثقه شريط فيديو تم تصويره بهاتف شخص مجهول شهد حادثة الاغتيال.

ونُظم صباح الإثنين تشييع مهيب لجثمان الطائي شارك فيه الآلاف من الأشخاص في مدينة كربلاء.

وقُتل أكثر من 480 شخصا وجرح عشرون ألفا خلال الاحتجاجات التي تجري في بغداد ومدن جنوبية عدة منذ شهرين.

وتواصلت الإثنين الاحتجاجات في العاصمة وغالبية مدن جنوب البلاد، للمطالبة بإسقاط النظام ورفض الطبقة السياسية المتهمة بالفساد والفشل في إدارة البلاد. وأطلقت دعوات إلى التظاهر الثلاثاء وتقرر تعطيل الدوام الرسمي خلاله بمناسبة ذكرى إعلان النصر العسكري على تنظيم داعش قبل سنتين، فيما حذرت قيادات الحشد الشعبي، المكوّن في غالبيته العظمى من ميليشيات شيعية مشاركة بالفعل في قمع الاحتجاجات وفي قتل المحتجّين، من “فوضى عارمة”.

ويواصل الآلاف من المحتجين التواجد في ساحة التحرير الرمزية التي تمثل قلب الاحتجاجات وسط بغداد، وحيث تنتشر خيم لإيواء متظاهرين شباب.

وتعرض مرآب يسيطر عليه محتجون منذ أسابيع عند جسر السنك القريب من ساحة التحرير، مساء الجمعة إلى هجوم مسلح أسفر عن مقتل أكثر من عشرين شخصا، وفقا لمصادر أمنية وطبية. كما أدى الهجوم الذي ولّد سخطا واسعا في البلاد، إلى إصابة نحو مئة شخص بجروح.

ودعت البعثات الدبلوماسية لعدد من الدول الغربية، الحكومة العراقية إلى عدم السماح للجماعات المسلحة بـ”العمل خارج سيطرتها”.

وعلى إثر ذلك استدعت وزارة الخارجية العراقية سفراء فرنسا وبريطانيا وألمانيا وكندا احتجاجا على “التدخل المرفوض” في الشؤون الداخلية إثر إصدارها البيان الذي أدان أحداث ليلة الجمعة الدامية في السنك.

وانتقد نشطاء الردّ الحكومي على موقف تلك الدول معتبرين أنّ رفض التدخلات الخارجية يجب أن يكون قاعدة عامّة تشمل مختلف الدول وعلى رأسها إيران التي تتدخّل في أدق الشؤون العراقية حتى أنّها تشارك عن طريق قاسم سليماني قائد فيلق القدس ضمن الحرس الثوري، في وضع الخطط لقمع الاحتجاجات وتنفيذها.

وتعرض محتجون ليلة الجمعة إلى هجوم من مسلحين مجهولين أسفر عن مقتل 24 شخصا على الأقل، بينهم أربعة من القوات الأمنية، وإصابة أكثر من 120 بجروح.

وبدورها، اعتبرت منظمة العفو الدولية أنّ “الهجوم المنسّق جيّدا من قبل العديد من الرجال المدججين بالسلاح في قافلة طويلة من المركبات يطرح تساؤلات جدية حول كيفية تمكّن جميع هؤلاء من عبور نقاط التفتيش في بغداد وارتكاب مثل تلك المذبحة”. ودون ذكر اسم فصيل محدد، قال سفراء كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا إنهم “يشجعون الحكومة على ضمان إبعاد الحشد الشعبي عن أماكن الاحتجاجات”.

وشُكل الحشد بموجب فتوى من المرجعية الشيعية عام 2014 لمحاربة تنظيم داعش. ويتألف بصورة رئيسية من فصائل شيعية موالية لإيران تتواجد منذ سنوات في العراق لكنها باتت جزءا من القوات الأمنية للبلاد، بموجب قرار يُجمع المراقبون على أنّه شكلي، مؤكّدين خضوع الميليشيات لإمرة قادتها بعيدا عن أي سلطة للدولة.

وبعد هجوم الجمعة، أصدر رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض أمرا لعناصره بعدم الاقتراب من المحتجين، الأمر الذي اعتبره المتظاهرون اعترافا بالمسؤولية.

ووقعت، قبل وبعد هذا الهجوم، عمليات اختطاف للعشرات من الأشخاص الذين اقتيدوا إلى وجهات مجهولة وفقد أثر أغلبهم.

كما عثر منذ انطلاق الاحتجاجات، على جثث العديد من الناشطين في مختلف محافظات البلاد، كانت الشابّة زهراء علي آخرهم. وقال والدها إنه عاين آثار تعذيب على جثتها. كما خطف الجمعة المصور الشاب المعروف في ساحة التحرير زيد الخفاجي على يد مجهولين قرب منزله.

العرب