الشارع العراقي يرفض ترشيح رئيس حكومة على مقاس إيران

الشارع العراقي يرفض ترشيح رئيس حكومة على مقاس إيران

بغداد – تواصل الأحزاب الممسكة بالسلطة في العراق، مقاومة الضغوط الهائلة التي يمارسها الشارع المحتج ضد الفساد والتبعية للخارج، فيما يتلقى المراقبون إشارات واضحة بأن المعركة بين المحتجين والطبقة السياسية قد تكون طويلة.

وبرغم إجبار الشارع رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي على تقديم استقالته، إلا أن القوى التي دعمته، تصر على إنتاج خليفته بالطريقة نفسها التي تسببت في تفجر تظاهرات حاشدة، تتواصل منذ ثلاثة أشهر، ولا يبدو أنها تضعف.

وتقول مصادر سياسية مطلعة في بغداد لـ “العرب”، إن “إيران تضغط على حلفائها في العراق، لتقديم بدائل أمام حالة الانسداد السياسي، التي يمثلها العجز عن تقديم مرشح بديل لعبدالمهدي”.

وتريد إيران أن تحافظ الأحزاب الشيعية الموالية لها على جميع مكاسبها السياسية، كي يتسنى لها الاستمرار في قيادة البلاد، لكن هذا المطلب ربما يدخل في باب الترف هذه الأيام.

وتحت ضغط الشارع، تراجعت حظوظ المرشح قصي السهيل لخلافة عبد المهدي، الذي قدم اسمه زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي.

وفور ترشيح السهيل علق المحتجون صورته إلى جانب صورة المالكي في أهم ساحات الاحتجاج في بغداد والمحافظات، ووضع عليها علامة “x” في دلالة على رفضه.

وقال مقربون من المالكي لـ “العرب”، إن “زعيم ائتلاف دولة القانون ربما تسرع في قراره بترشيح السهيل، إذ عرض ائتلافه وحزب الدعوة الذي يتزعمه إلى غضب مجاني من الشارع، لأن البرلمان لن يجازف في منح الثقة لمرشح احترق اسمه في ساحات الاحتجاج”.

ولم يعد مهما بالنسبة للقوى الشيعية الموالية لإيران ارتكاب مخالفة دستورية عبر مرور المهلة المحددة لتكليف مرشح ما بتشكيل الحكومة من دون الاتفاق على أي اسم، بقدر الانشغال في البحث عن مرشح يمكنه عبور حاجز الشارع الغاضب.

وعقد تحالف البناء، المقرب من إيران، اجتماعا عاجلا مساء الاثنين، لمناقشة ترشيح السهيل، الذي تسبب في انقسامات سياسية واسعة، بالنظر لعلاقاته المشبوهة مع حزب الله اللبناني وتبعيته للمالكي.

وبعد الاجتماع، قال القيادي في التحالف أحمد الأسدي، إن البناء سيحسم ترشيحه اليوم بشكل نهائي، مضيفا أنه “لدينا أسماء، بديلة يمكن طرحها، لكننا متمسكون بترشيح السهيل وسنخوض حوارات مع الكتل الأخرى لتشكيل الحكومة”.

وتقول مصادر “العرب”، إن تحالف البناء لا يريد الاستعجال في التخلي عن السهيل، لأن هذا الأمر سيشجع المتظاهرين على رفض المرشحين الآخرين.

لكن التحالف يتداول أسماء أخرى فعليا، أبرزها أسعد العيداني، الذي يشغل حاليا منصب محافظ البصرة، ويعرف بأنه صديق شخصي لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ووزير الشباب السابق عبد الحسين عبطان، الذي رشحه تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم.

ويقول مراقبون إن نظرة سريعة إلى الخيارات المطروحة على طاولة النقاش لاختيار خليفة عبد المهدي، تكشف أن إرضاء إيران لا المحتجين، هو هدف الأحزاب الشيعية من وراء هذا الحراك، ما يضعها في مواجهة مباشرة مع الشارع الغاضب.

في موازاة ذلك، أثيرت ضجة كبيرة بشأن انتخاب قضاة على صلة بأحزاب سياسية، لإدارة المفوضية التي ستشرف على الانتخابات المبكرة التي يطالب المحتجون بإجرائها سريعا.

وقال مجلس القضاء الأعلى في العراق، إنه سمى عددا من أعضائه لإدارة مفوضية الانتخابات بطريقة القرعة، لكن نواب وإعلاميون أكدوا أن العملية تمت عبر ترشيحات حزبية.

وأكدت النائبة في البرلمان عالية نصيف، أن ثلاثة من القضاة الذين انتدبوا لإدارة مفوضية الانتخابات سبق لهم الترشح في الانتخابات عبر قوائم حزبية.

وقالت مصادر سياسية إن عضو المفوضية الجديدة، القاضي عباس فرحان الفتلاوي، هو مرشح ائتلاف دولة القانون في انتخابات العام 2014، مضيفة أن القاضي جليل عدنان خلف سبق له أن ترشح على قوائم التيار التيار الصدري في مدينة الناصرية.

وأوضحت أن عضو المفوضية الثالث، وهو القاضي عامر موسى، سبق له أن ترشح على قوائم منظمة بدر، بينما جاء ترشيح القاضي الرابع فياض حسين ياسين لعضوية المفوضية عن طريق زعيم تحالف الإنقاذ أسامة النجيفي.

وتقاسم رئيس البرلمان محمد الحلبوسي والحزبين الكبيرين في المنطقة الكردية، الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني، بقية المرشحين.

وتمثلت أهم مطالب المحتجين في تشكيل مفوضية انتخابات نزيهة، مستقلة عن الأحزاب، لضمان حدوث تغيير حقيقي في المشهد السياسي.

وفي حال تمكنت القوى السياسية الموالية لإيران من تمرير مرشحها لرئاسة الحكومة الجديدة، وتثبيت أعضاء المفوضية الجدد في مواقعهم التي اختيروا لها، فإن التغيير السياسي سيكون حلما مؤجلا في العراق، يرى المراقبون أنه ربما لن يتحقق إلا بانتفاضة عنيفة ضد الطبقة السياسية الحاكمة.

العرب