مكيافيل في القرن الحادي والعشرين بين رفّ الكتب

مكيافيل في القرن الحادي والعشرين بين رفّ الكتب

_65799_machiavelsld

“مكيافيل لابني” هو أول كتاب لجان باتيست هانكان، أمين عام المعهد العالي للفيزياء والكيمياء الصناعيتين بباريس، يستعيد فيه تقليدا باروكيا يقوم على تقديم الصورة المضادة للأصل.

في عشرة فصول، يتوجه أب إلى ابنه بتوصيات هدفها إعداده لمواجهة عنف البشر وإيقاع عصرنا الرهيب، فينقل إليه المعرفة والإيثيقا الضروريتين لتحقيق الذات، مازجا فلسفة الفطرة السليمة بفلسفة المقتضيات الملحّة، مركّزا على “الخصال المضادة” للأمير، حيث ينصحه بألا يتوانى عن الكذب والإغواء وتسخير الآخرين والتصرف ضد إيمانه ومشاعره، وأن يتخلّص من الأخلاق الجاهزة والموهمة والمضللة.

والكاتب إذ يوجه القارئ نحو حكمة مفارقة، هي حكمة من يريد النجاح بمعانقة الواقع بدل الهروب منه، إنما ينتقد في سخرية مُرَّة راهنا يسيطر فيه الأقوياء، ومرحلة تسوي بين من بين بيده مفاتيح المعرفة وبين من هو خُلْو منها، ويحلل الوسائل التي لا يتورع أصحاب النفوذ عن استعمالها ليزدادوا عظمة وقوة.

◄ حوار من أجل القرن الجديد

“لنقحم أنفسنا” عنوان كتاب يضم حوارا بين علمين هما الفرنسي إدغار موران، الفيلسوف وعالم الاجتماع الذي يهتم بالتطورات المطّردة للعالم، والإيطالي ميكل أنجلو بيستوليتو، أحد رموز الفن المعاصر ومؤسس مدينة الفنون، التي جعلت من غاياتها وضع صيغ لتدخل الفن في شتى مجالات المجتمع المدني. الحوار تم برعاية فيليب كاردينال وهاري ينكوفيتشي، للنظر في ما يمكن أن يكون عليه القرن الحالي، لأن سفينة العالم في رأيهم تمضي إلى ما لا تحمد عقباه، وأن الوقت حان لفتح سبل أخرى.

وخلاصته أشبه بمانيفستو يحض جميع الأطراف المعنية بأن يقحموا أنفسهم بشكل عملي جادّ وفعّال لرفع رهانات المستقبل. ففي هذه المرحلة الانتقالية التاريخية التي نمرّ بها، لم يعد الاستنكار وحده يكفي، بل لا بدّ من تصور صيغ تحوّل هامة على المستوى العالمي، تشترط تغييرات عميقة في طريقة تفكيرنا وتدخلنا.

◄ سجناء عرب في كورسيكا

في كتاب “الحياة هناك، عرب في كورسيكا في نهاية القرن التاسع عشر”، ترصد عالمة الاجتماع والأنثروبولوجيا الجزائرية فانّي كولونا مصائر خمسمئة وثمانية وأربعين جزائريا أغلبهم من البربر، قضوا جانبا من حياتهم في كالفي بجزيرة كورسيكا من 1871 إلى 1903 بوصفهم مساجين حرب. انطلاقا من الأرشيف المحلي، تركز الكاتبة على مصائر ثلاثة مساجين من منطقة القبائل وجبال الأوراس ووادي بني مزاب، وتبحث في نمط تعايش هذه الطائفة المكونة من مجموعات صغيرة، قادمة من الضفة الجنوبية للمتوسط، مع سكان أصليين لا يتجاوز عددهم آنذاك ألفي نسَمة طوال أكثر من ثلاثين عاما، خصوصا وأن أفرادها لم يكونوا معتقلين أو معزولين، بل كانوا يعيشون حياتهم بشكل طبيعي، ويمارسون ما يمارسه أهل الجزيرة بمسؤولية وشجاعة وتهوّر أحيانا، فمنهم الجاد ومنهم من مال إلى الانحراف والصعلكة.

وتتساءل عن موقف الكورسيكيين في هذه الجزيرة التي امتدت في الزمان، خصوصا في ظرف شهدت فيه الجزيرة تراجعا اقتصاديا واجتماعيا ملحوظا، وعن علاقة كورسيكا بفرنسا التي تتبدى كسلطة مهيمنة أكثر من سلطة إشراف.

◄ الواقع بين الأمانة العلمية والخيال الفني

“الآداب الإقليمية والإثنولوجيا” كتاب يجمع أعمال ملتقيين نظمهما عامي 2010 و2011 متحف موسيون أرلاتن ودار آكت سود بمدينتي كركاسون وآرل جنوبي فرنسا، وصدر تحت إشراف عالمة الإثنولوجيا سيلفي ساني. وهي نصوص يساهم المشاركون، كل على طريقته، في إثراء الجدل حول العلاقات المعقدة والمتشابكة بين الأنثروبولوجيا والأدب، مع التركيز على الإثنولوجيا ومقدماتها الفلكلورية من جهة، والآداب الإقليمية التي تنهل جميعها من طرافة البيئة المحلية وخصوصياتها من جهة أخرى. من هذه الزاوية يعاد النظر في ما يصل العلوم بالآداب بعضها ببعض، أو يفصلها بعضها عن بعض، وتسلط أضواء جديدة تبرز أن التوافق بينهما ليس من تحصيل حاصل، نظرا لتباين وسائل الإثنوغرافي والكاتب في نقل عوالم محددة، فالأول يستهدي بالدقة العلمية وصرامة مناهجها، والثاني يعتمد الخيال الفني، فيقدم ويؤخر، ويصغّر أو يضخم الحقائق نفسها الموجودة على أرض الواقع.

دعوة لإعادة اكتشاف فن الكون

فن الكون” كتاب لعالم الفيزياء الفلكية الإنكليزي جون بارّو، الذي يتأمل بعين رجل العلم الأشياء التي تتجاوز عادة نظرة العالم، ويستكشف الطريقة التي كوّنتنا بها قوانين الكون وألهمت ثقافاتنا وميثولوجياتنا، وتصورنا للزمن، وتعبيراتنا الفنية، ويبيّن كيف أن الفن، في المقابل، يتيح رؤية أخرى لبنى الكون وتناسقه.

يرى بارّو أننا سليلو تطور يستند إلى قوانين الطبيعة وقواها، وأننا نحتلّ موضعا في نسيج الكون، صغيرا جدا داخله، وعملاقا قياسا بالعالم المجهري، ومن عجب أنه موضع منطقي، ومتميز بشكل ملحوظ لأنه يمنحنا قدرة فهم معرفتنا والتعبير عنها.

وفي رأيه أن نظرية التطور وبنى المجرات وأطوار القمر وتشجّر النباتات وأصل الكلام ودراسة البقايا المتحجّرة تلهم ثقافتنا في كل أبعادها. في موازاة ذلك، تنهل مزهريّات الصين القديمة وموسيقى باخ ورسوم بيكاسو ولوحات مانيه من محيطنا الطبيعي وإدراكنا له، فيصبح العالم شاهدا على التقاء بين التخيّل العلمي والبحث الفني.

العولمة أو الاستعمار الجديد

“الحرية قادتنا هنا” عنوان رواية للسويدي غونّار أرديليوس، يصور فيها الوجه المظلم لبدايات العولمة، والتباسات تتراوح بين تفاؤل غير واع واستياء محرر من الوهم، من خلال شخصيات وقعت في فخ الوجه الجديد للاستعمار. تقع أحداث الرواية في ليبيريا مطلع ستينات القرن الماضي، وبطلها هكتور القادم من السويد رفقة زوجته وابنه للعمل في شركة استثمار معدني مديرا للطاقة العاملة.

ولكنه سرعان ما يصطدم بالمعاملات السيئة التي يقابل بها مسؤولو الشركة الأهالي والعمال، وتتبدّى له النزعة الاستعمارية القديمة القائمة على القهر والاستعباد وهدر الحقوق.
فأما زوجته مارغريت فقد ضاقت بقيظ ليبيريا وغبارها وأهلها الذين صارت تنظر إليهم باستعلاء ونفور. وأما الابن مارتن فقد كان يحلم بثورة عالمية، وتضامن بروليتاري دولي، بعد أن أقام علاقة مع جنّان شاب ليبيري في مثل سنّه، صار يحثه على الصراع إلى جانب الليبيريين المضطهدين، الذين بدؤوا يضربون عن العمل احتجاجا على تجاوزات أعرافهم البيض، ويدعون إلى مقاومة المستعمرين الجدد.
صحيفة العرب اللندنية