مفاجأة أبو غريب : الأهداف والغايات

مفاجأة أبو غريب : الأهداف والغايات

ابوغريب-بغداد-المطار-داعش

 استطاع تنظيم الدولة الاسلامية مفاجأة الجميع بزحفه، وتقدمه تجاه الحزام الامني لمدينة بغداد عاصمة العراق، ابتداء من منطقة الصبيحات التابعة لناحية الكرمة بمحافظة الانبار، ثم التقدم تجاه مناطق (العبادي -السكراب-الهيتاويين) التابعة لقضاء ابي غريب فجر يوم الاحد 28 شباط 2016 مخترقا الخطوط الامامية للقوات العسكرية والامنية العراقية، وبدأت المواجهات في اولى مراحل الهجوم في منطقتي (العبادي والهيتاويين)، ثم امتدت لتصل الى منطقة(خان ضاري) حيث تمت السيطرة على بناية السايلو بعد مواجهات شديدة مع القوة العسكرية المسؤولة عن حماية البناية .

وامتدت المواجهة لتشمل (قرية كاظم العذاب – الحمدانية- الحصوة) الواقعة قرب مقر الفوج الثالث للواء 24 ضمن قاطع عمليات بغداد، وحاول مقاتلو التنظيم استهداف المقرات والقوات العسكرية والامنية ومواقعها بالقرب من شركة الرضوان ومحطة القطار قرب جسر البو حمدان وقرب المصنع العراقي .

وتم ارسال تعزيزات عسكرية للمنطقة وفرض حظر التجوال في منطقة ابي غريب التي اغلقت الطرق المؤدية اليها، وأدى هذا الوضع الى نزوح عدد من العوائل والاهالي الى جنوب شرقي الفلوجة خوفا من المواجهات القتالية الجارية في أماكن عديدة من القضاء .

وجاء هذا التعرض الشامل على القضاء؛ ليؤكد التنظيم حقيقة قوته، اتساع حجمه، وليثبت لجميع المهتمين والتابعين له ولمؤيديه بأن لديه القدرة والامكانية للوصول الى أي هدف يريده وتحقيق مبتغاه في اي عملية يعمل على رسم مخططات تنفيذها بدقة، ويأتي هذا التعرض بعد سلسلة من الاخفاقات والانتكاسات التي تعرض لها مقاتلو التنظيم، وانسحابهم من مناطق (الصينية وتكريت وبيجي )التابعة لمحافظة صلاح الدين و(قضاء سنجار ) التابع لمحافظة نينوى ومركز (مدينة الرمادي ) والمناطق المحيطة به .

ويشكل هذا التعرض واحدا من أهم أهداف التنظيم التي اشرنا اليها في العديد من مقالاتنا حول اسلوب التنظيم وحركته، وتوجهاته وسعيه؛ لإيجاد ثغرات اساسية للوصول الى أهداف وأماكن استراتيجية تؤكد استمراريته وحيويته، ورفع معنويات مقاتليه .

ويمكن لنا ان نحدد الاهداف والغايات التي سعى لها تنظيم الدولة من اختراقه للحزام الامني لمدينة بغداد وفق المنظور الآتي :

1- ان التعرض الشامل الذي قام به مقاتلو التنظيم يعد عملية نوعية خاصة ذات أهداف ومضامين مهمة، مشكلا انعطافا جديدا في العمل والتوجيه واستهداف المحيط الامني للعاصمة بغداد، ومحاولة إيجاد موطئ قدم له يعزز فيه تقدمه في أماكن قريبة منها .

2- جاءت هذه العملية بعد عدة محاولات للتنظيم للوصول لمدينة بغداد ومن اتجاهات عديدة في مناطق(الطارمية والتاجي) شمال بغداد، والتي باءت جميعها بالفشل؛ ولكنه تمكن من استغلال بعض الثغرات الامنية في المناطق القريبة من قضاء ابي غريب ليباغت القوات الامنية والعسكرية العراقية بتعرض واسع مع أولى ساعات الصباح الباكر .

3- ان المواقع التي سيطر عليها مقاتلو التنظيم وسعى لتعزيز وجوده فيها تمتاز بأهميتها الاستراتيجية كونها تشكل أول وجود فعلي قريب من بغداد بحيث أصبحت أماكن مهمة مثل(مطار بغداد الدولي ) تحت تأثير نيران أي مدفعية يمكن استخدامها من قبل التنظيم .

4- شكل دخول التنظيم الى منطقة أبي غريب أهمية بالغة في تعزيز سيطرته وتحكمه بمنطقة الحزام الأمني المحيط بالعاصمة بغداد، ووجه رسالة واضحة المعالم وبدلائل واقعية للأجهزة الأمنية بأن التنظيم باستطاعته مباغتة هذه الاجهزة واحراجها رغم امكانياتها وحديثها  المستمر عن تعزيز الحماية حول محيط بغداد .

5- بعد الضربات الجوية المستمرة لمواقع التنظيم من قبل قيادة التحالف الدولي في العراق واستهداف مقراته وقياداته الا انه أكد للجميع أن لديه القدرة على الانتشار والمناورة واستهداف اي منطقة يرغب بالوصول اليها .

6-.ان وجود تنظيم الدولة في المناطق القريبة من العاصمة بغداد وسعيه للسيطرة عليها يهدد الوضع الامني الداخلي للمدينة ويحبط الخطط الامنية والعسكرية التي تسعى اليها حكومة بغداد، وتؤشرالى حقيقة الاخفاق الأمني والميداني في مواجهة التنظيم وضعف المعلومات اللوجستية حول حركته وانتشاره .

7- تأتي العملية متزامنة مع الرؤية الفكرية الاستراتيجية للتنظيم في تحديد سياسته وتنفيذها باسلوب مقاتليه وحركتهم؛ وسعيه للتمدد تجاه مدينة بغداد لتشكل امتدادا واضحا لأهدافه وسعيه لتنفيذ عمليات داخل العاصمة .

8- أراد التنظيم بهذا التعرض أن يثبت للآخرين أن الخطط الأمنية باستهداف التنظيم وجمع المعلومات عن تحركاته واتصالاته واستهدافه بعمليات خاصة لم تثن مقاتليه عن تحقيق أهدافه في السيطرة على أماكن مهمة رغم ما قيل عن الشروع ببناء (سور بغداد) الذي تخطط له حكومة بغداد وأجهزتها الأمنية .

9- ابتعاد قوات التحالف الدولي وتشكيلاته القتالية عن المشاركة الفعلية والميدانية في مواجهة تقدم مقاتلي التنظيم في اثناء تعرضهم على قضاء ابي غريب وعدم مشاركتهم في ايقاف تقدم مقاتلي التنظيم ، وفي رأينا ان سببه ذلك يرجع الى وجود قوات الحشد الشعبي في هذه المنطقة وامتناع الجانب الاميركي عن المشاركة والرد العسكري في اي منطقة تشهد خرقا عسكريا وأمنيا من قبل التنظيم وفيه وجود لعناصر وقوات تابعة للحشد الشعبي .

ان هذا التعرض يشكل خرقا أمنيا واستهدافا واضحا للوضع الامني للعاصمة بغداد ويؤكد ضرورة مراجعة المؤسسات الامنية والاستخباراتية العراقية خططها ومعلوماتها، وتقييم مصادرها, والا فانه من الممكن ان تشهد العاصمة بغداد أو المناطق المحيطة بها تعرضات مماثلة تؤثر على سياق وعملية مواجهة التنظيم في مناطق أخرى من البلاد .

 

وحدة الدارسات العراقية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية