موسكو تبحث مع الرياض نقطة تفاهم حول مصير الأسد

موسكو تبحث مع الرياض نقطة تفاهم حول مصير الأسد


موسكو – تصدر النقاش حول مستقبل سوريا ومصير الرئيس بشار الأسد مباحثات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مع نظيره الروسي سيرجي لافروف، في موسكو الأربعاء.

وذكرت أوساط سياسية متابعة للزيارة أن النقاش شمل كافة القضايا التي تتصل بالملفات المشتركة، لا سيما ما يتعلق منها باليمن أو بالطاقة، لكن بحث الملف السوري يعتبر مفصليا في أي عملية تطوير رشيقة للعلاقات الروسية السعودية.

وقال الجبير بعيد محادثاته مع لافروف إن الرياض لا تزال تعتقد أن الرئيس السوري بشار الأسد ليس “له مستقبل في سوريا”.

والواضح أن اللقاء يمثل حاجة للطرفين، الروسي والسعودي، لمواصلة التشاور والتنسيق، على الرغم من الحيوية التي تظهرها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الشرق الأوسط، لا سيما تلك التي تتعلق بتدعيم العلاقات الأميركية السعودية، والتي أحدثت انفراجا في علاقات مصر والسعودية تمثل في الزيارة الأخيرة للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى الرياض.

ويرى خبراء في شؤون الشرق الأوسط أن كافة الأطراف باتت مدركة أن روسيا باتت رقما صعبا في معادلات المنطقة، وأن ظهور استراتيجية جديدة للولايات المتحدة لن يضعف من وزن ودور روسيا في معالجة ملفات المنطقة.

وقال الجبير إن محادثات السلام السورية في أستانة عاصمة كازاخستان تسير جيدا لكن لا حاجة لتوسيع قائمة المشاركين في المباحثات التي تجري بوساطة روسيا وإيران وتركيا. وهي إشارة رأى فيها المراقبون عزما سعوديا على عدم الانخراط أكثر في العملية التي ترعاها روسيا لمراقبة وقف إطلاق النار.

إلياس أوماخانوف: السعوديون لم يطالبوا بإزاحة فورية للأسد، بل بعملية لا وجود له في نهايتها
ورأت مصادر سعودية أن الرياض، ورغم سرورها بالدفء الذي عاد إلى علاقاتها مع واشنطن، وعلى الرغم من دعمها للضربة الصاروخية الأميركية التي طالت قاعدة الشعيرات الجوية في سوريا وارتياحها لموقف الرئيس الأميركي من شخص الرئيس السوري بشار الأسد، مازالت متمسكة بالتنسيق مع موسكو وبالتفتيش مع روسيا عن سبل إيجاد تسوية سلمية للنزاع في سوريا.

ويلتقي هذا التوجه مع تصريحات العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الأربعاء من أنه “لا يوجد بديل عن الحل السياسي للأزمة السورية، ولن يتم تحقيق ذلك دون تعاون روسي أميركي في جميع الملفات”. ولفتت مصادر روسية مقربة من وزارة الخارجية الروسية أن تمسّك الوزيرين الروسي والسعودي بمواقفهما بشأن سوريا، حسب ما صدر أثناء المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقداه عقب انتهاء محادثاتهما، لا يعني أنه لم يحصل تقدم للوصول إلى نقاط مشتركة بين الدولتين في هذا الصدد، وإن كان من المبكر الحديث عن تحولات بالإمكان الإعلان عنها.

ورغم الخلافات المعروفة بين موسكو والرياض بشأن دور الأسد، قال لافروف إنه لا توجد خلافات غير قابلة للحل بين البلدين حينما يتعلق الأمر بالتوصل إلى حلّ للأزمة السورية.

وتقول المصادر الروسية إن موسكو لاحظت تحولا في الموقف الأميركي من خلال ما أعلنه بيتر إيليتشيف سفير روسيا في الأمم المتحدة حول موقف جديد للرئيس الأميركي بشأن مصير الأسد، وهو موقف قد يتناقض مع تصريحات ترامب الغاضبة ضد الرئيس السوري. ولفتت هذه المصادر إلى أن ما كشفه السفير الروسي لم يتم نفيه من أيّ جهة رسمية أميركية.

وكان إيليتشيف كشف، حسب وسائل إعلام روسية، أن ترامب أكد أن مستقبل الأسد لا يشكل “عقبة” أمام تسوية النزاع. وذكر أن كلام ترامب جاء خلال مأدبة غداء، الاثنين الماضي، في البيت الأبيض مع 15 سفيرا في مجلس الأمن الدولي.

وأضاف إيليتشيف أنه بالنسبة إلى ترامب فإن “بقاء الأسد أو رحيله ليس مهما. المهم هو العملية السياسية ووقف إراقة الدماء والأعمال القتالية (…) وعندئذ الشعب سيقرر”.

وكشفت مصادر إعلامية واكبت زيارة وفد مجلس الاتحاد (الشيوخ) الروسي برئاسة فالينتينا ماتفيينكو إلى السعودية، الذي التقى بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز في منتصف أبريل الجاري، أن الوفد الروسي أقر بالخلاف الروسي السعودي المتعلق بمصير الأسد، إلا أنه نقل عن نائب رئيسة مجلس الاتحاد، إلياس أوماخانوف قوله إن السعوديين لم يطالبوا بإزاحة فورية للأسد، بل طالبوا بعملية سياسية واضحة لا وجود للأسد في نهايتها.

واعتبرت الأوساط الروسية أن هذه الصيغة هي ما أراد الروس سماعها وطلبوا تطويرها في زيارة الجبير إلى موسكو.

ولم تكشف محادثات الأربعاء عن تفاصيل أو معلومات حول هذا الأمر، لكن دبلوماسيين روسا ذكروا أن موسكو التي استمعت مليا إلى وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أثناء زيارته الأخيرة إلى موسكو، بما في ذلك اجتماعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمدة ساعتين، تسعى لمواصلة التواصل مع كافة أطراف النزاع السوري من أجل إنتاج تسوية ترضي المنظومتين الإقليمية والدولية، بغض النظر عما سرب من خطة أميركية للحل في سوريا قيل إن تيلرسون عرضها على المسؤولين الروس.

العرب اللندنية