الطيران العراقي يدعم «الحشد» في البوكمال السورية

الطيران العراقي يدعم «الحشد» في البوكمال السورية

قتل 75 مدنياً على الأقل جراء استهداف «داعش» بعربة، تجمعاً للنازحين الفارين من المعارك المحتدمة على جبهات عدة ضد المتطرفين في محافظة دير الزور في شرق البلاد، في وقت أفيد فيه بحصول اشتباكات بين تنظيم «داعش» و«الحشد الشعبي» العراقي قرب البوكمال التابعة لدير الزور وشن الطيران العراقي غارات على ريف البوكمال. كما أُعلن عن فتح القاعدة العسكرية الروسية في حميميم مركزاً لها في دير الزور.
وتعد معركة السيطرة على مدينة البوكمال الحدودية مع العراق آخر أهم المعارك التي وستخوض قوات النظام ضد تنظيم «داعش». وقد بات أمس (الأحد)، بفضل الغطاء الجوي الروسي على بعد 15 كيلومتراً منها.
ورغم الخسائر الميدانية الكبيرة خلال الأشهر الأخيرة، لا يزال التنظيم المتطرف يحتفظ بقدرته على إلحاق أضرار جسيمة من خلال هجمات انتحارية وتفجيرات وخلايا نائمة. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إنه تمكن حتى الآن من توثيق مقتل «75 نازحاً مدنياً على الأقل بينهم أطفال، وإصابة أكثر من 140 آخرين بجروح». وأشار إلى أن السيارة المفخخة استهدفت تجمعاً للنازحين بالتزامن مع توافد آخرين إلى المكان في منطقة صحراوية تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية» (تحالف فصائل كردية وعربية) على الضفاف الشرقية لنهر الفرات.
ويسعى كثير من المدنيين الذين وقعوا فريسة العنف، إلى الفرار من المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش، حتى أن بعضهم يتوه في المناطق الصحراوية حيث تنعدم الاتصالات، بحسب «المرصد».
وذكرت منظمة «سيف ذي تشيلدرن» الإنسانية أن «نحو 350 ألف شخص بينهم 175 ألف طفل عرضوا حياتهم للخطر خلال الأسابيع الأخيرة من أجل إيجاد ملاذ والهرب من تصاعد العنف في دير الزور».
وتشكل محافظة دير الزور في الوقت الراهن مسرحاً لعمليتين عسكريتين ضد التنظيم؛ الأولى يقودها الجيش النظامي السوري بدعم روسي عند الضفاف الغربية لنهر الفرات، حيث مدينتي دير الزور والبوكمال، والثانية تشنها «قوات سوريا الديمقراطية» بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن عند الضفاف الشرقية للنهر الذي يقسم المحافظة.
وسيطر تنظيم داعش منذ صيف 2014 على كامل محافظة دير الزور الحدودية مع العراق وعلى الأحياء الشرقية من المدينة، مركز المحافظة. وقد أعلن الجيش النظامي السوري الجمعة، استعادته السيطرة على كامل المدينة إثر معارك عنيفة تسببت بأضرار مادية كبيرة.
ورغم طرده من مناطق واسعة، فإن تنظيم داعش لا يزال يسيطر على 37 في المائة من محافظة دير الزور، تتركز في الجزء الشرقي منها. وتعد مدينة البوكمال الحدودية مع العراق، آخر أهم معاقل التنظيم المتطرف الذي لا يزال يسيطر على جيوب محدودة في محافظة حمص وقرب دمشق وفي جنوب البلاد.
وتركز قوات النظام والميليشيات التي تدعمها إيران و«حزب الله» سواء كانوا أفغاناً وعراقيين وإيرانيين، اليوم على مدينة البوكمال. ويتقدم هؤلاء بغطاء جوي روسي باتجاهها من الجهة الجنوبية، وباتت القوات تبعد عنها أمس (الأحد) مسافة 15 كيلومتراً على الأقل مقابل 30 كيلومتراً في اليوم السابق، وفق «المرصد». ويعود التقدم السريع باتجاه البوكمال «بشكل أساسي للدعم الجوي الروسي، فهذه منطقة صحراوية، وليس مطلوباً سوى تدمير تحصينات المتطرفين من الجو لتتقدم القوات برياً».
ويضاف إلى ذلك «انضمام عناصر من الحشد الشعبي العراقي إلى القوات السورية». وعلى الجهة الثانية من الحدود، تواصل القوات العراقية عملياتها ضد المتطرفين، بعدما سيطرت الجمعة على قضاء القائم في الجهة المقابلة للبوكمال.
ورفع رئيس الحكومة العراقي حيدر العبادي السبت، علم بلاده في مركز القائم بحضور قادة عسكريين، وأشاد باستعادة الجزء الأكبر من الأراضي العراقية التي استولى عليها تنظيم داعش في عام 2014. ولم يعد أمام القوات العراقية سوى استعادة قضاء راوة المجاور للقائم ومناطق صحراوية محيطة في محافظة الأنبار.
وفي سوريا، استعادت قوات النظام السوري خلال العامين الماضيين زمام المبادرة الميدانية بفضل الدعم الجوي الروسي أساساً. وباتت تسيطر اليوم على 52 في المائة من مساحة البلاد، بعد معارك عدة على جبهات مختلفة سواء مع «الجهاديين» أو الفصائل المعارضة.
وأعلن مصدر عسكري عراقي اندلاع اشتباكات عنيفة بين القوات العراقية وعناصر «داعش»، أثناء عبورها الشريط الحدودي بين البلدين أقصى غربي البلاد، فيما أكد مسؤولون عراقيون أن أمر دخول القوات العراقية إلى الأراضي السورية يقرره القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي.
وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لوكالة الأنباء الألمانية إن «قوة عسكرية عراقية مدعومة بالحشد الشعبي دخلت إلى الأراضي السورية، عن طريق الشريط مع الأراضي العراقية (570 كيلومتراً غرب بغداد)، في محاولة لاستكمال سيطرتها على قرى محاذية للأراضي العراقية بمحافظة دير الزور». وأضاف المصدر أن «عجلات مفخخة للتنظيم الإرهابي اعترضت القوات العراقية أعقبها هجوم لعناصر داعش، حيث دارت اشتباكات عنيفة بين الطرفين، وتسببت بقتل 16 من عناصر التنظيم المتطرف ومقتل 3 من عناصر الحشد الشعبي وإصابة 4 آخرين بجروح».
وأوضح أن «القوات العراقية والحشد الشعبي بدأت بعبور الحدود السورية منذ الانتهاء من معارك تحرير القائم أول من أمس، وسيطرتها على قرى كانت تحت قبضة داعش». وأفادت مصادر عسكرية عراقية بأن الطيران العراقي اخترق المجال الجوي السوري، وقصف مواقع وتجمعات لتنظيم داعش، في ناحية سوسة شمال مدينة البوكمال.
ويأتي تنفيذ الغارات الجوية مع تقدم للقوات العراقية ومسلحي «الحشد الشعبي» إلى الجزء السوري، وسيطرتها على قرية الهري في البوكمال السورية.
وكان العبادي قد أعلن في مارس (آذار) من العام الحالي: «حصلنا على موافقات رسمية من الحكومة السورية على تنفيذ أهداف جوية ضد معاقل تنظيم داعش في المناطق القريبة من العراق، وتحديداً بمنطقة البوكمال».
بدوره، قال عضو مجلس النواب العراقي فارس الفارس، إن «أمر دخول القوات العراقية والحشد الشعبي إلى الأراضي السورية، أمر يعود لرئيس الحكومة حيدر العبادي، والتنسيق مع التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة».
وقال الفارس لوكالة الأنباء الألمانية، إن «أمر دخول القوات العراقية والحشد الشعبي إلى الأراضي السورية لمطاردة فلول داعش الإرهابي، هو أمر يقرره رئيس الحكومة حيدر العبادي باعتباره القائد العام للقوات المسلحة، علاوة على التنسيق مع التحالف الدولي الذي ينتشر في البلدين».
إلى ذلك، أعلنت القناة المركزية لقاعدة حميميم العسكرية الروسية في سوريا، إنشاء فرع جديد لها في محافظة دير الزور قريباً من الحدود مع العراق ومن مواقع وجود القوات الأميركية. وقالت القناة المركزية لقاعدة حميميم في بيان لها، إنه تم إنشاء فرع للقاعدة العسكرية الروسية في دير الزور شرق سوريا، و«يقوم الضباط (الروس) بمتابعة الأوضاع الإنسانية في مناطق من محافظة دير الزور، وإزالة الألغام والعبوات المتفجرة التي خلفها تنظيم داعش الإرهابي في المناطق التي تم تحريرها من قبضته».
وكانت قاعدة حميميم العسكرية الروسية والمتمركزة في ريف اللاذقية على الساحل السوري، قد وجهت تحذيراً لـ«قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية، بعدم الاقتراب من مدينة البوكمال في ريف دير الزور الشرقي على الحدود مع العراق، حيث لا تزال المعارك جارية هناك مع تنظيم داعش. وقال ممثل قاعدة حميميم ألكسندر إيفانوف: «قد يكون الخيار العسكري خياراً وحيداً ومقبلاً أمام دمشق للتعامل مع المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية شمال البلاد، الذي يخضع لسيطرة الأكراد المدعومين أميركياً بصفة غير شرعية على الإطلاق».

الشرق الاوسط