مهمة صعبة لمفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في دوما

مهمة صعبة لمفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في دوما

بيروت – تمكن خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أخيرا السبت من دخول مدينة دوما السورية للتحقيق في الهجوم المفترض بغازات سامة والذي أثار توترا دبلوماسيا كبيرا على الساحة الدولية، بعد أن تدخلت الولايات المتحدة عسكريا، مدعومة من فرنسا وبريطانيا، لتوجيه ضربة ضد أهداف في سوريا بحجة الهجوم الكيميائي.

وأعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن خبراءها أخذوا عيّنات من موقع الهجوم الكيميائي المفترض. لكن، بعد أسبوعين على الهجوم المفترض، لا تبدو مهمة المحققين سهلة. ومهمة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تحديد ما إذا تم استخدام أسلحة كيميائية وليس تحديد المسؤولين.

اختفاء الأدلة
يخشى الغربيون والخوذ البيضاء (الدفاع المدني في مناطق سيطرة المعارضة) أن تكون الدواعي الأمنية التي أثارها السوريون والروس حتى الآن وحالت دون توجه منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى مكان الهجوم، قد ساهمت في إزالة أدلة محتملة.

وقال عنصر في الخوذ البيضاء إن “النظام قال إنه عثر على مقبرة جماعية في حديقة الجلاء. وهو المكان الذي دفنا فيه جميع الضحايا الذين قضوا في الهجوم الكيميائي وعمليات قصف أخرى. إن النظام يخفي كل الأدلة”. وتم إجلاء الآلاف من سكان دوما في إطار اتفاق مع فصائل المعارضة تم التوصل إليه بعد يومين من الهجوم الكيميائي المفترض. وفي حال عدم وجود أي جثة وعدم توافر أي ناج، يصبح مستحيلا أخذ عينات بيولوجية أو إجراء عملية تشريح.

وأشارت الاتهامات الأولى إلى استخدام غاز الكلور أو السارين. لكن احتمال إيجاد أدلة على آثار مباشرة لهذين الغازين تتضاءل مع مرور الوقت، وخصوصا بعد مضي عشرة أيام بالنسبة للكلور. ومع ذلك، يقول الخبراء إنه رغم مرور وقت طويل، فإنه لا يزال ممكنا تقنيا العثور على عناصر كيميائية مفيدة للتحقيق. وهذه الأدلة يمكن رصدها في أجسام ناجين (بول أو دماء) أو في أعضاء من جثث أو في عناصر مادية (ثياب أو جدران أو صخور).

ويستحيل رصد آثار تدل على هجوم بغاز الكلور في الجسم البشري كون هذه المادة موجودة أصلا في الدم في الحال الطبيعية. لكن البروفيسور في علم السموم البيئي في جامعة ليدز أليستير هاي يوضح أنه “يمكن العثور على السارين بعد مرور أسبوعين وربما بعد مرور شهر أو أكثر” بحسب مستوى التعرض للغاز. ويضيف أن “عناصر سامة مثل السارين يمكن أن تبقى في المحيط لأسابيع عدة وخصوصا قرب المكان حيث انفجر السلاح” الكيميائي.

ويسعى المحققون أيضا إلى رصد مؤشرات في شكل غير مباشر. ويقول المستشار المتخصص في السلاح الكيميائي والجرثومي رالف تراب إن “الكلور مادة تتفاعل في وجود المياه مع مواد موجودة في المكان مثل الخشب والمعادن التي تستخدم في البناء والأقمشة. هذا لا يمكن أن يكون دليلا دامغا ولكن إذا تم ربطه بأدلة أخرى يمكن أن يؤدي إلى تأكيد انتشار الكلور”.

وبالنسبة إلى السارين، يبحث الخبراء عن مادة محددة تظهر في الخلايا البشرية تحت تأثير غاز السارين وهي غير موجودة في الطبيعة. ويؤكد تراب أن هذه المادة في حال العثور عليها “ستشكل دليلا دامغا على استخدام السارين”. كذلك، يسعى خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى مؤشرات تدل على تغيير طبيعة الموقع، مثل آثار تنظيف أو نقل أشياء من مكانها. ويعلق ماي “يمكن محو أدلة ولكن ينبغي القيام بذلك بحرص، وحتى في حال كهذه يمكن ترك أدلة تؤكد العبث بالموقع”.

الخلاصات الممكنة
يعتبر رالف تراب، الذي كان عضوا في فريق تحقيق سابق لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، أن هذا الأمر يمكن أن يكون عنصرا حاسما “إذا توافرت أشرطة فيديو صورت لحظة وقوع الهجوم المفترض وتتيح إجراء مقارنة”.

ويضيف “حتى بعد عملية تنظيف دقيقة بواسطة مواد خاصة، ثمة احتمال كبير أن تكون بقايا العناصر لا تزال موجودة في معادن تتمتع بقدرة كبيرة على استيعاب مواد كيميائية مثل القرميد أو الإسمنت”.

ويوضح تراب أن “فريق التحقيق سيحمل معه كل العناصر المفيدة التي عثر عليها مفتشوه بما فيها تلك المتصلة بعملية تنظيف أو تلاعب في موقع الهجوم”. وسترسل العينات إلى مختبرات متكاملة سرية يناهز عددها 20 في العالم.

ويضيف “إذا لم تكن البعثة قادرة على الإثبات أنه تم استخدام الكلور أو السارين، ستقدم الأدلة التي في حوزتها والسيناريوهات المحتملة التي تفسر تلك الأدلة وإلى أي مدى يمكن أن تكون هذه السيناريوهات ممكنة. ويعود بعدها إلى الهيئات السياسية التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية وإلى الدول الأعضاء أن تقرر ما إذا كانت الأدلة كافية لتأكيد وقوع هجوم كيميائي من عدمه”.

العرب