ترقب في ليبيا بعد خروج أرتال عسكرية ضخمة من الشرق

ترقب في ليبيا بعد خروج أرتال عسكرية ضخمة من الشرق

بنغازي (ليبيا) – تسود حالة من الترقب في ليبيا بعد إعلان الجيش منذ يومين خروج أرتال عسكرية ضخمة إلى جهة لم يذكرها، رجح البعض أن تكون وجهتها سرت، بعد أن تمركزت على تخوم مدينة الجفرة، بينما يرى آخرون أن تحرك تلك الأرتال يهدف لتشتيت تركيز المجموعات المسلحة المناوئة لدخول الجيش إلى طرابلس وتحديدا قوات مصراتة.

وقال المكتب الإعلامي للقيادة العامة للجيش الثلاثاء على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك، إن “تعزيزات عسكرية ضخمة من مختلف أنواع الأسلحة والذخائر والآليات التي على متنها مقاتلينا الأشاوس من أبناء القوات المسلحة العربية الليبية باتجاه المكان المعلوم والمحدد مسبقا من قبل”.

وبعد قضاء الجيش الليبي على آخر جيب للإرهابيين في الشرق الليبي، بمدينة درنة، يوشك الآن على إحكام قبضته على الجنوب، ويتغلغل ببطء وصمت في مدن غرب طرابلس، مما سيضيق الخناق أكثر على العاصمة، غربا وجنوبا، والتي أعلن أكثر من مرة عن استعداده لاقتحامها.

وشكل الجيش الليبي غرفة عمليات للسيطرة على المدن الساحلية ما بين الزاوية ومعبر رأس جدير الحدودي مع تونس، كما تتواجد قوات للجيش إلى جانب قوات حكومة الوفاق في مدينة صبراتة، إحدى أكبر مدن الغرب الليبي، لتأمينها من تنظيم “داعش” الإرهابي.

ما يعني أن الطريق الساحلي الاستراتيجي الرابط بين طرابلس وتونس، والذي تقع على طوله عدة مدن ذات كثافة سكانية عالية، مهدد بالاشتعال مرة أخرى، خاصة بعد تمكن بعض المجموعات المسلحة التابعة للجيش من التوغل تدريجيا في هذه المدن، باستثناء مدينة زوارة (ذات غالبية أمازيغية) القريبة من معبر رأس جدير مع تونس (70 كلم)، وبلدة مليتة التي تحتضن أحد أكبر المجمعات النفطية في غرب البلاد.

وتتمركز قوات للجيش بالمنطقة الغربية في قاعدة الوطية الجوية (تبعد 80 كلم عن الحدود التونسية)، وبلدة العجيلات (95 كلم غرب طرابلس).

وتعد مدينة مصراتة ذات الثقل السياسي والعسكري إحدى العراقيل التي تواجه تقدم الجيش نحو طرابلس، خاصة في جناحها الشرقي، حيث أعلن أعيانها رفضهم العودة لحكم الفرد، وعسكرة الدولة، وأنهم “لن يسمحوا بعودة الدكتاتورية إلى حكم ليبيا”.

لكن مصراتة التي كانت بالأمس، أقوى قوة عسكرية في الغرب الليبي، استنزفت الكثير من قوتها في قتال “داعش”، في مدينة سرت وضواحيها في 2016، كما خاضت قبلها معارك ضارية مع كتائب الزنتان وحلفائها ما بين 2014 و2016.

حيث واجهت كتائب مصراتة، أكبر انقسام لها منذ تشكلها في 2011، عندما اختار بعضها تأييد حكومة الوفاق في 2016، وأخرى انحازت لحكومة الإنقاذ (السابقة)، بقيادة ابن المدينة خليفة الغويل.

وتلقت كتائب مصراتة ضربتين قويتين؛ الأولى عندما فقدت سيطرتها على طرابلس، واضطرت للانسحاب منها تحت ضربات حلفائها السابقين في العاصمة (تحالف لكتائب طرابلس الداعمة لحكومة الوفاق)، والثانية عندما رفعت حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج، الغطاء السياسي، عن القوة الثالثة، التابعة لها، والمكلفة بتأمين الجنوب، فاضطرت للانسحاب من سبها وضواحيها، ومن محافظة الجفرة (وسط) وقاعدتها الجوية الاستراتيجية، تحت ضغط سياسي ودولي وعشائري وقصف جوي كثيف من طيران “مجهول” في قاعدة الجفرة الجوية.

ولا تبدو كتائب مصراتة حاليا متحمسة كثيرا للدفاع عن السراج وحكومة الوفاق، وظهر ذلك جليا عندما هاجم اللواء السابع/ ترهونة، العاصمة، ولم تتحرك كتائب مصراتة بالقوة اللازمة لردعه، مثلما فعلت في 2016، عندما استنجدت بها حكومة الوفاق لمواجهة “داعش” في سرت.

فمصراتة صارت منكفئة على نفسها أكثر، رغم سيطرتها على مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) وتمثيلها في المجلس الرئاسي بأحمد معيتيق، وفي حكومة الوفاق بوزير الداخلية فتحي باشاغا، وهو من القيادات السياسية والعسكرية النافذة، وتواجد الكتيبة 301 (الحلبوص)، الموالية له، بطرابلس.

لكن كتائب مصراتة، ما زالت تتزعم الرافضين لسيطرة الجيش على طرابلس، وتقف كجدار صد أول في وجه قوات المشير خليفة حفتر الراغبة في الزحف نحو العاصمة من الشرق، عبر سرت، وتقوم حاليا بتحشيد قواتها في المنطقة استعدادا لأي هجوم محتمل.

وهذا ما يفسر التفاف حفتر على مصراتة، وهجومه على مدن الجنوب وتغلغله في مدن غرب طرابلس، لمهاجمة العاصمة من مناطقها الرخوة جنوبا وغربا، وتفادي الاصطدام بمصراتة القوية شرقا.

وإذا سقطت طرابلس بيد الجيش ستكون مصراتة معزولة شرقا وغربا وجنوبا، وقد تقبل بالحوار المفضي إلى اعترافها بحل يكون الجيش طرفا فيه.

ويكتنف الغموض الاتفاق الذي جرى بين حفتر والسراج في أبوظبي والذي أعلنت عنه الأمم المتحدة مؤكدة الاتفاق على إنهاء المرحلة الانتقالية بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية تنهي سنوات الصراع.

لكن السراج، أوضح الأربعاء، أنه اتفق مع حفتر على “توحيد المؤسسات والإصرار على ذلك، وإنجاز الانتخابات قبل نهاية 2019، مع توفير المناخ الملائم لإجرائها”.

وبحسب موقع “خليج أونلاين”، نقلا عن مسؤول في حكومة الوفاق، فقد تم الاتفاق “على تشكيل مجلس عسكري أعلى يتكون من ثلاثة أعضاء” يترأسه حفتر، فيما يتولى باشاغا، إدارة المجموعات المسلحة في طرابلس.

وعقب هذا الاتفاق، أقال السراج، قائد أركان الجيش الليبي عبدالرحمان الطويل، وخفض من رتبته العسكرية، وعين محمد المهدي خلفا له. غير أن الطويل اشترط أن يوقع على هذا القرار بإجماع أعضاء المجلس الرئاسي، وأبدى استعداده للقاء حفتر، من أجل توحيد المؤسسة العسكرية.

وهذا الخلاف بين السراج وقائد الأركان التابع له، يزيد من تعقيد الأمر في المنطقة الغربية، خصوصا وأن حفتر يحاول كسب المزيد من الأوراق للتفاوض على دخول العاصمة سلميا، في ضوء إعلان الولايات المتحدة مؤخرا رفضها “أي عمليات عسكرية في طرابلس تحت أي ذريعة”.

العرب