الظافر الحقيقي في معركة ترامب/ نتنياهو ضد عمر/ طليب

الظافر الحقيقي في معركة ترامب/ نتنياهو ضد عمر/ طليب

تخبطت حكومة الاحتلال الإسرائيلي في اتخاذ القرار حول زيارة إلى الضفة الغربية المحتلة كانت النائبتان الأمريكيتان من الحزب الديمقراطي إلهان عمر ورشيدة طليب تعتزمان القيام بها، فبدأ التخبط من إعلان السفير الإسرائيلي في واشنطن رون ديرمر بأن الزيارة متاحة، ومرّ بقرار رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير داخليته أرييه درعي منع النائبتين، وانتهى إلى التراجع جزئياً والسماح للنائبة طليب بالدخول لأسباب «إنسانية» تتصل بزيارة جدّتها وهذا ما رفضته طليب لأن سلطات الاحتلال كانت تنوي إخضاعها لشروط مذلة.
وليست طارئة سياسات التمييز المختلفة التي تمارسها حكومة الاحتلال بصدد الزيارات إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما أنها لا تقتصر على حاملي جوازات السفر الأمريكية والأوروبية من أصول فلسطينية، إذ سبق أن منعت دخول شخصيات أمريكية بارزة، وبينهم يهود، مثل نعوم تشومسكي ونورمان فنكلستين وسايمون زمرمان وأرييل غولد وبيتر بينارت، بذرائع مختلفة. في المقابل، ظل أشخاص مساندون للحركات النازية الجديدة ومشتبه بارتكابهم انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وجرائم حرب وجرائم، مثل دوتيرتي من الفليبين وفيكتور أوربان من هنغاريا وجايير بولسونارو من البرازيل، مطلقي السراح في سياحاتهم الإسرائيلية المختلفة.
لكن الجديد هذه المرة هو تطبيق المنع على نائبتين منتخبتين إلى أعلى سلطة تشريعية في الولايات المتحدة، القوة العظمى المدافعة عن دولة الاحتلال في شتى المحافل الدولية، والتي تزودها بمساعدات تبلغ مليارات الدولارات من جيوب دافعي الضرائب الأمريكيين. الجديد الثاني هو تدخل الرئيس الأمريكي شخصياً لحث حكومة الاحتلال على منع النائبتين من دخول فلسطين المحتلة، في سابقة فاضحة لا مثيل لها على امتداد تاريخ الولايات المتحدة، وعلى نحو سافر بلغ درجة قصوى من الوقاحة والفظاظة. ولم يكتف دونالد ترامب بابتزاز نتنياهو، معتبراً أن السماح بالزيارة سوف يكون علامة ضعف لأن النائبتين معاديتان للسامية وتكرهان جميع اليهود، بل ذهب أبعد فهاجم النائبة طليب بطريقة سوقية واعتبر أنها حاكت مؤامرة ضد الحكومة الإسرائيلية، وأن جدتها سوف تكون الفائز الأكبر لأنها لن تضطر إلى رؤية حفيدتها.
ولكن سرعان ما اتضحت هوية الظافر الحقيقي في معركة ترامب/ نتنياهو ضد عمر/ طليب، إذ صدرت انتقادات من جانب شخصيات أمريكية سياسية وعامة عُرفت بأنها الأكثر دفاعاً عن دولة الاحتلال وانحيازاً إليها، بمن فيهم يهود أمثال السناتور شاك شومر والمرشح الرئاسي السابق جو ليبرمان، إلى جانب جمهوريين مخضرمين على شاكلة السناتور ماركو روبيو. هذا بالإضافة إلى واقعة نادرة هي اضطرار منظمة «أيباك» ذاتها، وهي مجموعة الضغط الأبرز المؤيدة لدولة الاحتلال في أمريكا، إلى انتقاد قرار المنع علانية.
من جانبها لم تتردد صحيفة «نيويورك تايمز» في شن هجوم لاذع على ترامب، فكتبت في افتتاحيتها أن «من الصعب هضم فكرة قيام رئيس أمريكي بالضغط على إسرائيل لحرمان نائبتين في الكونغرس الأمريكي من زيارة فلسطين. ولكن تهديد العلاقة الخاصة مع إسرائيل لخدمة مصالحه ودغدغة مشاعر المتعصبين في قاعدته الانتخابية والاعتماد بوقاحة على زعيم أجنبي كي يعاقب منافسيه السياسيين، يظهر حمقا وقلة احترام للمبادئ الديمقراطية».
ولم يكن عبثاً أن أحد أوجه انتصار عمر/ طليب كانت عودة نظام الأبارتهيد إلى الأذهان، متجسداً هذه الأيام في سياسات الاحتلال الإسرائيلي.

القدس العربي