سماء الشرق الأوسط تزدحم بالطائرات دون طيار

سماء الشرق الأوسط تزدحم بالطائرات دون طيار

من الصحاري الشاسعة في السعودية إلى أحياء بيروت المزدحمة، تجول الطائرات ذاتية القيادة (درون) سماء منطقة الشرق الأوسط وتزيد من مخاطر تصعيد التوترات في المنطقة التي تتداخل فيها القضايا وتتشابك فيها الصراعات.

تحمل هذه الصراعات عنوانا عريضا هو التصعيد بين إيران والولايات المتحدة، لكن خارطته تمتد لتشمل دول المنطقة من السعودية إلى اليمن وسوريا ولبنان والعراق وإسرائيل وغيرها، وصولا إلى المضايق البحرية واستهداف مصالح الدول الغربية أيضا.

وتشهد المنطقة حالة غليان زادت من درجة سخونته موجة عنيفة من الهجمات عبر طائرات ذاتية القيادة أطلقها حلفاء طهران وواشنطن في المنطقة. ومع تزايد عدد هذه الضربات، يصبح خطر التصعيد أكبر.

وعملت المزايا التي تتمتع بها الطائرة دون طيار وحجمها الصغير، بما يكفي لتفادي أنظمة الدفاع الجوي، على الاستعانة بها وسط حملات الضغط القصوى التي تمارسها إيران والولايات المتحدة.

من الصحاري الشاسعة في السعودية إلى أحياء بيروت المزدحمة، تجول الطائرات ذاتية القيادة في سماء منطقة الشرق الأوسط لتزيد من تصعيد التوترات

وشن الجيش الأميركي غارات جوية على إيران بعد سقوط طائرة استطلاع عسكرية أميركية في يونيو الماضي. وتقوم الطائرات المقاتلة الإسرائيلية بهجمات على أهداف في سوريا بشكل أسبوعي، آخرها ليلة السبت الماضي بزعم إحباط ما أسمته إسرائيل ضربة إيرانية مخططة عبر طائرة دون طيار.

وفي خضم هذا الجدل، فتحت جبهة جديدة سماءها وهذه المرة في بيروت، لقد طارت طائرة إسرائيلية فوق العاصمة اللبنانية الأحد الماضي بعد زعم إسرائيل بأنها فقدت طائرتين ذاتيتي القيادة، مما أعاد الجدل حول نشوب صراع أوسع بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.

وفي مساء الأحد نفسه، ضربت غارة أخرى بطائرة دون طيار قوة شبه عسكرية تدعمها إيران في العراق، مما أسفر عن مقتل قائد وإصابة آخر. ولم يتضح على الفور من نفذ هذا الهجوم.

وفي شهر مايو الماضي، أرسلت الولايات المتحدة قاذفات بي 52 ذات القدرة النووية، وطائرات مقاتلة، وحاملة طائرات وقوات إضافية إلى المنطقة. وذلك بعد أن استهدفت ناقلات نفط قرب مضيق هرمز بفجيرها.

تبعت ذلك هجمات طائرات دون طيار شنتها قوات المتمردين الحوثيين. ويقول خبراء الغرب والأمم المتحدة إن الطائرات التي يستخدمها الحوثيون تشبه تماما النماذج التي تستخدمها إيران.

الدرون

وفي الشهر الماضي، استهدفت غارة إسرائيلية مشتبه بها في العراق قاعدة للميليشيات الشيعية المتحالفة مع إيران، فيما يعد أول هجوم تنفذه إسرائيل بالعراق منذ عام 1981. واعترفت إسرائيل بضرب سوريا ليل السبت الماضي، في ما وصفته بهجوم وقائي. وقال الجيش السوري إنه منع إيران من توجيه ضربة باستخدام طائرات ذاتية القيادة للهجوم بها على إسرائيل.

وتقول إسرائيل إن الطائرات التي كانت تستهدفها في سوريا معروفة لدى الخبراء بأنها تخفي الذخائر وتشبه تلك التي يستخدمها الحوثيون. حيث تطير الطائرة ذاتية القيادة الحاملة للقنابل إلى جهة محددة، ومن المحتمل أن تكون مبرمجة قبل رحلتها، ثم تنفجر إما في الهواء فوق الهدف أو على هدف حين يستهدفها.

وصاغ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي يسعى لإعادة انتخابه في سبتمبر، عبارة تلمودية عن الدفاع عن النفس بعد الهجوم “إذا قام شخص ما بمحاولة قتلك، فاقتله أولا”.

وأصدر الجيش الإسرائيلي الأحد الماضي خارطة لما وصفه بأنها طرق الإمداد الإيرانية لتوصيل الطائرات إلى سوريا. وشمل ذلك ما وصفته إسرائيل بأنه موقع إطلاق طائرة ذاتية القيادة في قرية عقربة السورية، بالإضافة إلى موقع آخر في قرية أرنة حيث يُزعم أن محاولة إطلاق سابقة قد أُحبطت الخميس الماضي.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، جوناثان كونريكوس، إن إسرائيل كانت تراقب النشاط منذ أسابيع، وضربت عندما أصبح واضحا بأن الحرس الثوري الإيراني يعتزم إطلاق الطائرة. وقال إنه من الأسهل تدمير الطائرات ذاتية القيادة، التي تتسم بالمرونة وبصعوبة اكتشافها لمجرد نقلها جوا، حينما لا تزال واقفة على الأرض.

الدرون

وقال “نحن نعرف أن قوة القدس قضت الكثير من الجهد والوقت في محاولة لتنفيذ هذه الخطة”. ونفت إيران أن الضربات الإسرائيلية في سوريا ألحقت أضرارا بقواتها. وقال أحد أفراد الحرس الجمهوري، محسن رضائي “إنها كذبة”، وفقا لوكالة “إلنا” الإيرانية الإخبارية. ومع ذلك، أضاف رضائي أن “المدافعين عن سوريا والعراق سيردّون على ذلك قريبا”.

ويوضح رد فعل رضائي مدى الخطر المتصاعد لضربات الطائرات دون طيار. فبين عشية وضحاها في لبنان، تحطمت طائرة إسرائيلية ذاتية القيادة في بيروت بينما انفجرت طائرة أخرى على سطح مبنى في بيروت حيث يقع المكتب الإعلامي لحزب الله.

ووصفت بيروت العملية الإسرائيلية بأنها عمل عدواني. وسارع حزب الله إلى القول إنه لم يطلق النار على أي من الطائرات ذاتية القيادة، مما يؤكد حرصه على تجنب التصعيد مع جارته الجنوبية. ومع ذلك، فإن التطورات تشكل تحديا مباشرا لحزب الله، الذي لم يتعافَ بعدُ من تداعيات تدخله في الحرب بسوريا.

لا يرغب حزب الله، الذي يعتبر جزءا من حكومة وحدة وطنية هشة تكافح للتعامل مع أزمة اقتصادية ومالية خطيرة، في أن يُنظر إليه على أنه جرّ البلاد إلى حرب مدمرة أخرى مع إسرائيل، ولكنه قد يشعر بضغوط للرد على تصرفات الإسرائيليين المستفزة.

ويقول خبراء إن حزب الله قد يتبع نفس أسلوب الحوثيين من حيث استعمال الطائرات المسيرة وهو الذي يملك أسطولا من هذه الطائرات. وتشير مؤسسة جايمس تاون البحثية إلى أن أسطول حزب الله من الطائرات دون طيار طرح تهديدا ما ينفك يتصاعد لدى الأمن الإسرائيلي على خاصة وأن الحرب السورية مكنت الحزب من تطوير واختبار طائراته المسيرة.

العرب