بيروت – لم يعد أمام الشابات الإثيوبيات المعتصمات منذ أيام سوى البكاء بعدما فقدن كل شيء: تحصيل حقوقهن والعودة إلى بلادهن.
وبحسب ناشطين ومجموعات مدافعة عن حقوق العمال الأجانب، تكررت مؤخراً ظاهرة تسريح العاملات أو إعادتهن الى المكاتب التي استقدموهم عبرها من دون حتى دفع رواتبهم.
وسعت الحكومة اللبنانية لتأمين مأوى مؤقتاً لـ35 عاملة اثيوبية كن ينمن أمام قنصلية بلدهن بعدما فقدنّ أماكن إقامتهنّ، كما أعلنت أنها ستلاحق أصحاب العمل الذين تخلفوا عن دفع مستحقات العاملات في خضم انهيار إقتصادي متسارع.
وكتبت وزيرة العمل اللبنانية لميا يمين ليل الأربعاء الخميس على حسابها الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي تويتر تم تأمين فندق للعاملات الأثيوبيات الموجودات أمام القنصلية الأثيوبية”، مؤكدة أنه سيتم “اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق أصحاب العمل المقدمين على هذا الانتهاك الإنساني”.
وأوضح المسؤول الإعلامي في وزارة العمل حسين زلغوط أنه جرى ليل الأربعاء الخميس نقل 35 عاملة أثيوبية في حافلتين إلى فندق في بيروت بانتظار التوصل إلى حل بشأنهن.
وقال “اتخذنا هذا الإجراء لإخراجهنّ من الشارع ونحن الآن على تواصل مع منظمات دولية والقنصلية الاثيوبية لنجد حلاً”.
ويشهد لبنان منذ نهاية الصيف انهياراً اقتصادياً متسارعاً هو الأسوأ منذ عقود. ويتزامن مع شحّ في الدولار وقيود مصرفية مشددة، ما جعل شريحة واسعة من اللبنانيين الذين يستقدمون عمالاً أجانب للخدمة المنزلية أو لمؤسساتهم، عاجزين عن دفع الرواتب بالدولار.
وبات بعضهم يدفع بالليرة اللبنانية التي تدهورت قيمتها وبات تحويلها الى الدولار عملية خاسرة للعمال الذين يرسلون الأموال الى عائلاتهم.
واعتمد اقتصاد لبنان لسنوات على أموال المهاجرين التي أعادت البنوك ضخها لتمويل حكومة يحاصرها الهدر والفساد وسوء الإدارة. لكن النظام انهار عندما نضب تدفق المال واندلعت مظاهرات مناوئة للحكومة في أكتوبر من العام الماضي، لتواجه الدولة فجوة هائلة في ميزان المدفوعات ونسبة دين تبلغ 176 بالمئة من الناتج الإجمالي.
وبات بعضهم يدفع بالليرة اللبنانية التي تدهورت قيمتها وبات تحويلها الى الدولار عملية خاسرة للعمال الذين يرسلون الأموال الى عائلاتهم.
وخلال الأسابيع الماضية، بدأت العشرات من العاملات الأثيوبيات بالتوافد إلى قنصلية بلدهنّ رغبة بالمغادرة، ومنهن من اضطر للنوم في العراء أمامها بعدما أخرجنّ من عملهنّ.
وعمد بعض أصحاب العمل، وفق منظمة العفو الدولية، إلى طرد العاملات لديهن من دون دفع رواتبهن او إعادة جوازات السفر او وثائقهنّ الرسمية.
وأوضح زلغوط أنه “ستتم ملاحقة أصحاب العمل، الذين ثبت أنهم رموا العاملات أمام القنصلية، قانونياً. كما ستُوضع أسماؤهم على لائحة سوداء تمنعهم من توظيف عاملات أجنبيات في المستقبل”، كما أكد حرص الوزارة لضمان أن يدفع أصحاب العمل المستحقات المفروضة عليهم للعاملات قبل مغادرتهنّ لبنان.
وبدأ لبنان الشهر الماضي تسيير رحلات “عودة طوعية” للعمال الأجانب المتضررين جراء الأزمة إلى بلدانهم بالتنسيق مع سفارات بلادهم مع استمرار إغلاق المطار في إطار إجراءات مواجهة وباء كوفيد – 19.
وفي 21 مايو، جرى ترحيل عشرات العمال الأثيوبيين.
ويعيش في لبنان أكثر من 250 ألفاً من عمال الخدمة المنزلية، بينهم أكثر من 186 ألف امرأة يحملن تصاريح عمل تتحدر غالبيتهن العظمى من إثيوبيا، بالإضافة إلى الفيليبين وبنغلادش وسريلانكا.
وغالباً ما تندّد منظمات حقوقية بنظام الكفالة المتبع في لبنان والذي يمنح أصحاب العمل “سيطرة شبه كاملة” على حياة العاملات الأجنبيات، ويجعلهن عرضة لكل أشكال الاستغلال وسوء المعاملة مقابل رواتب ضئيلة تتراوح بين 150 و400 دولار.
وقال هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، “هؤلاء النساء هنّ من بين الأكثر تهميشاً في المجتمع، ويرزحنّ اليوم تحت وطأة الأزمة الاقتصادية التي فاقمها وباء كوفيد – 19”.
وأضافت “لا يمكن أن تتجاهل الحكومة اللبنانية محنتهنّ”.
العرب