إيران تستعرض بالمناورات والصواريخ وقطر تتحدث عن مصالحة

إيران تستعرض بالمناورات والصواريخ وقطر تتحدث عن مصالحة

الدوحة – أثارت الدعوة الجديدة التي أطلقها الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، وزير الخارجية القطري، لإجراء حوار بين دول الخليج وإيران تساؤلات عن جدوى الحوار في ظل استمرار الأخيرة في المناورات واستعراض الصواريخ طويلة المدى والمسيّرات التي تهدد أمن الخليج، وعن جدوى مساعي الدوحة إلى توسيع دائرة المصالحة لتشمل إيران.

وقال الشيخ محمد بن عبدالرحمن لتلفزيون بلومبيرغ إنه “يأمل أن يحدث هذا وما زلنا نعتقد أن هذا يجب أن يحدث”.

وأضاف “هذه أيضا رغبة تشاركها دول أخرى في مجلس التعاون الخليجي”.

وتابع “قطر ستقوم بتسهيل المفاوضات” حال طلبت منها الأطراف المعنية ذلك، مؤكدا أن بلاده “ستدعم من يتم اختياره للقيام بذلك”.

وتأتي هذه التصريحات بعد أسبوعين على مصالحة خليجية أنهت خلافا بين قطر وأربع دول (السعودية ومصر والإمارات والبحرين) استمر ثلاث سنوات ونصف السنة.

ويرى متابعون للشأن الخليجي أن الدعوة القطرية الجديدة ليس لها ما يبررها على أرض الواقع، خاصة أنه لا توجد تصريحات علنية لدولة خليجية تعبر فيها عن الاستعداد لإجراء حوار مع إيران، وخصوصا السعودية المعنية مباشرة بملف إيران.

وعلى العكس من ذلك، يشير المتابعون إلى وجود تناقض صارخ في هذه الدعوة؛ فهي تأتي في وقت تقوم فيه إيران بتهديد أمن الخليج وأمن الملاحة الدولية، كما تهدد عمليات تصدير النفط من خلال استعراض القوة على مدى الأيام الماضية، عبر مناورات مختلفة أظهرت فيها طهران أنها تخطط لسباق تسلح ولا تفكر في أي تهدئة مع جيرانها.

وتجري المناورات، التي تستمر يومين، بمشاركة ألوية مجوقلة وقوات خاصة وقوات التدخل السريع، مع دعم وإسناد من القوة الجوية وطيران الجيش.

والسبت أعلنت إيران عن اختبار صواريخ بالستية طويلة المدى، هادفة إلى مهاجمة حاملات الطائرات والسفن الحربية، وقبل ذلك أقامت مناورات استعرضت فيها الطائرات المسيّرة، وهي مناورات تظهر رغبة واضحة في التصعيد بما يثير حالة من القلق في المنطقة.

ولم يعد يُفهم استعراض القوة، الذي بدا في المناورات الأخيرة، على أنه يوجّه رسائل إلى السعودية وحدها كقوة إقليمية تتناقض مصالحها مع إيران، وإنما صارت رسائله موجهة إلى الجميع بمن في ذلك أولئك الذين يدافعون عن إيران وبرنامجها النووي ويدفعون إلى الحوار معها ويعارضون قرار إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب بالضغط عليها عبر العقوبات.

ولعل أبرز ما يمكن الإشارة إليه منذ انطلاق مبادرة المصالحة هو الإصرار القطري على جعل إيران جزءا من المصالحة، على الرغم من التحذيرات الواضحة التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في قمة العلا من أن الخطر الإيراني هو الخطر الداهم في المنطقة.

وكان ولي العهد السعودي أكد في القمة الخليجية التي عقدت في العلا على ضرورة “توحيد جهودنا للنهوض بمنطقتنا ومواجهة التحديات التي تحيط بنا، خصوصًا التهديدات التي يمثلها البرنامج النووي للنظام الإيراني وبرنامجه للصواريخ البالستية ومشاريعه التخريبية الهدامة”.

ورفضت دول خليجية على رأسها السعودية دعوات كثيرة من النظام الإيراني إلى الحوار، كونها دعوات شكلية لا تتضمّن أي إشارات إلى تغيير في السياسات الإيرانية المهدّدة لاستقرار المنطقة وأمن دولها.

وتساءل المتابعون عما يدفع الدوحة إلى عرض مبادرة مصالحة مع إيران في هذا التوقيت بالذات، وهي تعرف أنها مبادرة بلا معنى، لافتين إلى أن قطر تفكر في استثمار مثل هذه الدعوات لإظهار نفسها في صورة الدولة التي تمتلك مبادرات وتأثيرا دبلوماسيا بقطع النظر عن إمكانية تحقيق نتائج إيجابية من عدمها.

ولا تخفي قطر رغبتها في مكافأة الدول التي وقفت إلى جانبها خلال المقاطعة، مثل إيران وتركيا، بأن تضمها إلى المصالحة وتستفيد من مزاياها.

ويأتي الكشف عن موقف قطر من إيران قبل أيام من انتقال جو بايدن إلى البيت الأبيض مع وعد بإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران والقوى العالمية والتراجع عن حملة “الضغط القصوى” التي حظيت بدعم الرياض ضد طهران.

وفي ما يتعلق بالمحادثات المحتملة بين الولايات المتحدة وإيران، قال وزير خارجية قطر “نريد الإنجاز، نريد أن نرى هذا الاتفاق، وأيا كان من يدير هذه المفاوضات، فإننا سندعمه”.

وتابع “نحن في قطر نتطلع إلى الأمام، ولسنا بحاجة إلى أن نظل رهينة الماضي”.

ومن الواضح أن الدوحة من خلال هذه المبادرة تعرض خدماتها على إدارة بايدن كجهة قادرة على التأثير إقليميا في تكرار لتجربتها مع إدارة باراك أوباما حين أظهرت تحكمها في الجماعات الإسلامية المتشددة، وخاصة الإخوان المسلمين، وكانت وراء تصعيدهم لقيادة “الربيع العربي” في سياق التناغم مع واشنطن.

لكن التجربة فشلت لاحقا، وتسبب التحالف مع الإسلاميين في متاعب كثيرة لقطر لعل أبرزها اضطرار جيرانها إلى مقاطعتها لأكثر من ثلاث سنوات.

العرب