وافق الثلاثاء مجلس صيانة الدستور، وهو هيئة تزكي الترشيحات للانتخابات ويشرف عليها الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي مباشرة، على ترشح رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي المنتمي لتيار غلاة المحافظين لانتخابات الرئاسة، بينما استبعد بعضا من كبار منافسيه المحتملين ومن بينهم رئيس البرلمان السابق علي لاريجاني.
وتزيد هذه الخطوة على الأرجح من فرص نجاح رئيسي الحليف المقرب من خامنئي، فيما تضعف آمال لاريجاني منافسه الأبرز وسط استياء شعبي متزايد بسبب حالة الاقتصاد الذي أصابته العقوبات الأميركية بالشلل.
ويملك مجلس صيانة الدستور صلاحيات واسعة لإبعاد من يراهم “أعداء الثورة الإسلامية” أو لأسباب أخرى يُحجم عادة عن الإفصاح عنها.
ويضم المجلس المؤلف من 12 عضوا ستة من كبار رجال الدين يعيّنهم المرشد الأعلى. أما الأعضاء الستة الآخرون فهم محامون يرشحهم رئيس القضاة ويتم تعيينهم بعد الحصول على موافقة البرلمان. ويسيطر على البرلمان حاليا المتشددون الموالون لخامنئي وللحرس الثوري بـ90 نائبا.
وإلى جانب لاريجاني وهو محافظ معتدل، استبعد مجلس صيانة الدستور الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد وإسحاق جهانجيري البراغماتي الذي يشغل منصب النائب الأول للرئيس حسن روحاني وهو حليف له.
وألقى روحاني وحلفاؤه المعتدلون باللائمة على العقوبات الأميركية في معظم المتاعب الاقتصادية وأعطوا الأولوية القصوى للمحادثات الهادفة إلى إحياء اتفاق إيران النووي مع الدول الكبرى والذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
إسحاق جهانجيري: استبعاد كثير من المؤهلين تهديد جسيم للمشاركة الشعبية
إسحاق جهانجيري: استبعاد كثير من المؤهلين تهديد جسيم للمشاركة الشعبية
لكن المحافظين والغلاة منهم حلفاء خامنئي حملوا الحكومة وحدها المسؤولية عن المتاعب الاقتصادية وأصروا على أنه لا يمكن الثقة بواشنطن في الوفاء بأي اتفاق.
ووافق مجلس صيانة الدستور على ترشح سبعة فقط من بين 40 توافرت فيهم شروطه الأساسية وذلك من بين ما يقرب من 600 سجلوا أنفسهم للترشح.
ومن بين السبعة كبير المفاوضين النوويين السابق سعيد جليلي ومحسن رضائي الرئيس السابق للحرس الثوري وهو محافظ رشح نفسه للمنصب في مرات سابقة. ومن بين المرشحين السبعة أيضا محافظ البنك المركزي عبدالناصر همتي وهو معتدل غير بارز.
وفي بيان نشرته وسائل إعلام محلية قال جهانجيري حليف روحاني “استبعاد كثير من المؤهلين تهديد جسيم للمشاركة الشعبية والمنافسة النزيهة بين الاتجاهات السياسية، خاصة الاتجاه الإصلاحي”.
وحتى رئيسي نفسه بدا معترضا على خطوة الاستبعاد واسعة النطاق التي اتخذها مجلس صيانة الدستور.
وكتب رئيسي على تويتر “عندما أُبلغت بالنتائج الخاصة بالقبول أجريت اتصالات وأجري مشاورات لجعل المشهد الانتخابي أكثر ثراء من حيث المنافسة وحجم المشاركة”.
وقال لاريجاني الذي أعلن تأييده للاتفاق النووي ومحادثات إحيائه إنه يقبل قرار مجلس صيانة الدستور.
وقال على تويتر “الآن وقد جرى أمر العملية الانتخابية على هذا النحو، فإني قمت بواجبي أمام الله وبلادي العزيزة”.
وفي كلمة أمام البرلمان أذاعتها وسائل إعلام محلية وجه النائب علي رضا بيجي انتقادا لاذعا لاستبعاد أحمدي نجاد، وقال إن قوات الأمن طوقت منزل الرئيس السابق الذي يتمتع بشعبية حتى بعد أن حث مؤيديه على التزام الهدوء. وأحمدي نجاد من غلاة المحافظين.
ويتوقع محللون على نطاق واسع أن يحل رئيسي محل الرئيس الإصلاحي حسن روحاني الذي تضاءلت فرص تياره في الفوز بالانتخابات بعد فوز المحافظين بالانتخابات التشريعية العام الماضي.
وتُجمع مجموعة من القراءات السياسية على أن علاقة رئيسي الوثيقة بخامنئي وشعبيته النسبية التي حصدها من حملته التلفزيونية لمكافحة الفساد تجعلانه المرشح المفضل في انتخابات يعتقد محللون أن المتشددين يتمتعون بحظوظ وافرة للفوز فيها.
وروّج المرشد الإيراني ومن خلفه الحرس الثوري لانتخاب رئيسي بوصفه يمثل المصلحة الإيرانية المتشددة تجاه الغرب في مفاوضات إعادة البرنامج النووي.
ويرى رئيسي أن المحادثات مع القوى العالمية لرفع العقوبات الأميركية عن إيران لا طائل من ورائها، ويقول “بعض السياسيين يعقدون الآمال على جلسات لمعرفة ما يمكن أن يحصلوا عليه من الغرب، إلا أنني أنصحهم بعقد جلسات منزلية أفضل لهم لحل المشاكل”.
ويعبّر هذا الرأي عن وجهة نظر المتشددين الذين يعتقدون أن رئيسي يتمتع بجاذبية واسعة.
ويحظى رئيسي الذي يشغل منذ 2019 منصب رئيس السلطة القضائية بقاعدة شعبية وازنة، ونال في انتخابات 2017 نحو 38 في المئة من الأصوات، لكن ذلك لم يحل دون فوز روحاني بولاية ثانية. ويقول مراقبون إن علاقة رئيسي الوثيقة بنخبة الحرس الثوري تعني أنه في وضع قوي.
ويُعرف رئيسي بآرائه المحافظة والمتشددة. وسبق لمنظمات حقوقية ومعارضين خارج البلاد أن اتهموه بأداء دور ضمن مهامه كمدعٍ عام مساعد للمحكمة الثورية في طهران في إعدام المئات من السجناء دون محاكمة في نهاية الثمانينات من القرن الماضي.
صحيفة العرب