قالت السلطات الصحية في العراق إن عدد قتلى حريق مستشفى الحسين في مدينة الناصرية جنوبي البلاد ارتفع إلى 83، لافتة إلى أن الحصيلة مرشحة للارتفاع بسبب وجود مفقودين، فيما اتسعت الاحتجاجات في المدينة عقب الفاجعة والتي نددت بالطبقة السياسية وتردي القطاع الصحي.
وذكرت دائرة صحة محافظة ذي قار، التي تتبع لها الناصرية (300 كيلومتر جنوب بغداد)، أن عدد قتلى الحريق الذي شب مساء أمس في مستشفى الحسين بلغ حتى الساعة 83، فضلا عن إصابة 110 آخرين.
وقال المتحدث باسم دائرة صحة ذي قار عمار الزاملي، لوكالة الأناضول، اليوم الثلاثاء، إن من المرجح في الساعات المقبلة أن تزيد أعداد ضحايا الحريق الذي طال المستشفى المخصص لعزل المصابين بفيروس كورونا، وذلك بسبب وجود عدد من المفقودين، يصل إلى ثمانية.
ونقلت وكالة رويترز عن مسؤولين صحيين أن عدد القتلى يشمل رفات 21 جثة متفحمة لم يتم التعرف بعد على هويات أصحابها، وأظهرت صور عشرات الجثث مسجاة بالمستشفى، في وقت تحاول فيه السلطات التعرف على هوية أصحابها قبل تسليمها إلى ذويها الذين تجمعوا في المكان منذ اندلاع الحريق، وقد سُلمت بعض الجثث بالفعل وسط أجواء طغى عليها الحزن والغضب.
وأضاف المتحدث نفسه أن حريق المستشفى شب في غرفة أسطوانات الأكسجين، موضحا في تصريح للجزيرة أن الحريق سببه استخدام خاطئ لأسطوانات الأكسجين، وأن عدم القدرة على السيطرة على الحريق في بدايته أدى إلى اتساع رقعته.
تحقيق وحداد
ووجه محافظ ذي قار أحمد غني الخفاجي بتشكيل لجنة عليا للتحقيق في ملابسات الحريق، وأفاد مراسل الجزيرة باستقالة مدير صحة ذي قار من منصبه على خلفية حريق مستشفى الحسين، كما أعلن المحافظ الحداد في ذي قار على ضحايا الحريق، وتعطيل الدوام الرسمي بها لمدة 3 أيام بدءا من اليوم.
وقررت الحكومة، بعد اجتماع طارئ، البدء بتحقيق عالي المستوى، للوقوف على أسباب حريق مستشفى الناصرية، إضافة إلى حجز مدير صحة محافظة ذي قار، ومديرَيْ المستشفى والدفاع المدني، وإخضاعهما للتحقيق. كما وجهت مختلف الوزارات بإرسال مساعدات طبية وإغاثية عاجلة إلى محافظة ذي قار، فضلا عن إرسال أصحاب الإصابات الخطيرة للعلاج بالخارج.
واحتجاجا على فاجعة الناصرية، خرج مئات العراقيين مساء أمس وصباح اليوم في مظاهرات بالمدينة، حيث رشقوا قوات الأمن بالحجارة قرب مستشفى الحسين. ونقلت وكالة الأناضول عن شهود أن المتظاهرين أغلقوا 3 مستشفيات خاصة بالناصرية، معتبرين أنها تشكل أذرع الفساد في القطاع الصحي. وأشار الشهود إلى أن المتظاهرين أغلقوا أيضا العيادة الخاصة لمدير عام الصحة في ذي قار صدام صاحب الطويل.
إغلاق طرق
وأغلق المحتجون صباح الثلاثاء طرقا مؤدية إلى الكثير من المستشفيات في الناصرية، وعلقوا لافتات كتب عليها “مغلق بأمر الشعب”، مطالبين بنقل المرضى إلى مستشفى تركي جديد يضم 500 سرير تولت تركيا بناءه بأموال عراقية وجرى افتتاحه في يونيو/حزيران الماضي، لكنه ما زال غير مستخدم حتى الآن.
وشهدت محافظة ذي قار وعاصمتها الناصرية، صباح الثلاثاء مواكب تشييع لضحايا قضوا في الحريق، وجرى في أحد هذه المواكب تشييع 6 ضحايا من عائلة واحدة، هم امرأتان و3 أشقاء وابن عمهم، في قضاء الدواية شرق الناصرية، حسب ما ذكره مراسل وكالة الصحافة الفرنسية.
من ناحية أخرى، يخصص البرلمان العراقي جلسته اليوم لمناقشة حريق مستشفى الحسين، وقال رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، في تغريدة، إن فاجعة مستشفى الحسين “دليل واضح على الفشل في حماية أرواح العراقيين”، معتبرا أنه آن الأوان لوضع حد لهذا الفشل الكارثي.
وقال رئيس “تحالف الفتح” في البرلمان هادي العامري إن حوادث حرائق المستشفيات لا يمكن أن تستمر دون معالجة حقيقية حكومية، ودعا العامري البرلمان العراقي إلى “تحمل مسؤوليته في الإشراف ومراقبة العمل الحكومي ووضع حد لمعاناة المواطنين، وطالب حزب الدعوة الحكومة بتحمل المسؤولية في الكشف السريع عن أسباب هذا الحادث ومحاسبة المقصرين بأشد العقوبات.
مواقف دولية
وقال السفير الأميركي في بغداد ماثيو تولر، في بيان، إن بلاده ما تزال تواصل الدعم للشركاء العراقيين، مشددا على وقوف الولايات المتحدة، مع ذوي القتلى، والكوادر الطبية التي تعمل على مساعدة الجرحى، كما قالت بعثة الأمم المتحدة في العراق يجب على الحكومة بذل مزيد من الجهود لضمان حصول جميع العراقيين على الرعاية في بيئة آمنة.
وتأتي مأساة مستشفى الحسين بعد شهرين ونصف الشهر على مقتل أكثر من 80 شخصا بحريق مماثل اندلع في مستشفى ابن الخطيب في بغداد، وذكرت مديرية الدفاع المدني حينها أن الحريق بدأ بانفجار أسطوانة أكسجين، وأن المستشفى كان خاليا من منظومة حريق.
وإثر تلك الحادثة، قدّم وزير الصحة -حينها- حسن التميمي استقالته، وفَرضت لجنة تحقيق حكومية عقوبات انضباطية على مسؤولين إداريين بالمستشفى.
المصدر : الجزيرة + وكالات