يثير احتمال تأجيل الانتخابات البرلمانية المبكرة في العراق، المقررة في 10 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، مخاوف من أن يؤدي إلى دخول البلاد في فراغ تشريعي خطير خصوصاً إذا سبقه حلّ البرلمان العراقي. وكان البرلمان قد صوّت في 1 إبريل/ نيسان الماضي، على حلّ نفسه في 7 أكتوبر المقبل، وجاء التصويت بعدما تم تحديد موعد الانتخابات، أي أن حلّ البرلمان يكون قبل إجرائها بثلاثة أيام. إلا أن مقاطعة عدد من القوى السياسية للانتخابات المبكرة، ودفع بعض منها وقوى أخرى باتجاه تأجيل هذا الاستحقاق، وهو أمر أصبح مطروحاً بجدية، أثارا مخاوف رئاسة البرلمان من محاولة استغلال القرار بالدفع نحو إدخال البلد في الفراغ التشريعي.
ومنذ نحو شهرين، لم يعقد البرلمان أي جلسة رسمية له، إذ أخفقت محاولات سابقة في عقد جلسات رسمية بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، فضلاً عن أن انشغال غالبية القوى السياسية بالحملات الدعائية للانتخابات، أسهم في سفر الكثير منها لمحافظاتها ومدنها وترك العاصمة بغداد.
منذ نحو شهرين، لم يعقد البرلمان أي جلسة رسمية له
وحول هذه التطورات، قال عضو بارز في البرلمان العراقي، طلب عدم ذكر اسمه، لـ”العربي الجديد”، إن “رئاسة البرلمان اتفقت على عدم عقد أي جلسة للبرلمان لحلّ نفسه إلا في حال تم تثبيت إجراء الانتخابات”، مشيراً إلى أن “بعض القوى أثارت إمكانية حلّ البرلمان مع تأجيل الانتخابات، وهو ما قد يُدخِل العراق في فراغ تشريعي. ما دفع رئاسة البرلمان إلى الاتفاق مع بعض القوى الكبيرة على عدم حلّه إلا قبل تحديد موعد إجراء الانتخابات بموعدها الحالي أو الجديد”. وأكد أن “رئاسة البرلمان تخوفت من محاولات استغلال قرار البرلمان بحلّ نفسه، من قبل بعض الأطراف التي تريد إدخال البلد في دوامة، لذا دفعت باتجاه اتخاذ خطوة تمنع ذلك”.
وأكد نواب أن القانون الذي نصّ على حلّ البرلمان نفسه، غير مرتبط بالموعد الحالي لإجراء الانتخابات، بل متعلق بإجرائها بأي موعد كان، فلا يحلّ البرلمان إلا قبل إجراء الانتخابات بثلاثة أيام. في السياق، شدّد النائب في البرلمان عن “التحالف الكردستاني”، جمال كوجر، في حديثٍ لـ”العربي الجديد” على أن “القانون واضح جداً بأن البرلمان يحلّ نفسه قبل ثلاثة أيام من إجراء الانتخابات، أي أنه في حال تم تأجيل الانتخابات قبل حلّ البرلمان فإن هذا البرلمان سيبقى قائماً”، شارحاً أن “البرلمان لن يُحلّ حتى يتم المضي نحو إجراء الانتخابات، وأن مجرد تحديد موعد جديد لها لا يعني التوجه نحو حلّ البرلمان، بل أن قرار الحلّ يتم شرط إجراء الانتخابات بعده بثلاثة أيام وفقاً لنص القانون”.
وأضاف كوجر أنه “لا يمكن الدخول في فراغ تشريعي، فوجود المؤسسة التشريعية ضروري لعمل الدولة، إذ لا يمكن أن يكون هناك غطاء قانون لأي صرف مالي ولا تمرير المشاريع الضرورية وغيرها، من دون وجود برلمان قائم يصوت عليها”. وأشار إلى أن “السيناريوهات المتوقعة بشأن حلّ البرلمان مرتبطة بإجراء الانتخابات، فالحلّ سيكون قبل إجرائها بثلاثة أيام في أي موعد تكون فيه، سواء تم الإبقاء على الموعد نفسه أو تم التأجيل”، مؤكدا “أهمية احترام خيار الشارع بالذهاب نحو انتخابات مبكرة”.
إلا أن كوجر لم يستبعد “دخول ملف حلّ البرلمان خانة المساومات السياسية، وتضارب الأجندات بين القوى الكبيرة، خصوصاً أننا في بلد غير منظم، ومشتت وفاقد للسيادة، وأن كل الاحتمالات واردة في الدولة العراقية”، محذراً من “مغبة تسييس ملف حلّ البرلمان”.
قرار البرلمان بحلّ نفسه اتُخذ بعدما تم تحديد موعد 10 أكتوبر للانتخابات
ولم يختلف رأي رئيس كتلة “ائتلاف الوطنية”، النائب كاظم الشمري، عن كوجر، موضحاً أن “قرار البرلمان بحلّ نفسه اتُخذ بعدما تم تحديد موعد 10 أكتوبر للانتخابات، لكن هذا لا يعني أن البرلمان سيحلّ في حال تم تأجيل الانتخابات”. وقال الشمري في حديثٍ لـ”العربي الجديد”: “لا يمكن اتخاذ أي خطوات نحو حلّ البرلمان إلا بعد أن يتم ضمان إجراء الانتخابات، وبعكس ذلك سيتم المضي بعمل البرلمان في حال تأجيل الانتخابات”. وشدّد على أنه “لا يمكن أن يكون هناك فراغ تشريعي ودستوري في البلاد، وحلّ البرلمان من دون إجراء الانتخابات سيكون خطيراً، ويُدخِل البلد في نفق مظلم وأزمات خطيرة، لذا فإن حلّ البرلمان يعني حتمية إجراء الانتخابات بعد ثلاثة أيام من ذلك”.
ولم يتمكن البرلمان العراقي منذ نحو شهرين من عقد أي جلسة، بسبب انشغال النواب بحملاتهم الانتخابية، ما أدى إلى تعطيل النصاب القانوني للبرلمان، فيما تسعى رئاسة البرلمان حالياً إلى استئناف جلساته خلال الفترة المقبلة، إذ أكدت أنها بصدد عقد جلساته لتشريع عدد من القوانين الضرورية بدايةَ سبتمبر/ أيلول المقبل.
أكثم سيف الدين
العربي الجديد