واشنطن – طالب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال جلسة استماع في الكونغرس الاثنين باكستان بعدم الاعتراف بالحكومة الأفغانية الجديدة، ما لم تلبّ حركة طالبان توقّعات المجتمع الدولي منها.
وخلال جلسة عقدتها لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي حول الانسحاب من أفغانستان، دعا نواب من الحزبين الجمهوري والديمقراطي إدارة الرئيس جو بايدن إلى المزيد من الحزم في التعامل مع إسلام أباد، التي غالبا ما اتُّهمت على مدار العشرين سنة الماضية بدعم حركة طالبان.
وردّا على دعوة النواب، قال بلينكن “يجب أن نصرّ على أن تلتزم جميع الدول، بما في ذلك باكستان، بما يتوقّعه المجتمع الدولي من حكومة تقودها طالبان قبل منحها أيّ شرعية أو أيّ دعم”.
وأوضح أنّ في طليعة هذه الأولويات وفاء طالبان بوعدها بالسماح لأولئك الذين يريدون مغادرة أفغانستان بأن يفعلوا ذلك، واحترامها حقوق النساء والأقليّات ومكافحتها الإرهاب.
وأعلنت حركة طالبان الأسبوع الماضي تعيين حكومة تصريف أعمال مكونة في الغالب من قيادات الحركة، فيما قالت إنها ستسعى لأن تكون “كافة أطياف الشعب الأفغاني ممثلة في الحكومة المقبلة”.
وتخلو الحكومة التي يرأسها بالوكالة محمد حسن مع نائبيه عبدالغني برادر وعبدالسلام حنفي، من عدة مناصب بقيت شاغرة، لكن الحركة قالت إنها ستملأ الشواغر، وإنها “تقوم بمشاورات لإيجاد الأشخاص المناسبين”.
وقال بلينكن “يجب على باكستان أن تنحاز إلى الغالبية العظمى من أعضاء المجتمع الدولي في العمل على تحقيق هذه الأهداف وتلبية هذه التوقّعات”.
ولفت الوزير إلى أنّ المواقف الباكستانية كثيرا ما كانت في الماضي “مضرّة” بالمصالح الأميركية، لكنّها في بعض الأحيان كانت “مفيدة” لها.
وأعرب بلينكن عن أسفه لأنّ باكستان، الدولة المجاورة لأفغانستان، “وفّرت ملاذا لأعضاء من طالبان، ولاسيّما لأعضاء من حقّاني”، الشبكة الجهادية التي تعتبرها واشنطن جماعة إرهابية والتي أصبحت الآن جزءا من الحكومة الجديدة في كابول.
وفي أثناء نقاشات ساخنة مع المشرعين، دافع بلينكن عن قرار الرئيس الأميركي جو بايدن الانسحاب ورد على اتهامات بأن وزارة الخارجية كان من الممكن أن تبذل المزيد من الجهود للمساعدة في إجلاء الأميركيين والأفغان المعرضين للخطر، قائلا إن الإدارة السابقة لم تضع خطة.
وأشار بلينكن مرارا إلى أن الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب تفاوض مع حركة طالبان بشأن اتفاق الانسحاب، وقال إن إدارة بايدن لم تفكر في التفاوض مرة أخرى بسبب تهديدات من الحركة بالعودة إلى قتل الأميركيين.
وأكد أن “ما من دليل على أن البقاء لفترة أطول كان سيجعل قوات الأمن الأفغانية أو الحكومة الأفغانية أكثر قدرة على الصمود”.
وأضاف “ورثنا موعدا نهائيا، ولم نرث خطة”، في إشارة إلى موافقة إدارة ترامب على سحب كل القوات الأميركية من أفغانستان بحلول الأول من مايو.
ومثُل بلينكن الاثنين أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، ومن المقرر أن يدلي بشهادته الثلاثاء أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، وهو أول مسؤول في إدارة بايدن يدلي بشهادته علنا أمام المشرعين منذ سيطرة طالبان على أفغانستان.
وقال مايكل ماكول، كبير الجمهوريين في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، “الشعب الأميركي لا يحب الخسارة، خاصة أمام الإرهابيين. لكن هذا هو ما حدث”.
وأثنى بلينكن على الإجلاء واصفا إياه بأنه “جهد بطولي” من الدبلوماسيين والجيش والمخابرات، وتعهد بأن تواصل الولايات المتحدة دعم المساعدات الإنسانية لأفغانستان، لكن عبر المنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة وليس طالبان.
وأفغانستان معرضة لأزمة غذاء، كما أنها تواجه جفافا شديدا إلى جانب الاضطرابات السياسية، وقال بلينكن “علينا فعل كل ما بوسعنا لضمان ألا يعاني شعب أفغانستان أكثر مما يعانيه بالفعل”.
وأضاف أنه سيعين مسؤولا كبيرا بوزارة الخارجية تنصب مهمته على جهود دعم المرأة والأقليات في أفغانستان.
وأشار إلى أنه حتى نهاية الأسبوع الماضي، كان حوالي مئة أميركي لا يزالون في أفغانستان ويرغبون في الرحيل.
وأمطر الجمهوريون بلينكن بأسئلة حول ما حدث في مطار كابول خلال الإجلاء، قبل انتهاء مهلة الانسحاب في الحادي والثلاثين من أغسطس.
وكان 13 جنديا أميركيا والعشرات من الأفغان قد قُتلوا في تفجير انتحاري وسط حالة من الفوضى العارمة.
وسبق وأن قال الديمقراطيون إنهم لا يرغبون في أن تقتصر الجلسة على الأشهر السبعة التي تولى فيها بايدن الرئاسة قبل سيطرة طالبان على السلطة، بل يريدونها أن تشمل العشرين عاما التي تدخلت خلالها واشنطن في البلاد، وهي فترة تولى خلالها السلطة رؤساء أميركيون من الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
العرب